كيف خسرت أميركا نفوذها في الشرق الأوسط؟

رأى الكاتب آدم لامون أن استهداف القاعدة الأميركية في شمال شرق سوريا بواسطة طائرة مسيرة، هو أحدث مؤشر على أن الولايات المتحدة تبقى في حالة حرب في سوريا، مؤكدًا بالأرقام أن الأميركيين هناك يواجهون مخاطر حقيقية.

وفي مقالة نشرها موقع “ناشيونال انترست”، لفت الكاتب إلى “أنها ليست المرة الأولى التي يتم فيها استهداف القوات الأميركية في سوريا”، مستبعدًا أن تكون المرة الأخيرة.

وشدد على أن الأميركيين في سوريا يواجهون مخاطر حقيقية، مستشهدًا بالأرقام الصادرة عن “المعهد اليهودي للأمن القومي الأميركي”، التي تفيد أن القوات الأميركية تعرضت لـ 72 هجومًا على الأقل منذ العام ٢٠١٧ (لا تشمل الهجوم الأخير)، وأن أكثر من 90% منها حصلت خلال العامين الماضيين”.

الكاتب أشار إلى أن “واشنطن تدرك أن دمشق ليست في حالة عزلة كما كانت”، متحدثًا في هذا السياق عن “تقارب إقليمي ملحوظ مع الحكومة السورية”. وأضاف أن الموضوع “لا يشمل دولًا مثل الإمارات والبحرين وسلطنة عمان التي فتحت أبوابها للحكومة السورية، بل يشمل أيضًا تركيا والسعودية اللتين تسعيان الآن إلى المصالحة مع دمشق”.

وتابع الكاتب أن ما أسماه “اتفاق السلام الناشئ” بين السعودية وسوريا الذي يأتي في أعقاب الانفراج في العلاقات بين طهران والرياض من شأنه أن يغير أكثر فأكثر في المشهد السياسي في الشرق الأوسط”، وقال: “لو نجحت مساعي روسيا في إعادة العلاقات بين الرياض ودمشق، فإن ذلك سيشكل نصرًا كبيًرا آخر لخصم أميركي آخر، فضلاً عن انه سيشكل نصرًا للمنطقة بأكملها”، واعتبر أن “تحقيق هكذا سيناريو، سيجعل نخب المنطقة على قناعة بأن لديهم خيارات بديلة عن الولايات المتحدة لتحقيق أهدافهم السياسية والأمنية”.

كيف خسرت أميركا نفوذها في الشرق الأوسط؟

كما رأى أن “الصين وروسيا تنتهجان سياسات إقليمية بدأت تساعد على ترسيخ الاستقرار في الشرق الأوسط”، موضحًا أن “بكين تقدم نفسها على أنها صديقة للجميع وليست خصمًا لأحد، مما يسمح لها بأن تتموضع كوسيط نزيه بشكل تعجز عنه واشنطن، فيما روسيا هي الأخرى ينظر إليها على أنها شريك يمكن الاعتماد عليه”.

في المقابل، ذكّر الكاتب بأن “الولايات المتحدة هي من اجتاحت العراق قبل 20 عامًا، وبالتالي تسببت باندلاع الفوضى والعنف في المنطقة”، لافتًا إلى أن “واشنطن هي من انسحبت بشكل أُحادي من الاتفاق النووي مع إيران”.

وأكد الكاتب أن “الدور الأميركي في المنطقة يتغير، وأن على واشنطن أن تدرك أنها لا تستطيع “القيام بكل شيء” في الشرق الأوسط ويتوجب عليها عدم محاولة ذلك”، وقال: “عليها أن تُجري عملية إعادة تقييم لتحديد المجالات التي يمكن لمساعيها أن توجٍد أثرًا إيجابيًا، بالإضافة إلى تحديد مصالحها القومية الحيوية”.

 أميركا بدأت تتكيف مع واقع جديد بنشوء عالم متعدد الأقطاب

وفي سياق متصل، رأى الكاتب ليون هادار أن “الحربين الأميركيتين في العراق وأفغانستان وضعتا بعض القيود على قدرة الولايات المتحدة على استخدام قوتها العسكرية”.

وفي مقالة نشرها الموقع نفسه، أضاف الكاتب أن رد الفعل الشعبي الغاضب في الولايات المتحدة على حرب العراق قلَّص من إمكانية إقدام أي إدارة أميركية سواء ديمقراطية أو جمهورية على التحرك من أجل تغيير النظام في إيران”، وقال إن “أميركا وعلى ضوء خسارة موقعها المهيمن في الشرق الأوسط، لم يكن أمامها خيار سوى القبول بعودة روسيا إلى المنطقة، وهذا ما فعلته حين اضطرت إلى البحث عن حل دبلوماسي لملف إيران النووي”.

ورأى أنه “يجدر بواشنطن في هذا السياق أن ترحب بتنامي الدور الصيني في المنطقة، بعد أن ظهرت نجاعة وساطة بيكن الناجحة في إعادة العلاقات بين إيران والسعودية”، متحدثًا عن “إمكانية السماح للصين والأوروبيين بتكثيف دورهم من أجل جلب الاستقرار إلى المنطقة”.

وبينما اعتبر أن “التنبؤ في هذه المرحلة بما ستؤول إليه الأمور في أوكرانيا هو أمر مستحيل”، شدد على أن “هناك إجماعا في واشنطن رفضًا لإرسال القوات الأميركية إلى هناك المشاركة في الحرب ضد روسيا”، وأكد أن “أي تسوية لهذه الحرب يجب أن تأخذ هذه القيود في الحسبان”.

الكاتب تابع أن “الدور العسكري الأميركي المتنامي في منطقة المحيط الهادئ، سيقتضي من الأوروبيين تنشيط دورهم من أجل حماية مصالحهم الأمنية في القارة الأوروبية، وكذلك في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا”.

وختم الكاتب مشيرًا إلى أن “كل هذه التطورات يمكن وضعها في سياق نشوء عالم متعدد الأقطاب والتكيف الأميركي مع الواقع”.