أكَّد الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله أنَّ السعودية افتعلت أزمة مع لبنان، مشيرًا إلى أنَّ حزب الله معني جدًا بتبيين الحقائق لأننا أمام معركة رأي عام وأمام مظلومية أيضًا، ولا يصح للمظلوم أن يسكت عندما يتمكّن من تبيان حقّه.
وخلال الاحتفال الذي أقامه الحزب لمناسبة “يوم شهيد حزب الله” بالتزامن في بيروت، كسروان ، بعلبك والنبطية، لفت السيد نصر الله إلى أنَّ من بين فرضيات الأزمة عدم معرفة السعودية مسبقًا بتصريحات وزير الاعلام اللبناني، معتبرًا أنَّ ردّة فعل السعودية على تصريحات الوزير قرداحي مبالغ فيها جدًا جدًا جدًا.
وأوضح سماحته أنَّه “خلال السنوات الماضية وحتى اليوم هناك دول أقدمت جهات فيها على شتم رسول الله ولم نر شيئًا من السعودية، فهل ما اعتبروه إساءة لهم في كلام وزير الاعلام هو أخطر وأشنع مما يُقال عن النبي محمد (ص) خلال كل هذه السنوات”.
وتوجَّه لأصدقاء السعودية في لبنان قائلًا: “السعودية قدّمت نفسها صديقة؛ فهل هكذا يتعاطى الصديق مع صديقه؛ فاذا كان هناك مشكلة مع وزير الاعلام او حزب الله فلتحصر ردود الفعل في حدود المشكلة”.
وذكّر السيد نصر الله أنَّ سوريا التي نقول عنها أنها صديقة لبنان لم تُقدم على خطوة ضد بلدنا رغم شتمها خلال 16 سنة، ولم تقف عائقًا دون وصول الغاز والكهرباء الى لبنان رغم الحملات والشتائم والاعتداءات، مضيفًا “إيران كذلك واصلت استعدادها لتقديم المساعدة ولم تمنن أحدًا رغم الحملات ضدها والشتائم خلال 16 سنة”.
وحول موقف حزب الله من هذه الأزمة، أكَّد سماحته أنّه “نحن أيّدنا موقف وزير الاعلام أن لا يستقيل ورفضنا أن يُقال”، سائلًا أنَّه “اليوم إذا استقال وزير أو أقيل؛ فهل يحصل هذا الأمر في دولة سيدة وحرة وكريمة وشريفة؟، وهل تُحلّ المشكلة كما قال كثير من اللبنانيين في استقالة وزير؟”.
وسأل أيضًا “من طالب وزير الاعلام أن يقدّم المصلحة الوطنية؛ فهل المصلحة الوطنية في استجابة في كل ما يطلبه الخارج؟”، وأضاف “المطالب والشروط السعودية لا تنتهي في لبنان وهل المصلحة الوطنية في الخضوع والاذلال؟”.
السيد نصر الله رأى أنَّ الازمة التي افتعلتها السعودية هي جزء من المعركة مع المقاومة ومع مشروع المقاومة في لبنان، وهي خلال كل السنوات الماضية ومنذ عام 2006 والسعودية موجودة في هذه المعركة، ونحن نعرف التحريض السعودي في حرب تموز.
وكشف سماحته أنَّ السعودية تريد من حلفائها في لبنان أن يخوضوا حربًا اهلية، ومشكلتها مع حلفائها في لبنان أنها تريد منهم خوض قتال مع حزب الله لمصلحة المشروع الأميركي الاسرائيلي في المنطقة.، مبينًا أن أيّ لبناني منصف يدرك أنّ المزاعم السعودية حول هيمنة حزب الله على لبنان هي غير صحيحة أبدًا.
وأضاف: “لا ننكر بأننا جهة مؤثرة وبأننا أكبر حزب على المستوى السياسي والهيكلية ولكن لا نهيمن، فهناك قوى أقل من قوتنا ولها تأثير كبير على الدولة ولا سيما في القضاء”.
وتابع السيد نصر الله “من الأمثلة على أنّ حزب الله ليس مهيمنًا؛ كيف لحزب ميهمن “يخابط” منذ عام ولا يستطيع تنحية قاضٍ عن ملف يعمل فيه باستنسابية وتسييس؟”، وأضاف “هل نحن حزب مهيمن في وقت لا نستطيع ايصال سفن المازوت الى الشواطئ اللبنانية؟”، مؤكدًا أنَّ حجّة السعودية بافتعال أزمة مع لبنان بسبب هيمنة الحزب افتراء كامل وكذب محض.
وتطرّق السيد نصر الله إلى اليمن، كاشفًا أنَّ “القصة في اليمن هي قصة مأرب والحرب العدوانية عليها ونتائج هذه الحرب؛ فبعد سبع سنوات من الحرب وانفاق مئات المليارات نتيجتها كانت الفشل”،
وشدَّد على أنَّ تداعيات مأرب ستكون كبيرة جدًا في اليمن والمنطقة والسعودية تدرك ذلك، إضافةً إلى أنَّ الاميركيين أنفسهم أكدوا أن سقوط مأرب هي هزيمة مدوية للسعودية التي بدورها تدرك ذلك.
وحول المفاوضات السعودية الايرانية، أعلن أنَّ المفاوضات لن تتطرّق إلى لبنان من أي زاوية كانت، ذاكرًا أنَّ السعوديين طلبوا من الايرانيين التدخل في موضوع اليمن، والايرانيون قالوا لهم أن يتفاوضوا مع اليمنيين.
وتوجَّه السيد نصر الله للسعودية موضحًا أنَّ الانتصارات في اليمن صنعها قادة يمنيون وعقول يمنية ومعجزات يمنية ونصر إلهي، لافتًا إلى أنَّ خلاص الرياض من موضوع اليمن ليس عبر العقوبات على حزب الله او على لبنان أو أي طريق آخر بل بوقف اطلاق النار والحصار.
هذا، ولفت سماحته إلى أنه في يوم الشهيد يحضر دماء شهداء مجزرتي خلدة والطيونة، مؤكدًا أنَّ كل ما قيل عن مقايضة بين ملف مرفأ بيروت وبين ملف الطيونة ليس صحيحًا على الاطلاق والمطلوب الوصول الى الحقيقة والعدالة في الملفين.
وأشار السيد نصر الله إلى أنّه “في موضوع خلدة دعونا من اليوم الأول للتهدئة والاحتكام الى القضاء واليوم صدر قرار ظني ونحن منفتحون في الوقت نفسه على المصالحة في خلدة وايجاد حلول”.
الشهداء منعوا الهيمنة الاميركية على لبنان
السيد نصر الله رأى أنَّ عنوان “إسرائيل” اليوم هو القلق بعدما تحدثت في “زمن الربيع العربي” عن بيئة مناسبة لها، مشيرًا إلى أنَّ المناورات الاسرائيلية تعكس الخوف من اقتحام لبنان للمستعمرات في الجليل.
وقال السيد نصر الله: “إذا دخلت المقاومة الى شمال فلسطين والجليل فستكون لذلك تداعيات كبيرة جدا على كيان الاحتلال”، مشددًا على أنَّ المناورات الإسرائيلية تعكس فرضية المخاوف من أن “المقاومة ستدخل إلى الجليل”.
ولفت إلى أنَّ “الإسرائيليين يدركون قوة المقاومة وصدقها وعلو شأنها وأهمية عقولها الاستراتيجية”، موضّحًا أنَّ هناك من يتحدث في لبنان عن “ضعف” محور المقاومة رغم تأكيد المعطيات عكس ذلك.
واعتبر سماحته أنَّ كيان العدو الصهيوني يعيش القلق الوجودي، والعنف “الاسرائيلي” المتزايد على الأسرى والفلسطينيين ليس علامة قوة بل علامة قلق وذعر.
وعن النفوذ والهيمنة الاميركية، بيّن السيد نصر الله أنَّ هذه الهيمنة ما زالت قائمة وموجودة على مستويات عدة، مشيرًا إلى أنَّ لبنان يتعرض لضغوط منذ سنوات وهي تضاعفت خلال ادارة ترامب، وما تمكّن حزب الله من انجازه حتى الان هو منع الهيمنة الاميركية الكاملة وهذا ببركة انجازات الشهداء.
وذكر أنَّ حزب الله يتطلع الى قيام دولة مركزية وعادلة ولكل ابنائها وذات استقلال حقيقي ومن ابسط تجليات السيادة والاستقلال هو رفض الاملاءات الخارجية.
كما قال السيد نصر الله: “الأميركيون يضحكون على لبنان بما يسمى تسوية خط هوف. لبنان هنا يستند إلى قوة دماء الشهداء وقوة الأحياء فينا والمقاومة القادرة على ردع العدو ومن خلفه من أن يمد يده على حبة تراب أو ثروة لبنانية”.
شُهداؤنا معظّمون عندنا منذ بداية المسيرة
وأكَّد السيد نصر الله أنَّ حزب الله اختار هذا اليوم العظيم والمبارك في تاريخ المقاومة في لبنان عمومًا، والمقاومة الاسلامية تحديدًا وتاريخ المقاومة في المنطقة ليكون يومًا لكل الشهداء، موضحًا أنَّ هذه ذكرى سنوية لكل الشهداء، ولذلك كل عائلة شهيد تعتبر هذا اليوم هو يوم شهيدها.
ولفت إلى أنَّ “للشهيد مكانة عالية جدًا. نحن نعظّم الشهداء ونحترمهم ونقدرهم وهذا التزام بإيماننا الاسلامي والقرآني واتباعنا لأنبياء الله”، مشددًا على أنَّ الشهداء منذ بداية هذه المسيرة هم معظمون عندنا.
وقال السيد نصر الله: “نحن نرى في الشهداء ثروة روحية ومعنوية وعاطفية هائلة”، معتبرًا أنَّه ببركة هؤلاء الشهداء هناك عاطفة وحنين وحب وعشق وآثار نفسية وروح لا تموت.
وأضاف سماحته: “هؤلاء الشهداء علّمهم الله وألقى في قلوبهم النور فهم ثروة ثقافية لذلك الأخوة يحرصون على طباعة وصايا الشهداء وأنا أوصي بقراءة هذه الوصايا فسيرة كل واحد منهم تستحق أن تكون قدوة ونموذجٌ لنا”.
وتابع: “لطالما سمعت في الماضي عندما كنت أتشرف بزيارة عوائل الشهداء وأخواني كذلك أنهم مستعدون لأن يقدّموا بقية أبنائهم وفلذات أكبادهم ليستمر هذا الطريق وتبقى المقاومة”، مؤكدًا أنَّ عوائل الشهداء هم من يتقدمون الجبهة في عطاء الدم والموقف.
وأشار السيد نصر الله إلى أنَّنا “أمّة نعرف فضل كل الشهداء في المنطقة وفي كل منطقة في بلادنا وعالمنا ونشكر لهم ولعائلاتهم ما قدموا”، مبينًا أنَّه “عندما نتحدث عن هؤلاء الشهداء نتحدّث عن انجازات تاريخية وليس عن انجازات محدودة وعن كل انجازات كل الشهداء في كل القوى الوطنية والاسلامية”.
وأكَّد السيد نصر الله أنَّ انجازات الشهداء ما زالت مستمرة ومن أهمها تحرير الأرض والأسرى والحماية والردع، ومواجهة المشروع الاميركي التكفيري في المنطقة الذي انتصرت المقاومة عليه.
ولفت سماحته إلى أنَّ “من انجازات الشهداء منع الحرب الاهلية وما زال قائمًا وببركة هذه الدماء نحن منعنا الحرب الاهلية، إضافة لمنع الهيمنة الاميركية الكاملة على لبنان ليكون فيه امكانية أن يكون دولة ذات سيادة واستقلال وحرية”.