أكد رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله السيد هاشم صفي الدين أن بلدنا يعيش في هذه الأيام مآسي وكوارث على كل المستويات السياسية والاقتصادية والمعيشية والاجتماعية والحياتية، ولكن نحن عندما نظرنا إلى هذه المصائب والكوارث لم نقف على الحياد أو جانبًا، وعرفنا أن مسؤوليتنا الدينية والشرعية والأخلاقية تكمُن في أن نقف إلى جانب أهلنا وشعبنا وبلدنا، وأن لا نستسلم أمام الوقائع المفروضة علينا في لبنان، وهذا بُعد أساسي في ثقافتنا وفهمنا ونهجنا السياسي، ولذا قلنا منذ اليوم الأول إنه يستحيل أن نتفرج على كل هذه المآسي والكوارث وهي تحصل ثم لا نتحمّل مسؤولياتنا على مستوى حضورنا في الساحة، وحضرنا في كل الساحات.
كلام السيد صفي الدين جاء خلال الاحتفال التكريمي الذي أقامه حزب الله والحوزة العلمية لسماحة المحقق السيد جعفر مرتضى العاملي بمناسبة الذكرى السنوية الثانية لرحيله، وذلك في باحة ضريح العلامة الراحل في بلدة عيتا الجبل، بحضور مسؤول منطقة الجنوب الأولى في حزب الله الحاج عبد الله ناصر، وعدد من العلماء والفعاليات والشخصيات وجمع من الأهالي.
وأشار السيد صفي الدين إلى أننا ومنذ أن بدأت تطل هذه الأزمة لم نقدم أنفسنا من أهل الاختصاص في معالجة الأمور المالية والاقتصادية على الرغم من أننا نعرف أنفسنا جيدًا، والبعض كان يلومنا أننا نبتعد وننأى بأنفسنا عن كثير من هذه الملفات، ولكن حينما وجدنا المسؤولية تُرتب علينا أن نكون بين الناس وفي خدمتهم في موقع أو جانب معين كنا كذلك، وليس لنا في ذلك أي منّة أو أي فضل، فالمنّة لله عز وجل، والفضل للناس الذين نصرونا وأحبونا وقدموا أبناءهم من أجل مقاومتنا، ولبوا النداء وكانوا ينزلون بعشرات الألوف في عاشوراء وأيام محرم ويقولون “لبيك يا حسين، ولبيك يا دين، ولبيك يا إسلام، ولبيك يا رسول الله”، فهؤلاء كانوا صادقين في ما كانوا يقولون، وبالتالي، فإن المال ليس شيئًا أمام هؤلاء على مستوى البذل، ونحن جاهزون أن نبذل أنفسنا وأرواحنا وحياتنا وكل ما عندنا من أجل هؤلاء الناس، وهم يستحقون ذلك، ولذا نحن في خدمتهم.
وأضاف السيد صفي الدين إن ما قلناه أننا نقوم بما يمكننا أن نقوم به وأن نفعله، وإن كان هناك أمر في آخر الدنيا يمكن أن يرفع هذه الأعباء عن الناس، سنذهب إلى آخر الدنيا لنأتي بهذا الأمر لرفع الأعباء عن الناس، وهذا واجبنا الشرعي والأخلاقي الذي لا نتخلى عنه.
وتابع السيد صفي الدين “لقد قلنا منذ اليوم الأول، إنه حينما يشتد هذا اللؤم والخبث الأميركي والغربي المدعوم من الإسرائيلي وبعض دول الخليج وآخرين في لبنان سيكون لنا كلمة، وما فعلناه على مستوى باخرة المازوت هو في الحقيقة لا يقتصر فقط على أن باخرة المازوت أتت من إيران إلى لبنان، وإنما الموضوع أكبر من ذلك، فالإسرائيلي والأميركي فهِما جيدًا أن هذه البداية، وأنه إذا أرادوا أن يكملوا في هذا الطريق، فإن في جعبتنا الكثير الكثير من الأعمال التي سنقوم بها، ولذا توقفوا عما كانوا يقومون به”.
وأوضح السيد صفي الدين أن ما حصل نتيجة هذا الموقف الشجاع والجريء هو أن الأمور انقلبت رأسًا على عقب، ولا نقول إن الوضع في لبنان تحسّن، أو إنه مع تشكيل الحكومة سوف تتحسن الأمور بشكل سريع، وإنما نقول إن بداية التراجع والوهن قد بانت وظهر عليهم نتيجة خوفهم مما هو آت وأعظم، وهذا هو كلام الأميركي والإسرائيلي، مشددًا على أنه حينما أخذنا قرارًا بإدخال باخرة المازوت كنّا نريد أن يأتي المازوت إلى لبنان وأن يستفيد الناس منه، ولكن في الوقت نفسه، كنّا جاهزين لتلك المعركة لو أن الإسرائيلي فكّر أن يواجهنا في معركة البحار، حينئذٍ حسب حسابات مختلفة.
وشدد السيد صفي الدين على أن الموقف التاريخي والشجاع للمقاومة الإسلامية في لبنان بإدخال المازوت الإيراني أفاد كل اللبنانيين، وكان مساهمًا على أقل تقدير في الإسراع في تشكيل الحكومة التي يستفيد منها كل اللبنانيين، وكان سببًا في هذه الاندفاعة الأميركية لفتح أبواب الغاز المصري إلى لبنان، الذي سيستفيد منه كل اللبنانيين وليس فقط حزب الله وبيئته.
وأكد السيد صفي الدين أن المقاومة الإسلامية اليوم في هذا الموقف كسرت الطوق الذي كان محكمًا على لبنان، وفتحت أبوابًا وفرصًا جديدة للسياسيين في لبنان ولكل اللبنانيين لكي ينتقلوا إلى مرحلة جديدة، وبقي عليهم هم أن يحسنوا الاستفادة من هذه الفرص، ولكن لا سمح الله إن أساؤوا ذلك، فسيعيدوننا إلى الخلف.
وأشار السيد صفي الدين إلى أننا دعمنا الحكومة الجديدة، ونريد أن نعطيها الفرصة الكافية من أجل أن تقدم بداية حلول للمشاكل الملحة التي يعاني منها اللبنانيون، وهي أمام استحقاقات كبيرة كما هي أمام فرص كبيرة من خلال ما نراه اليوم على مستوى الزيارات واللقاءات وفتح الأبواب الخارجية، وبالتالي يجب أن تحسن هذه الحكومة استثمار هذه الفرص والاستفادة منها، وإذا أخطأت وعادت إلى الاستغراق في التفاصيل المملة التي تقتل المبادرات ولا تأتي بالمبادرات الجديدة، فإن كل ما قمنا به سوف يذهب هباءً منثورًا، ولذا فإن كل اللبنانيين كما نحن نراقب هذه الحكومة، ونتوقع منها أن تقوم بالخطوات الصحيحة والسليمة، ولكن إذا لا سمح الله تلكأت أو ضعفت أو توانت أو قصّرت أو تخاذلت، فسيكون هناك كلام آخر.