حيّان نيّوف
أوضح الأمين العام لحزب الله سماحة السيّد حسن نصر الله بأن قرار المعركة كان فلسطينياً محضاً، وعندما أكد بأن القرار كان سريّاً وتم اخفاؤه عن مكونات وفصائل محور المقاومة فإن المحور لم يزعجه ذلك باعتبار أن السرية كانت شرطاً لنجاح العملية، وألحق ذلك بالقول إن تلك المعركة هي معركة فلسطين وأعادت قضيتها إلى القضية الأولى في العالم ولا علاقة لها بأي ملف إقليمي أو دولي، وحدد السيّد هدفين يتمثلان بوقف العدوان وانتصار المقاومة الفلسطينية، ووجه رسالة تهديد للولايات المتحدة في حال هددت لبنان أو استمرت في العدوان على غزة باعتبارها المسؤولة المباشرة عن العدوان وعن استمراره من خلال رفضها لوقف إطلاق النار، وبارك السيد ما تقوم به المقاومة الإسلامية في العراق على وجه التحديد ضد القواعد والقوات الأميركية في العراق وسورية ومؤخرًا ضد الكيان الصهيوني.
لا شكّ بأن كلام السيد كان كما قال سماحته يتصف بالشفافية والوضوح والغموض في آنٍ معاً، وما يهم المتابع بالتأكيد هو معرفة الجانب الغامض من الخطاب والذي يبحث عنه الجميع من سياسيين ومتابعين ومحللين.
نحاول هنا سبر الجانب الغامض من الخطاب معتمدين على تراتبية الأفكار والمواقف التي طرحها سماحته خلال الخطاب، ومستندين على أن كلامه يجب أن يفهم بشكل دقيق وعميق في ظل اللحظة الحرجة التي وصل إليها الصراع بعد أربعة أسابيع من انطلاق عملية طوفان الأقصى.
لأجل ذلك لا بد من ذكر بعض العناوين التي باتت تشغل اهتمام المشاركين في الصراع أو المتأثرين به سواء في السياسة أو الميدان أو الجوانب الإنسانية.
يمكن تلخيص العناوين المطروحة اليوم بالآتي:
• احتمال توسيع الصراع ليشمل جبهات أخرى أو تحوله إلى حرب إقليمية.
• الوصول لهدنة إنسانية مؤقتة أو وقف إطلاق نار دائم.
• رفع الحصار عن غزة والسماح بدخول المساعدات الإنسانية وقوافل الإغاثة.
• ضمان انتصار المقاومة أو منع “اسرائيل” من الإنتصار.
استنادًا لكل ما ذكرناه يمكن استنباط أحد اهم الجوانب الغامضة في الخطاب وفق الآتي:
1- إن قرار الموافقة على الهدنة أو توسعة الصراع متروك لمن يقود المعركة في غزة، ووفق تقديرات قادة المقاومة هناك للوضع على الأرض من كافة الجوانب الميدانية والإنسانية.
2- إن دور الحزب وبقية مكونات محور المقاومة المتحالفة معه في هذه المعركة بمرحلتها الحالية هو منع انتصار “اسرائيل” أو تحقيق أهدافها أو السماح بهزيمة المقاومة الفلسطينية في غزة، وتخفيف الضغط عنها عبر المشاغلة الميدانية من جبهات عدة، إلى حين أن تقرر المقاومة الفلسطينية غير ذلك، وهو ما عناه السيد عندما تحدث عن نسب إشغال الجيش الإسرائيلي في الشمال على حدود لبنان.
3- إن كل ذلك يعيدنا إلى مصطلح “الإشتباك المتنقل” الذي كنا حريصين على استخدامه وتمييزه بدلا من مصطلح “توسيع الصراع” الذي تسعى الولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين و المطبعين لاستخدامه ويحذرون منه ويدعون لمنع وقوعه ، ليس لخدمة اسرائيل وحمايتها فحسب ، بل لضمان أمن القوات الامريكية في المنطقة.
وبالمختصر؛ أراد السيد القول إن المعركة الحاصة الآن هي معركة فلسطين، لكن ذلك لا يعني بأي حال من الأحوال تجميد معركة طردكم من المنطقة وتحديدًا من العراق وسورية، ولا يمكن منحكم الأمان لوجودكم كقوة احتلال.
أخيراً؛ يمكن القول إن رسالة السيّد بهذا الخصوص قد تلقفتها واشنطن بشكل مباشر التي سارع وزير خارجيتها الذي يجول في المنطقة للقول إن ما يهم الولايات المتحدة الآن هو ضمان عدم توسع الصراع، وكذلك تلقفتها المقاومة الإسلامية في العراق التي كثفت من وتيرة عملياتها في الساعات القليلة التي تلت خطاب السيد في العراق وسورية تأكيدا أن معركتها وإن كانت في جانب منها تهديد بتوسيع الصراع عبر استهدافها للكيان الصهيوني أكثر من مرة، فإنها ايضا معركة ضد الإحتلال الاميركي.