السيد نصر الله: لإسقاط مشاريع الهيمنة والفوضى والعبث بعقول شعوبنا

أكد الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله على خطأ حسابات الذي راهنوا على سقوط إيران، وحللوا كثيرًا خلال الشهور القليلة الماضية، مشددًا على أن هذا الأمر انتهى من خلال إرادة الشعب الإيراني الجادة.
ولفت سماحته إلى أن المعركة التي تُخاض اليوم هي للحفاظ على الانجازات العظيمة والكبرى التي تحققت على مدى 40 عامًا، لا سيما بعد أن دخل هذا البلد منذ 2019 في استهداف جديد للنيل من هذه الانجازات ولإعادة لبنان إلى الهيمنة الأميركية.
وجدد الإصرار على مواجهة مشروع الفوضى ومشروع الهيمنة ومشروع العبث بعقول شعبنا وشعوب المنطقة.

وفي كلمة له خلال الاحتفال الذي أقامه حزب الله إحياءً لمناسبة ذكرى القادة الشهداء في الضاحية الجنوبية لبيروت والنبي شيت بقاعًا وطيردبا وجبشيت جنوبًا، جدد سماحته لعائلات القادة الشهداء، لعائلة الشيخ راغب حرب، لعائلة السيد عباس الموسوي والسيدة أم ياسر ونجلهما حسين، لعائلة الحاج عماد مغنية التبريك بالوسام الإلهي الرفيع الذي حازه قادتنا.
وأضاف “أجدد أيضا تعازينا ومواساتنا لفراق هؤلاء الأحبة الذين لم يخل ولم يغادر ألم فراقهم قلوبنا وأرواحنا لمحبتهم وموقعهم الوجداني والروحي الخاص”.

سماحته جدد التعازي “بكل شهداء هذا الشهر ونخص بالذكر الشهيد رضا الشاعر الذي كان مسؤولا عسكريا في منطقة البقاع واستشهد أثناء المواجهات في البقاع الغربي.. يجب أيضا أن نذكر بالخير الشهيد القائد العميد حسن شاطري الذي ترأس الهيئة الايرانية لاعادة اعمار لبنان، وبعد حرب تموز وفي مثل هذه الأيام الذكرى العاشرة لاستشهاده وستبقى أياديه البيضاء حاضرة ان شاء الله”.

السيد نصر الله بارك للشعب الإيراني ذكرى إنتصار الثورة الإسلامية على يد قائدهم الإمام الخميني رضوان الله عليه، وقال “نبارك للشعب الايراني العزيز وسماحة السيد القائد ومراجعنا الكرام بمناسبة انتصار الثورة الاسلامية هذا الانتصار الالهي التاريخي”.
وأردف قائلًا “نجد كل وسائل الاعلام في العالم تعتبره خبرًا أول.. لكن عندما تنكشف إرادة الشعب الحقيقية يصمت العالم ويتجاهله”، وأضاف “خرج الملايين من الايرانيين تظاهروا في ذكرى انتصار الثورة في مختلف المدن الايرانية وعبروا عن التزامهم بها وبهذا النظام الاسلامي وبهذه القيادة الاسلامية ووسائل الاعلام في العالم بلعت ألستنها، لكن عندما يخرج عشرات أو مئات الأشخاص في ميدان معين لقطع الطرقات”.

وتابع سماحته “خلال 3 أو 4 أشهر الماضية في لبنان كتبوا وحللوا وقوى سياسية راهنت وكذلك بالمنطقة وفي الكيان المؤقت حللوا وراهنوا، وكثر قالوا ايران على طريق السقوط، اليوم هذا الأمر انتهى من خلال إرادة الشعب الايراني الجادة”، مؤكدًا “أقول لكل الذين راهنوا، حساباتكم خاطئة، واذا بنيتم خططكم ومشاريعكم وآمالكم وتحليلاتكم على هذا الخطأ الجسيم ستصلون إلى نتائج خاطئة وخطيرة جدًا”.

السيد نصر الله جدد التعازي لعائلة الشهيد رفيق الحريري وكل المحبين وكل الشعب اللبناني، كما عرّج على ذكرى تفاهم مار مخايل بين حزب الله والتيار الوطني الحر، معتبرا أن هذا التفاهم في موضع حرج، معربا عن أمله بالحفاظ عليه لأجل المصلحة الوطنية بالدرجة الأولى، وتوجه سماحته للشعب البحريني الذي لم يتخل لا عن قضيته الوطنية ولا عن قضية فلسطين والقدس، موجها التحية لهذا الشعب الذي عانى الظلم والسجن.

ذكرى القادة الشهداء

الأمين العام لحزب الله أشار إلى “أننا نستحضر الشهداء القادة في كل عام وفاء لهم ولجهادهم وتضحياتهم لهؤلاء الرجال العظام وتلك السيد الجليلة أم ياسر، ونحيي ذكراهم تعريفا وتذكيرا بهم من جديد لأن الكثير من الأجيال الحاضرة قد لا يعرفون من 40 أو 30 سنة ماذا حصل”.

وأضاف “نستحضر الشهداء القادة تعلّمًا، نجلس في محضرهم ننتلمذ على يدهم نستعيد مواقفهم ونتعلم منهم دروس الاخلاص والصدق والطهارة والثبات والشجاعة والثقة بالله وعشق الشهادة والزهد بالدنيا، ونستلهم من مدرستهم ما نستطيع أن نواجه به تحديات الحاضر واستحقاقات المستقبل”.
وتابع “نحيي ذكراهم لأجلنا لا لأجلهم وهم في عليائهم ليسوا بحاجة الى كل هذا الاطراء والمديح والشكر.. الكلمة كانت تعني القتل وهكذا استـشهد الشيخ راغب وخيار المقاومة أيضا كان يعني القتل وهكذا استشهد السيد عباس وبعده الحاج عماد”.

وأكد “لم ييأسوا وكانت تلك الخيارات توصف بالجنون، لم يتعبوا ولم يهنوا ولم يعفوا رغم الصعوبات وخذلان الناصر.. نتعلم منهم مواصلة الطريق والثقة بالله وبالناس وبالمجاهدين”، لافتا إلى أن “ما نُشر من كلمات للحاج عماد مغنية يعبر عن تقييمه لهؤلاء المجاهدين في كل الظروف الصعبة وفي كل الساحات والميادين”.
كما لفت إلى أن بعث الأمل والروح عام 2000 من جديد في المقاومة الفلسطينية هي من الانجازات التي تحققت بدماء هؤلاء الشهداء”.

السيد نصر الله شدد على أن “هذه الانجازات اليوم يجب أن نحافظ عليها وهي المعركة التي تخاض اليوم، من أهم عناوين المعركة في السنوات الأخيرة خصوصا بعد تشرين 2019 هو الحفاظ على هذه الانجازات العظيمة والكبرى التي تحققت على مدى 40 عامًا”. مشيرًا إلى أن “هذا البلد منذ 2019 دخل في استهداف جديد للنيل من هذه الانجازات ولإعادة لبنان إلى الهيمنة الأميركية”.

وتابع سماحته “في تشرين 2019 كان شعار “كلن يعني كلن” لأنه كان المطلوب أن يفقد هذا الشعب ثقته بكل المسؤولين، وكانت السفارة الأميركية مع بعض الجمعيات تصنّع قيادات وهذا المشروع فشل”. 

وتابع قائلا “نحن أمام هذه المعركة وهذا التحدي الذي تأتي فيه أدوات إعلامية وسياسية واقتصادية وفي مقدمها سعر الدولار الذي يتأثر به كل شيء.. هذا جزء من اللعبة”.

ولفت إلى أن “الأميركي يساعد في مؤامرته وخطته وجود فاسدين وخلل وأخطاء في الإدارة ووجود قصور وتقصير في تحمل المسؤولية”، معتبرًا أنه “أمام هذا التحدي عندما نعود إلى قادتنا الشهداء نقول أيضا يجب أن نتحمل المسؤولية ونبادر ونخطط ونفكر ونتعاون، وأن نسقط مشروع الفوضى ومشروع الهيمنة ومشروع العبث بعقول شعبنا وشعوب المنطقة.. هذه معركتنا التي نخوضها بشجاعة”.

سقوط إنساني بالتعاطي مع الزلزال الذي حصل جنوب تركيا وشمال سوريا

الأمين العام لحزب الله أشار إلى “أهم حدث في منطقتنا هذين الأسبوعين هو الزلزال، مجددا “تعازينا للقيادتين السورية التركية وللشعبين العزيزين السوري والتركي ولكل عائلات الضحايا المفجوعة، ونسأل الله تعالى الرحمة لهم جميعًا وأن يشملهم بحنانه وعطفه والشفاء للمصابين والفرج لكل الذين أخرجوا من ديارهم”.

السيد نصر الله اعتبر أن “ما حصل هو اختبار لإنسانية كل شخص وكل دولة وكل مؤسسة.. الناس الطبيعيون يتصرفون بإنسانية ويضعون الخصومات السياسية جانبا ويؤجلون معاركهم مهما كان مهمة ومصيرية وتصبح الأولوية هي المسارعة إلى إنقاذ من تحت الأنقاض عسى أن تتمكن فرق الإنقاذ من إخراجهم أحياء ومعالجة الجرحى”.

سماحته لفت إلى أن “كل من تابع وشاهد ولم يتألم يجب أن يراجع إنسانيته بينه وبين نفسه، هذا اختبار وامتحان لإنسانية كل واحد منا، يجب أن يراجع مستواه الأخلاقي وضميره”، مؤكدًا أنه في هذا الامتحان سقطت الإدارة الأميركية مجددا وكشفت مجددا عن وجهها وحقيقتها الإجرامية والمتوحشة”، مضيفًا “9 أيام انتظرت أميركا لتقول هناك تجميد لبعض عقوبات قيصر.. تركوا العالم تموت 8 و 9 أيام، ثم لاحقا قد يكون نتيجة التنديد والصراخ شعروا قليلا بالحرج وأقدموا على هذه الخطوة”.

وتابع السيد نصر الله “المصابون الذين هم جرحى أو تحت الأنقاض على طرفي الحدود هم من بني آدم ومن بني البشر، لكن شهدنا بوضوح وما زلنا نشهد اليوم كيف تصرف المجتمع الدولي والكثير من دول العالم تجاه الضحايا على الأراضي التركية وتجاه الضحايا على الأراضي السورية وهذا سقوط إنساني جديد”.

وجدد التعبير عن “حزننا والمنا لما أصاب إخواننا وأخواتنا السوريين والأتراك، وأيضا هناك جنسيات أخرى هناك أعزاء فلسطينيون ولبنانيون فقدوا.. ندعو المصابين إلى الصبر وعدم اليأس ليكون الله في عونهم ونطلب من الجميع مساعدتهم، ونتوجه إلى كل الدول العربية والاسلامية التي مدت يد العون لسوريا”.

وأضاف “في لبنان رغم الظروف هناك تم تقديم مساعدات، أشكر كل من لبّوا دعوة حزب الله للمساعدة، والقافلة الثانية ستسير خلال أيام إلى حلب وبعدها القافلة الثالثة إلى حماه”، كما دعا سماحته “الجميع الى مساعدة سوريا وتركيا من أجل عودتهما الى الحياة الطبيعية وهذا هو التحدي الأصعب”. 

التعاطي مع الزلزال في لبنان

الامين العام لحزب الله قال إنه “أمام هول الزلزال والهزة التي شعرنا بها جميعًا، في تلك الثواني القليلة شعر كل واحد منا بضعفه وعجزه، كنا جميعا بين يدي رحمة الله، في تلك اللحظة الجميع تساوى، الغني والفقير والقوي والضعيف، هذا يجب أن ينبهنا الى حقيقتنا ويعيدنا الى أنفسنا فلا نغتر ولا نتكبر.. كل واحد شعر منا أن بينه وبين الموت لحظات، هذا يجب أن يذكرنا أن الموت قد يأتي بأي لحظة وان دنيانا فانية وعندما نخرج منها سنخرج بلا شيء بل نحن وايماننا وعملنا الصالح”.

وأضاف “كل هذا الرعب والخوف أمام زلزال محدود في منطقة محدودة من الكرة الارضية يجب أن يذكرنا بيوم القيامة بزلزلة الساعة الآتية في يوم القيامة، ويجب أن نعرف أننا أعطينا عمرا جديدا فكيف نتصرف بهذا العمر الجديد لآخرتنا ودنيانا؟”.

وتابع قائلا “نحن أمام استحقاق جديد اسمعه احتمال الزلزال (ما حدا يقول السيد عم بقول جاي الزلزال) وهو احتمال لا ينفيه عاقل وكل العلماء يقولون لا يستطيع أحد أن يوقّت لا زمان ولا مكان ولا حجم الزلزال، لكن هذا احتمال قائم.. الدعاء والصدقة واغاثة الملهوف والاحسان الى الأيتام أكيد جميعها تخفف البلاء وآخر الخط تعين على البلاء”.

ولفت إلى أننا “معنيون بوضع خطة بلبنان وهذه من أهم مسؤوليات الحكومات لو كانت حكومة تصريف أعمال”، وتساءل سماحته “لا سمح الله لو كانت الهزة أعنف أو جاء في آتي الأيام زلزال في لبنان، هل الدولة ومؤسساتها مؤهلة أو سيقضي كثير من الناس تحت الأنقاض؟ هل الدولة مؤهلة لانقاذ الناس وشفاء الجرحى وايواء الذين يخرجون من بيوتهم؟ هل الناس مؤهلين ومثقفين على التعاطي مع تحدي من هذا النوع؟ بكل أسف لا.. يجب وضع خطط وادعو الحكومة الى هذا، لبنان يستطيع أن يطع خطة ليقلل الخسائر البشرية والمادية”.
وأردف “يجب وضع خطة توعية للناس حول كيف يتصرفون.. أدعو الى خطة كاملة وشاملة أعتقد أن هناك شيئًا مستعجلا يجب أن تبادر الدولة والبلديات إليه وهو الأبنية المتصدعة”، وأضاف “أول ما خطر ببالي عند انتهاء الهزة هو طرابلس، لأن في ذهني أن هناك أبنية متصدعة هناك ووقعت سابقًا، واتصلت بالإخوة ليتفقدوا الوضع في طرابلس”.

كما لفت إلى أن “ما قامت به الحكومة اللبنانية تجاه سوريا من إرسال وفد رسمي أمر ممتاز جدًا، وفتح المطار والمرافئ وإرسال فرق المساعدة أمر مهم جدا والدولة والحكومة مشكورة عليه”.
وقال “البعض قالوا أن الحكومة فعلت ذلك بضغط من حزب الله، هذا حكي فاضي، الكل تصرف بمسؤولية ولم يضغط أحد على أحد، والمطلوب أن يستمر لبنان بهذا الموقف ويكون جزءا من الجهد العربي والاسلامي لكسر الحصار على سوريا، والمستفيد الأول بعد سوريا هو لبنان”.

المقاومة الصاعدة في فلسطين

السيد نصر الله أكد أن “الوضع في كيان العدو هو غير مسبوق على المستوى الداخلي وفي البيئة الاستراتيجية والحكومة الحمقاء الحالية تدفع الأمور باتجاه صدامين كبيرين، الأول داخلي اسرائيلي والثاني فلسطيني وقد يمتد الى المنطقة”.

وأشار إلى أنه “لأول مرة في تاريخ الكيان تكون أدبيات الحديث عن قرب الحرب الأهلية وسفك الدماء وأنه لا حل للتحديات الجديدة الا بسفك الدماء وقرب الانفجار، لأول مرة في تاريخ الكيان بدأت تتشكل منظمات للمغادرة، الكل اليوم يتحدث عن عقدة الثمانين عامًا”.

وجدد سماحته الوقوف “بإجلال أمام الشعب الفلسطيني وخصوصًا أمام جيله الشاب في القدس المحتلة والضفة الغربية وقطاع غزة”، لافتًا إلى أن “الشعب الفلسطيني أمام هذا الجيل الشاب سيكشف أكثر وأكثر اليوم أننا أمام انتفاضة فلسطينية حقيقية”.

وأضاف “الشعب الفلسطيني يرد بقوة ويجب أن نقف له جميعا باجلال واحترام خصوصا أمام هذا الجيل الشاب، كنا نتحدث بالعشرين و19 بتنا نتحدث بعمر ال13 و14، هذا الشعب سيكشف أكثر وأكثر، اليوم نحن أمام انتفاضة فلسطينية حقيقية”.
وتابع “هؤلاء الاستشهاديون يذلون العدو ويصنعون البسمة على وجوه أمهات الشهداء”، وأن “هذه الحكومة الحمقاء قد تدفع بالتصعيد الى كل المنطقة وهو احتمال وارد خصوصا اذا مست بالمسجد الأقصى”.