تأخير في تشخيص حالتها… إبنها لـ”النهار”: توفيَت وسُرقت صاغتها، و”خسارتنا لا تقدّر بثمن

“تحت عنوان “تأخير في تشخيص حالتها… إبنها لـ”النهار”: توفيَت وسُرقت صاغتها، و”خسارتنا لا تقدّر بثمن””، كتبت ليلي جرجس في النهار:

في ظلّ الأزمة الصحية التي نتخبط بها منذ سنة في لبنان وأكثر من سنة ونصف في العالم، تحوّل فيروس #كورونا إلى عدوٍ شرسٍ أنهك العالم أجمع. بات واضحاً انه لا يمكن الاستهانة به، غامض وغدار ولا نعرف بعد من ينجو منه ومن يقضى عليه. قصص كثيرة كشفت التناقض في كيفية تفاعل الجسم مع الإصابة، بعد كبار السن تمكّنت من التغلب عليه في حين أرواح شابة استسلمت بعد معاناة منه ومضاعفاته.

أصبح الفيروس “الشغل الشاغل” وبات الاحتمال الأول الطبي قبل التكهن بأي احتمال آخر، ومع ذلك تبقى بعض الحالات الإستثنائية التي شكّل التشخيص الطبي الخاطئ في البداية تدهورها، وتتداخل الأمور لتؤدي إلى مضاعفات فوفاة. هذا ما حصل مع السيدة نوال حنا عكاوي (83 عاماً) التي توفيت بعد تأخر في تشخيص حالتها بالكورونا برغم من انخفاض الأوكسيجين المتكرر.

يروي إبنها ميشال جون تفاصيل ما جرى مع والدته، حزنه وما عاشه في الأسابيع الأخيرة شكّل صدمة كبيرة عنده. همه الوحيد كما يقول لـ”النهار ” كان “إسعاد والدتي بعد أن عانت كثيراً في حياتها، لقد خسرت زوجها أي والدي عندما كانت حاملاً بي، ثم خسرت شقيقتي عن عمر 9 سنوات. رحلة من العذاب والموت رافقتنا في مشوار تربيتها لي. لم يبق لها إلا أنا في هذه الحياة، وبرغم من خسائرها وآلامها كأم وكزوجة فعلت المستحيل لتجعل مني شخصاً ناجحاً. لقد قطعتُ وعداً على نفسي أن أعوّض لها كل سني ألمها بضحكات وفرح، وأن ترحل من هذه الدنيا وهي تبتسم، إلا أن أمنيتي لم تتحقق وخسارتها بهذه الطريقة ضاعفت وجعي وحزني.”

ويتابع ميشال حديثه: “في 28 كانون الأول 2020 عانت والدتي من ألم في ظهرها وانخفاض في الأوكسجين، ونتيجة ذلك توجهت إلى طبيبها سيمون سعيد الذي شخّص حالتها بالتهاب رئوي ووصف لها الأدوية. بعد 3 أيام كانت في عيادته للمراجعة، انخفضت نسبة الأوكسجين كثيراً وطلب منها التوّجه فوراً إلى المستشفى. كانت خالتي برفقة والدتي في ذلك اليوم، ولم تتمكنا من إيجاد سرير في المستشفى، وبعد الاتصال بي كوني خارج لبنان، نجحتُ بعد اتصالاتي في تأمين الأوكسيجين لها في المنزل.”

وصل ميشال إلى لبنان في 2 كانون الثاني، واتصل بالطبيب حتى يعاين والدته في المنزل. يؤكد ميشال إن “الطبيب قدم إلى المنزل برفقة ابنه الذي يعالج أيضاً في احد المستشفيات الكبيرة في جبيل، وأكدا أنها “تعاني من التهاب رئوي وعلينا زيادة بعض الأدوية، بالإضافة إلى فحص دم وصورة للرئة. وبعد إجراء الفحوصات والصور في 5 كانون الثاني، أصر الطبيب على أن المشكلة رئوية و”ان شاء الله خير”.

بقيت نوال على هذه الحالة حتى 16 كانون الثاني عندما عانت من انخفاض في الأوكسيجين برغم من آلة الأوكسجين. وعند الاتصال بالطبيب وفق ميشال قال لهم “له له له ما تكون كورونا؟”. شكّل هذا الجواب صدمة لي، كيف يمكن أن تكون كورونا ولماذا لم تفكر بهذا الاحتمال من قبل؟ كيف له الجزم أنها كورونا ولم يطلب منا حتى فحص الـpcr طوال الأسابيع الماضية. ورفض معاينتها بعد شكوكه بإصابتها بالكورونا، وقد اضطررتُ إلى الإستعانة بطبيب آخر الذي وصف لها أدوية نتيجة الالتهاب إلى حين صدور نتيجة فحصها.”

أُدخلت السيدة نوال إلى المستشفى بعد يومين، وكشفت الفحوصات أنها مصابة هي وعاملة المنزل التي تهتم بها. لم يكن لجوؤنا إلى الطبيب سعيد إلا لأنه تابع حالة والدتي في السنوات الماضية نتيجة معاناتها من التهاب رئوي وعالجها، أما اليوم فكانت الصدمة نتيجة تشخيص خاطئ قبل أن يتضح له بعد أسبوعين أنها قد تكون مصابة بالفيروس.

اتصال غريب
تلقى ميشال اتصالاً من مستشفى سان لويس في جونية حيث كانت والدته تُعالج، يشرح تفاصيل ما جرى والصدمة الثانية التي تعرض لها قائلاً: “اتصلت بي ممرضة كانت تهتم بوالدتي بعد 12 يوماً من دخولها، وسألتني عن صيغتها التي كانت ترتديها أثناء دخولها إلى المستشفى. وأطلعتني أن اسوارتها اختفت ولم يبق سوى خواتمها، وقلتُ لها لا يهمني في الوقت الحاضر سوى صحة والدتي. وبعد رفع تقرير إلى ادارة المستشفى تم الاعتراف بحدوث سرقة وسيتم اتخاذ التدابير اللازمة في هذا الموضوع.”

يشدد ميشال على أنه “ما يريده ليست الصيغة المفقودة بحد ذاتها ولا هدفه التشهير بأحد، ما يهمه استرجاع أي شيء يخص والدتي خصوصاً بعد رحيلها. “هيدي قطعة منها” وأريد استرجاعها. ما آلمني أننا نعيش في مزرعة، الفوضى عارمة ولا أحد يقوم بواجباته، لا الطبيب أحسن تشخيص حالة والدتي ولا المستشفى تعامل معنا بطريقة صحيحة نتيجة سرقة صيغتها. كنتُ أتمنى فقط أن يكون تشخيصه باكراً. كان هناك أمل في إنقاذها خصوصاً أنها كانت تعاني من أعراض واضحة، انا لا أعرف بالطب ولكن الطبيب يعرف مهنته جيداً.”

ونتيجة ما حصل، تقدم ميشال بشكوى مرفقة بكل التقارير إلى نقابة الأطباء، صرخة ميشال ليست بهدف التشهير كل ما يطلبه “رفع الصوت على ما يحصل في المستشفيات من تأخير في التشخيص للتهرب من المسؤولية وصولاً إلى ما حصل معها في المستشفى. وكما يقول في النهاية “الغالية راحت وما عاد في شي ينفع، بس يلي صار وجعني كتير خصوصي أنو كنت وعدتها بأن اجعلها تضحك طوال حياتها، رحلت حزينة وخائفة”.

في المقابل، يؤكد محامي مستشفى سان لويس إيلي حمصي أن “المستشفى هو من اتصل بإبن المريضة السيد ميشال جون وأطلعته على فقدان صيغتها. وقد تم صرف الممرضة التي كانت تعمل في القسم بعد العودة إلى تسجيلات الكاميرا والتي أظهرت ارتكابها هذا الفعل. كما سيتابع المستشفى من خلال تقديم شكوى بجرم السرقة إلى النيابة الاستنئنافية.”

في حين اكتفى الطبيب سيمون سعيد بجواب مقتضب قبل أن يقفل الخط: “عاينتها في 11 كانون الثاني ومن ثم علمت أنها دخلت إلى المستشفى ومن ثم توفيت في 4 شباط. ولم أرها في هذه الفترة”.