وائل كركي / موقع العهد
هي أكثر من عملية تنميط ثقافي، اسقاط واضح يفتقر للحنكة والحبكة، الإشكالية المستدامة شهر رمضان والمسلسلات تخطت هذا العام حدها الذي لطالما كان في حدود قلة الأخلاق في أفضل أيام الله.
محطة لبنانية وشركة انتاج لبنانية قررتا علانية البدء بورشة التنميط الثقافي وتشويه سيميائية مقاومة لطالما استطاعت انقاذ نفسها من ملايين الأميركيين التي دُفعت لأطراف لبنانية لتشويه صورتها وتأليب الناس عليها ولم تفلح.
لسنا بصدد الحديث والنقد الفني للعمل. لن نتناول الحبكة الدرامية ولن نثمن قيمته الفنية. اسقاطات واضحة بشكل متواتر ومستغرب نافر لا يحاكي لا الوعي ولا اللاوعي. هوليوود ومن لف لفها تكتفي بجملة واحدة تبث فيها سمها بمنتج ضخم ولا تحتاج الى كل هذه الاسقاطات والجمل والكلمات المفتاحية التي تدل على طائفة أو جهة بحد عينها، فـ”فجر يا علاء” لا يمكن أن تمر بمشهد تعاطي مخدرات، ولا يمكن التطاول على عبارة أبقت لبنان وأهل الفن والإنتاج.
لماذا أصر الكاتب والمنتج على توكيد الجهة والمحيط والسكن والحجاب والحقل المعجمي الخاص ببيئة معينة بطريقة طائشة بعيدة كل البعد عن الحرفية، لا تورية ولا تمعين بل “مباشرية” قاتلة. راية تظهر عبر الشاشة لتمر بلا وعي، كل مشدوه بالعمل ومعجب بأحد الممثلين، لباس شرعي ثوب أسود حتى بعد العودة من الحج والمتعارف عند كل المذاهب الاسلامية ان لباس العودة من بيت الله الحرام هو الابيض، “يا حجة” النداء الأشهر بحلقات المسلسل، القرآن، العزاء، الإصرار على الصلاة وذكر الله لمن يتاجر بالمخدرات.
مسلسل متماهي كل التماهي مع الحملة الشرسة التي تشن على المقاومة وعلى بيئتها، فالعناوين واحدة، ربط البيئة بالمخدرات، تهجين نمط غريب عجيب، تكثيف المشهد وتشويه الكادر بشكل متعمد من قبل المخرج ليظهر أبشع ما في العشوائيات.
هل من الصدفة البحتة مصادرة رمان الكبتاغون، وخضراوات المسلسل المحشوة مخدرات، والحملة المستعرة السعودية غير المنطقية، والحملة المرافقة لزج المقاومة بهذه الأعمال؟ وان كانت صدفة فمن المؤكد أن السياق واحد والاتجاه واحد وهو تشويه صورة المقاومة وبيئتها.
كان من الأجدى أن يمرر القيمون على العمل بطريقة ذكية أكثر كل رسائلهم. لماذا لا نرى كل أطياف المجتمع اللبناني ضمن البيئة المستهدفة بالاتجار؟ لماذا لا نرى أسماء مختلفة تدل على بيئات مختلفة؟ لماذا لا تلتقط كاميرا العمل الكثير من المناطق اللبنانية كتنوع مشهدي؟ ام المقصود هو التركيز على هذه السنخية كطريقة لدعم النص، أو التركيز على عنصر معين بعيدًا عن كل السياقات الدرامية في المسلسل؟
الحملة هذه المرة بانتاج درامي، وليس من المستغرب أن يستمر هذا النهج بأعمال أخرى تخدم أجندة من يتربص شرا بالمقاومة واهلها. على كل حال هذه المحاولات لا يمكن أن تؤتي أكلها فمليارات ديفيد هيل وكل منابره لم تستطع أن تشوه صورة المقاومة ولن تستطيع هذه الاعمال التأثير بشكل واسع ولو تزينت ببعض النجوم المحبوبة.