المصدر : الديار
كتبت صحيفة ” الديار ” : اذا قَصَدتَ، كصحافي، في هذه الايام المديرية العامة للامن العام بغية انجاز معاملة ما بعد اغلاق طويل الامد فرضته جائحة كورونا ، وتسنى لك ان تلتقي، صدفة، المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم فتستوقفه للسلام وبعض الكلام، لكان اي صحافي قد بادر بديهيا، تماما كما فعلت، فانهالت على اللواء ابراهيم اسئلة تطال ملفات عدة، طالبة منه بالحاح ان اصيغ اجوبتها في مقال لصحيفة “الديار”. تردد اللواء ابراهيم بداية مؤكدا ان اكثر من شخص طلب منه مقابلة ورفض في هذه الفترة فاصريت باعتبار ان المسألة لم تكن منسقة مسبقا وعلى قاعدة”رب صدفة خير من الف ميعاد”، لم يكسفن المدير العام للامن العام المعروف عنه اصلا بعده الاعلامي عن دائرة الضوء لكن لا يمكن ان تلتقي برجل بحجم اللواء ابراهيم وان تتركه وشأنه كأن شيئا لم يكن…
عن العقوبات الاميركية “الافتراضية” بحقه وما اذا كانت صفحتها طويت نهائيا، وهو العائد حديثا من واشنطن حيث التقى اهم المسؤولين الامنيين في البيت الابيض واولهم مستشار الامن القومي الاميركي روبرت اوبراين ومساعد وزير الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الادنى دايفيد هايل ومديرة الاستخبارات المركزية جينا هاسبل والذي اجتمع مع السفيرة الاميركية في لبنان دوروثي شيا بعيد عودته من واشنطن وكذلك التقى موفدا اميركيا؟ سالنا فرد مدير عام الامن العام بحزم قائلا : لا ادري اذا طويت هذه الصفحة نهائيا لكن بالنسبة لي فانا مطمئن.
يكمل اللواء ابراهيم في حديثه فيقول : “ان احتمال ان يمر مشروع القانون(Bill) بحسب الدراسات في اميركا هو اصلا دون ال 5 بالمئة، والاسباب الموجبة الواردة فيه لا اساس لها وغير موجودة وبالتالي عندما يريد ان يأخذ مجراه القانوني يسقط بنفسه تلقائيا.
فيضيف : “لا شيء “ينقزني” او يدفعني لاكون حذرا في علاقاتي مع اميركا لكن في الولايات المتحدة الاميركية المؤسسات التشريعية شيء والادارة شيء اخر وفي النهاية التسمية تعود للادارة”.
نستوقفه لنسأل: يعني تلقيت رسالة اطمئنان من السفيرة الاميركية وكذلك الموفد الذي زارك؟ يضحك ابراهيم ليتبع الضحكة ب طبعا!
عن “الثرثارين” الذين سبق وتحدث عنهم اللواء ابراهيم قائلا “كتار وبنعرفن”، سألنا: من “يحرتق” اليوم على اللواء عباس ابراهيم ولماذا؟
سريعا يجيب اللواء بالتالي :” من هو متضرر سواء في الداخل او الخارج من دوري الشخصي والوطني ومن اعادة اظهار لبنان على الخارطة الدولية بوجه ايجابي.
اما لهؤلاء الثرثارين فرسالة من عباس ابراهيم مفادها:”لست متأثرا بثرثراتكم …مستمر بعملي وملتزم بواجباتي الوطنية وسأقوم بكل ما انا مقتنع به”!
ابراهيم: لا معلومة ضد باسيل بالفساد !
من العقوبات “الافتراضية” بحقه الى العقوبات “الواقعة” على رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، فسالنا، اليست سياسية او هناك فعلا تهمة فساد؟ هنا رد اللواء بالتالي:
بموضوع الفساد ليس عندي اية معلومة ضد الوزير جبران باسيل وهو اي باسيل يدرك تماما كيف يدافع عن نفسه وهو بكل الاحوال يقوم بذلك بثقة مطلقة بالنفس ونعم ممكن ان تكون العقوبات عليه سياسية لا علاقة للفساد بها.
ولكن هل لمست خلال اجتماعاتك بواشنطن امكان فرض عقوبات على الرئيس سعد الحريري ولذلك الاخير يتريث بموضوع الحكومة والاصرار على عدم تمثيل حزب الله فيها ؟ على هذا السؤال يؤكد اللواء ابراهيم انه لم يتطرق في جولته الاميركية لموضوع العقوبات لا من قريب ولا من بعيد كما ان احدا لم يفاتحه بها، مشيرا الى ان جولته كانت ذات طابع امني سياسي انساني.
ليضيف: تحدثنا عن الضغوطات التي تمارسها الولايات المتحدة بشكل عام واجرينا تقييما وما اذا كانت هذه السياسة ستؤدي الى النتيجة المتوخاة او ستكون نتائجها عكسية وانا قلت ان هذه السياسة (سياسة الضغوط) لن توصل لاي مكان فالحوار وحده هو الذي يوصل للهدف المنشود، فالضغوط، بحسب ابراهيم، سياسة قد تدفع المضغوط عليه الى اتجاه لا تريده الولايات المتحدة.
الاجواء الخارجية لا توحي بحكومة قريبة!
عن الحكومة التي سبق ولعب اللواء عباس ابراهيم دور الوسيط في تشكيلها سابقا في اكثر من محطة، لدرجة ان بعضهم لقبه “بالدينامو الحكومي” والرجل الذي يستطيع تقريب وجهات النظر حيث يكثر الهوات ويفشل الاخرون، سالنا : اين اللواء ابراهيم اليوم من هذه المسالة ولم لا تلعب دور الوسيط في تقريب وجهات النظر بين الرئيس المكلف سعد الحريري والوزير باسيل او عبر رئيس الجمهورية؟
انا اعتبر اليوم ان الظروف غير مؤاتية للعب دور الوسيط لان الضغوط الخارجية كبيرة جدا ومحاولة تاليف حكومة على وقع الاداء الدولي متقدمة على تاليف حكومة على وقع الاداء السياسي الداخلي.
ولكن : متى سنكون امام حكومة في لبنان؟”، الجواب على هذا السؤال اختصره ابراهيم بجملة مفادها: الاجواء الخارجية لا توحي بحكومة قريبة!
اغتيالات سياسية؟ ابراهيم: الوقت قد يكون ملائما لتصفيات!
ولان الوضع الراهن بظل عدم تشكيل حكومة ينذر بالاسوأ كان لا بد من السؤال عما كشفه منذ يومين وزير الداخلية السابق مروان شربل عندما قال : اتوقع حصول اغتيالات سياسية خلال هذه الفترة”، الا ان المدير العام للامن العام يقف لحظة متريثا بالتعليق على هذا الكلام فيفكر لبرهة قبل ان يقول : “في هذه الفترة يجب ان يأخذ كل مسؤول حذره لان الامور ضائعة خصوصا بعد نتائج الانتخابات الاميركية اذ ان هناك اجهزة كثيرة في المنطقة والعالم تجد اليوم ان الوقت ملائم لتصفية حسابات قد تصل لحدود “التصفيات”.
من السيناريو الاسوأ انتقلنا الى ملف النزوح السوري الذي سبق للواء ابراهيم والامن العام ان لعب دورا اساسا في عودة عدد كبير من النازحين الى ديارهم فشكل اسم عباس ابراهيم نقطة مضيئة في ملف ارهق لبنان على المستويات كافة ، ولكن هل سيصل هذا الملف لخواتيم سعيدة بظل رفض طرف لبناني التفاوض المباشر مع سوريا؟
لافتة كانت صراحة اللواء ابراهيم في رده على هذا السؤال سريعا اذ قال مصارحا :هذا الملف هو دولي اكثر منه محلي او لبناني سوري ، وما نحاول القيام به في الوقت الضائع هو تخفيف الضرر عن المجتمع اللبناني والاقتصاد اللبناني وليس الغاء الضرر لان الغاء الضرر كليا يتطلب جوا دوليا ومقاربة لحل الازمة السورية عبر حل سياسي في سوريا لا يزال غير متوفر حتى اللحظة.
لا يمكن للحديث مع اللواء ابراهيم الذي تربطه علاقة مميزة مع رئيس الجمهورية ان يمر من دون السؤال عما اذا كان الرئيس عون لا يزال قادرا على انقاذ عهده؟ على هذا السؤال يحيلك اللواء ابراهيم بجوابه الى تاريخ “الجنرال” ليقول :” معروف عن الرئيس عون عبر تاريخه انه الرئيس الذي يُنجِز ولو كان واقفا على حافة الهاوية”.
ابراهيم : عون هو الرئيس الذي لا يستسلم! وسيُنجز طبعا!
ليكمل : انه الرئيس الذي لا يستسلم ” يقول ابراهيم فنقاطعه لنسال ولكن حضرة اللواء هناك من يسأل : ماذا حقق الرئيس عون من انجازات تذكر في عهده فيرد ابراهيم سريعا بسؤال اخر مفاده : “كيف ما عمل انجازات؟ ليكمل سائلا : بعهد من اقر قانون الانتخاب الذي نقل لبنان الى مكان اخر ووضعه على سكة التأسيس لوطن بادخال النسبية ؟ وبعهد من انجزت الموازنة وحسابات الدولة واقرت مراسيم النفط والغاز؟ كل هذا حصل بعهد الرئيس عون وهو طبعا قادر على انجاز المزيد وهو مصمم على ذلك، يختم اللواء ابراهيم جازما!
ولان اثنين لا يختلفان على العلاقات القوية جدا التي تمكن اللواء ابراهيم من نسجها مع الولايات المتحدة الاميركية التي ترى فيه “رجل الثقة” وكذلك علاقته الوطيدة والمتينة مع سوريا باعتباره “ر جل الامن والامان” فكان لا بد من السؤال عن العلاقة مع المملكة العربية السعودية الا ان البارز هنا كان ما كشفه اللواء ابراهيم بقوله:”انها علاقة عادية اخوية مع السعودية والمسؤولين السعوديين وهناك تواصل عند الحاجة وتبادل معلومات لما يخدم مصلحة وامن البلدين عند الحاجة”.
وبما انني بطبعي احب “الاسئلة غير التقليدية” ولا سيما مع شخصية بحجم اللواء عباس ابراهيم فكان لا بد قبل الختام من سؤال لطالما دار في ذهني منذ ان سمعت باسم” اللواء” يخرج الى الضوء منذ سنوات طويلة “فخاطرت” وسألت :” اسم واحد يتردد لخلافة الرئيس نبيه بري، يوما ما، هو عباس ابراهيم فهل سنراك في لحظة ما رئيسا لمجلس النواب؟
يضحك اللواء ابراهيم قبل الاجابة ثم يردف قائلا:علاقتي جيدة جدا بالرئيس بري واللواء ابراهيم اليوم يسعى لينجح حيث هو ليضيف:”نا عسكري ابن المدرسة الحربية وبالتالي اكون حيث يجب ان أكون في خدمة لبنان سواء في السياسة او غير السياسة…
انتهى الحوار الدَسِم مع اللواء ابراهيم . الا ان الحديث بلا قفازات مع المدير العام للامن العام لا ينتهي فصولا فرجل “المهمات الصعبة” الذي يعمل “عالسكت” بلا ضجة ولا بروباغندا اعلامية ، يحوي على كنوز امنية وسياسية كثيرة كثيرة لكن ما يميز ”اللواء” انه لا يبحث عن ضوء يخرجه الى العلن انما كلما اقترب منه الضوء ابتعد هو اكثر فاكثر ليصح به القول :”دع انجازاتك تتحدث عنك “.
ما ان غادرت مبنى المديرية العامة للامن العام بعيد انتهاء اللقاء حتى فهمت لم اللبنانيون يرتاحون لاسم عباس ابراهيم!