دعُوا الحكام وشأنهم؟!..بقلم د. محمد أحمد حمّود!

#دعُوْا #الحكّام وشأنهم، فالشّتيمة لن تُعيد إليْنا وهج ربطة الخبز، والصّراخ والهتاف لن يهزّهم يومًا، فهم مثكولون مثل بقيّة الشعب وأكثر! *فقط*، خفّفوا من وطأة #تأليه #الزعيم، فهو من لحم ودم، قد يُصيب وقد يخطئ، هو مثلنا نحن الشعب من البشر، يأكل ويشرب وينام ويضحك، وربّما يبكي، ويأخذ الدواء، ويحتاج الماء والهواء، وقد يُلهيه وجع الأسنان عن تكملة قرص الحلوى المزيّن بالعسل، هو بشر مثلنا، وعذرًا( حتّى في دخول الحمّام) هو بشريّ! وليس ملاكًا، ولا نصف #إله كما يُدوّن شعراؤه في ملاحمهم المطوّلة! وقد قضى بعضهم جلّ أعمارهم من أجل الوطن والمواطن! لن أدعو لأحد منهم بطول العمر، ولن أدعو لأيّ منهم بقصر العمر، ندعو الله أن يتولّاهم في ما كتب لهم من بقيّة باقية لسنين ملأى بأحلام المبيت المبكر! فهم مثلنا يموتون مهما فديناهم بالدم والروح.
#دعوهم! لم يعدْ يعنينا ما يمتلكون، إن كان يعيش أحدهم في القصر أو كان يصلّي صلاة الصبح أو العصر، لم تعد تعنينا ثروتهم، كم هي؟ هرّبها هذا، أم أبقاها ذاك في الغرف السريّة السفليّة المحصّنة من المطبخ الكبير! لم يعد يعنيني ابن الزعيم كيف اغتنى؟ ولا حفيد الزعيم كيف ارتقى؟ هم أحرار في ما اكتسبوا! لا تعنيني ضحكتهم أو عبوسهم، ولو كانوا لا ينامون الليل أرقًا على مصير شعبهم الظالم، الشعب المتّهم بأنه النّائم! لم يعد يعنيني إن كان السياسيّ في وطني يصلّي الفجر في المسجد أو يدق أجراس الكنائس، لم تعد تعنيني أخبارهم ولا سيرتهم الذاتيّة! ولم يعد ولم يعد …! أعلم بأنّ ابن الزعيم لم يقف يومًا في طابور الخبز، ولا في صفّ محطّة الوقود، ولا على باب مستشفى، ولم يأبه يومًا بخزنة الطعام وغرفة التموين، ولم يجرّب يومًا الوقوف خلف المكاتب ليتسجّل في المدرسة او الجامعة، او في تعبئة طلب الوظيفة العظمى الموسومة باسمه منذ ما قبل الولادة!
ما يعنيني الآن أن أسبحَ والسّيل الجارف إلى أقصى ما تحمله قواي، ربّما أغرق ورّبما أنجو، ولن أستسلم!
ما يعنيني أن أُعلّم #ولدي دروس الجوع، وأنّ رغَدَ العيش قد لا يدوم، وسأعلّمه الثورة على الوجع…وأنّ الاستسلام ذلّ!
أنْ أعلّم #ابنتي أنّ الحياة طريق شائكة، حبلى بالمفاجآت القاسية، وأنّ العفّة والصبر والانحناء للعاصفة ليس آخر المطاف، وأنّ الأيّام فيها #الورد وفيها #الشوك، وأنّ أيّام الشّوك هي العبرة الأغلى في صقل النفوس كي تحيا من جديد، وسأعلّمها الثورة على الوهن والخوف والرّقود!
فلا يعنيني بشريّ غنيّ يتباهى عليّ بالعملة الأجنبيّة ظنًّا منه أنّه أقوى الآن، فهو لا يدري أنّ الجوع لن يمرّ على قلب مَنْ شبع في العُسر ما لم يمتلكه باليُسر، لأنّه يؤمن أنّ الحياة نِزَال، وأنّ «تلك الأيام نُداولها بين الناس»!
ما يعنيني أنّني ما زلْتُ أستطيع أن أتقاسم كسرة الخبز التي أمتلكها مع جاري وابن بلدتي ووطني، وكذا حبّة الدواء، وجرّة الماء، والابتسامة ولغة الحبّ والكرامة! ومَنْ قال بأنّ الجوع يقتل في الشرفاء الكبرياء؟! ما يعنيني أن أسير اليوم مع السّيل حُرًّا من قيود اليأس!
أن أحمي السّلاح ولو جعْت وعائلتي ألف مرّة ومرّة!
أن أمهر على وجه مقاوم لمسة طُهر، وأدعو له بطول العمر، وأفرح له زيادة كسرة الخبز كسرة أخرى!
ما يعنيني أنْ أدركَ كيف أجاري السّيل الجارف، فأنا لا أخشى بلل الأيام القاحلة ولا زمن القحط! وأجمل ما يعنيني أنّني أؤمن بالبلاء، وأؤمن بالصبر، وقد آمنتُ #بيوسفنا سنوات الغيث، وسأؤمن #بيوسفنا أثناء القحط، وأؤمن أنّ وجع الجوع أكبر من كلّ الكلمات، وأنّ البطون الخاوية لا تملأها القصائد والنثريّات، وأؤمن أنّ عام الغيث قادم، ولو أحاط بنا الجدْب من كلّ جانب، *وبلَغتِ القلوب الحناجر*، وأؤمن أنّ الحكّام يرحلون، ويبقى الوطن ويبقى الفقير في وطني، ويبقى المقاوم! *د. محمد أحمد حمّود!*