“كرامات الشهداء”من العباسية
لم يتكلم ولم ينطق بها والد الشهيد حسين الريس.آليت على نفسي أن ألملم من تلميحاته المفعمة بالروحية تلك الرؤية الواقعية ومن دون مجاز او رصف جمل من اجل الكلام والتوصيف فحسب.كل ما سأكتبه كان من فيض ما شاهده والد الشهيد يوم كان عامل الحفر في جبانة بلدة العباسية يحفر روضة ضريح الشهيد محمد حسين جوني الموازي والملاصق لضريح الشهيد حسين علي الريس.
أثناء الحفر كان الحاج علي الريس حاضر يراقب ويساعد..
وقبل انجاز الحفر من قبل العامل فتح ثقب كبير بين الضربحين نتيجة لاعمال الحفر.
حالة شعورية خاصة..عطف وأبوة وإباء وفضول ثائر تملكه، نزل الوالد إلى قبر الشهيد محمد وشيء ما دفعه لكي ينظر الى داخل ضريح ولده الشهيد حسين.كان كل شيء كما كان وقت الدفن منذ حوالى السنة..لم يصدق عينيه..طلب من العامل شعلة أو ضوء قداحة فكان له ما أراد..ومن خارج الثقب الكبير وبواسطة الضوء بدأ يراقب الكفن والجسد المسجى..كان الشهيد حسين كما هو، بكفنه وبموضعه وجسده ..لا رائحة في المكان..الجسد ظهر وكأنه لم يتعرض الى أي تحلل أو تبدل..كان كما هو منذ عام..تراجع والد الشهيد حاملا شوقا غريبا وحنانا مستجدا وبسمة من عز وافتخار..تراجع بصمت..وسد الثقب..واسرها في نفسه، وكانت الرؤية التي تباركت من خلال شهادة الشهيد محمد.
نطق بها والد الشهيد، ولولا اصراري عليه ما نطق..فكانت
هذه كرامة من كرامات الشهداء..
د.محمد حمود
———————————————
ما أحيلاك حين انتظرت لترحل
في صلاة ليل
ما أحيلاك حين انتظرت يوما حسينيا لتعبر دنياك..
ما أحيلى روحك وشروقك..
ما أحيلى حتى مغيبك..
حسين..
كنت بيننا تقطف الوردة بأناملك الخشنة من ثقل الرجولة
وشبابك لما يشبع منك بعد..
حين كنت..كنا نستمهل الحياة معك..
وكأنك قنديل يختفي في النهار وفي الليل تشعله بصمتك وضحكتك وهدوئك ..
تجالسه وحيدا بعيدا عن الضجيج..
وتمضي الى حيث أنت..
بعيدا عن مسافات العيون..
كنت تخجل من عنادك..والبندقية التي دللتها برذاذ عينيك..باتت لك..
لك في هجوعك وسكونك ورحيلك ..حتى الغياب..
حسين..الشهيد
كان اسمك ساجد..
والعابد لا يألف لغة الكلام
والساجد لا تعيه العيون النائمة
كان ظلك خلف مساحات القلوب فوق راحات الغمام..
تنام شهيدا مذ كنت حيا ..
تحمل زادك..تجالس حنينك ..وتبكي بدمعة واحدة..
فأنت الشمعة الاولى..
وانت النهاية الاولى
وانت وانت وانت..
كم استحيينا من سرعة شوقك واللقاء..
وكم تمنينا ان نكونك..
تراك الآن تستفيق..
تخلع عن جرحك ضمادته الحمراء..
وتطير تحلق قبل المساء..
وتعود الى شبابك..
عريسا حسينيا..
وتغيب بين الكواكب..
وتعود بين المواكب..
ونجمة في السماء تبقى..
اسمها..ساجد..
هنيئا لك الشهادة.
بقلم.محمد احمد حمود