المصدر : جومانا نصر- المركزية
تفسيرات متناقضة يتم تسريبها بالتواتر حول الموقف الفرنسي من مسألة دعم ترشيح سليمان فرنجية أم لا. في العلن ثمة تبرير فرنسي رسمي مفاده أن طرح باريس إسم فرنجية للرئاسة اللبنانية ونواف سلام لرئاسة الحكومة جاء نتيجة التماس فرنسا لخطورة الوضع في لبنان. وعليه بات من الملح والضروري جدا الإسراع في انتخاب رئيس لان الوضع لا يحتمل الانتظار.
ثاني الإعتبارات الملحة من المنظار الفرنسي أن خيار ترشيح فرنجية مع رئيس حكومة سيؤدي حتما إلى القيام بإصلاحات وفرنجية الوحيد المطروح حاليا، لذا عملت باريس عليه، وإلا فليقرر المعارضون للطرح الموجود ترشيح شخصية أخرى.
أوساط معارضة تشير عبر “المركزية” الى أن فرنسا تبلغت إشارات من “زوار” باريس أن المعارضة غير موحدة وهي مربكة بكافة أطيافها وتنتظر موقفا سعودياً للإعلان عن الخطة “ب”. تضيف المصادر أن التطور الوحيد في موقف السعودية من الاستحقاق الرئاسي، وتحديداً طرح “المُساكنة” الذي تسوّق له باريس، تمثل في قول السفير السعودي في بيروت وليد البخاري يعد جولة قام بها على مرجعيات روحية وسياسية وحزبية فور عودته من الرياض للمرة الأولى، إنه ليس لدى السعودية فيتو على أي مرشح. وهو أبلغ من التقاهم تخوّف الرياض من إطالة أمد الفراغ الرئاسي، ودعوتها الجميع الى الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية، بما يسمح للبنان بمواكبة التطورات الكبيرة في المنطقة.
أميركيا تبدو الأمور أكثر وضوحا وإن كانت تميل إلى الحدّية وهذا ما يمكن التماسه من كلام السفيرة الأميركية أمام عدد من المسؤولين اللبنانيين بحيث شددت على ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية قبل تموز المقبل. وأي تلكؤ سيفضي إلى أن يجد لبنان نفسه في عزلة عن المجتمع الدولي. وعن تحديد المعيار الزمني لانتخاب رئيس للجمهورية بشهر تموز تلفت المصادر إلى أن المسألة مرتبطة بانتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة .
الهامش الزمني أشار إليه النائب غسان سكاف الذي يقوم بمبادرة رئاسية منفصلة في المكان والمضمون عن مبادرة نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب عندما قال” متفائل بالوصول الى انتخاب رئيس للجمهورية في حزيران المقبل، بسبب التلميح الاميركي بأن المهلة هي في آخر حزيران، اي قبل انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة”.
ارتكازات مبادرة سكاف أعلن عنها من دون أن يفصح عن نتائجها وهي توحيد المعارضة والاتيان بمرشح واحد، ومطالبة فريق المعارضة الاتيان بمرشح واحد لمواجهة مرشح الفريق الاخر.والأكيد أن المعارضة التي تستمع لأصحاب المبادرات وتستقبل وفودا ديبلوماسية من دول القرار الفاعلة والمؤثرة في الملف اللبناني لا تقف مكتوفة الأيدي ولا تنام على مرشحها النائب ميشال معوض على رغم قناعاتها بامتلاكه المواصفات المطلوبة.
لكن ماذا بعد سقوط التسوية الفرنسية وما هي عدة شغل المعارضة لمواجهة التحدي الذي بات على المحك ولم يعد مبررا الكلام عن التستر عن طرح الأسماء بحجة عدم حرقها. فالبلد احترق ونضجت الأزمة على حساب شعب ومصير وطن؟.
“التسوية الفرنسية وُلدت ميتة مع حفظ النوايا الحسنة . جل ما في الأمر أنها خلقت مشهدية جديدة لتحريك الجمود في الملف الرئاسي” يقول النائب الياس حنكش لـ”المركزية”، إذ لا يمكن فرض أي رئيس لا يعكس إرادة نصف الشعب اللبناني مهما حاولوا ترميمها وتجميلها. أضف إلى ذلك الكتل النيابية المعارضة التي تعتبر أن هذا المعيار من المرشحين – والكلام هنا لا يندرج في إطار الموقف الشخصي من المرشح فرنجية- يعني تمديد عمر الأزمة 6 سنوات جديدة”.
قد تكون حجة الفرنسيين “ضرورة انتخاب رئيس والمجيء بحكومة للقيام بإصلاحات تنقذ البلاد من آتون الأزمات الإقتصادية والمالية والإجتماعية. لكن الصحيح أيضا “أن هناك عدم أهلية لدى الفريق الفرنسي الذي يمسك بالملف الرئاسي اللبناني إذ تتم مقاربته من زاوية المآرب الإقتصادية والتجارية وهذا ما أنتج تسوية على قاعدة رئيس بأي ثمن”. ولا يخفي حنكش الحركة التي تُولدها المبادرات التي يقوم بها كل من سكاف وبوصعب للوصول إلى تفاهمات.
على خط المعارضة يؤكد حنكش “أن هناك أرضية مشتركة بين أكثر من كتلة نيابية للوصول إلى إسم مرشح بديل يتمتع بالمواصفات السيادية للخروج من الجمود الحاصل. وهناك توافق بالإجماع على الخروج بإسم مرشح جديد بعدما بات شبه مؤكد بأن الأمور وصلت إلى خواتيمها، وبات من الصعب البقاء في دائرة المرشح ميشال معوض وهو مقتنع بذلك وغير متمسك بترشيحه لأن مصلحة البلد في رأيه فوق كل الإعتبارات الشخصية”.
إذا الخطة “ب” باتت على نار حامية. أسماء المرشحين شبه معروفة ومتداولة. قائد الجيش العماد جوزف عون، النائب نعمة افرام، زياد بارود، صلاح حنين وجهاد ازعور. “لا شيء مخفيا، ولن يكون هناك مرشح “باراشوت”. لكن ثمة شرط تتوافق عليه كتل المعارضة النيابية هو عدم الذهاب إلى البرلمان لانتخاب إسم مرشح مفروض من الفريق الآخر ومعلّب. “البلد ما بقا يحمل وما بقا فينا نخسر أكثر. علينا أن نتوافق على إسم مشترك ومستعدون كمعارضة الإعلان عنه ونأمل خيرا أن يكون لدينا رئيس قبل نهاية شهر حزيران وانتهاء ولاية حاكمية مصرف لبنان”.