المصدر : علي داود – الوكالة الوطنية للإعلام
تشهد “القرى والبلدات” في مناطق النبطية والجنوب هذه الأيام ظاهرة جديدة، تتمثل بجمع الحطب وتقليمه من الزيتون والصنوبريات لاستخدامه للتدفئة في فصل الشتاء، عوضا عن المازوت بسبب ارتفاع سعره، ولا سيما أن الحطب أقل سعرا وأزكى رائحة، وأفضل من الناحية الصحية. وضغط الاوضاع الاقتصادية على كاهل مختلف المواطنين وخصوصا من ذوي الدخل المحدود في الجنوب، أدى إلى اعتماد الحطب وسيلة للتدفئة لمواجهة تداعيات البرد وقسوة الشتاء، خصوصا انهم تحت خط الفقر وليس باستطاعتهم شراء مادة المازوت طيلة أربعة أشهر من الشتاء.
ويحتاج المواطن إلى برميلي مازوت على الأقل في الشتاء، حيث يبلغ سعرهما نحو 400 الف ليرة، وهو ما يرهق قدرته على دفعها في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة، فكان الحطب للتدفئة اوفر بكثير وان كان البعض يشتري المتر الواحد بـ 200 الف ليرة لكن الغالبية اعتمدوا على جمع الحطب من الأودية وتقليمه من الزيتون والصنوبريات.
ولجأ سكان المناطق الجبلية العالية في منطقتي النبطية وإقليم التفاح الى استخدام الحطب، مع بدء برودة الشتاء وضغطه لانهم يجدون فيه دفئا لا مثيل له، “والدفا عفا ولو بعز الصيف” حسب المثل اللبناني، وهو ما ادى لانتعاش صناعة مدافئ الحطب في النبطية وحاروف وجرجوع ويبقى سعرها اقل من اسعار المدافئ الأخرى.
فقيه
وفي هذا الاطار، يقول نائب رئيس الاتحاد العمالي العام المهندس حسن فقيه لـ”الوكالة الوطنية للاعلام”، “اننا نشهد في الجنوب ظاهرة جمع الحطب من قبل المواطنين من ذوي الطبقات الفقيرة لاستخدامه في التدفئة بشكل لم نره خلال الحرب الكونية، وان ذلك يدل على الوضع الاقتصادي والمعيشي الصعب والضاغط على كاهل تلك الطبقات نتيجة الازمة التي يمر بها لبنان، بعدما انهارت الإمكانات المالية للناس نتيجة تراجع القيمة الشرائية للعملة الوطنية امام ارتفاع سعر الدولار”.
ولفت إلى “الواقع المرير الذي نعيشه بخاصة في الأرياف، حيث قلت المصادر وأبواب الرزق وأي عمل منتج أو حركة اقتصادية، لانه في الريف لولا الحمضيات ساحلا والزيتون جبلا في الجنوب والتبغ في الجنوب أيضا، لانعدمت الحركة الاقتصادية وكنا نعيش حالا مأسوية ما يتطلب من الدولة إعادة ضخ الروح في الأرياف في ظل العثرات التي يمر فيها في ظل ارتفاح أسعار كهرباء الدولة والاشتراك، والمياه التي يدفع بدلها المواطن للدولة وللاستخدام المنزلي وللشرب 3 مرات، فمن هنا عودة الناس لجمع الحطب في الجبال واستخدام الطرق البدائية الأولى التي كانوا يستخدمونها في السابق”.
قاسم
وأوضح مختار يحمر الشقيف سمير قاسم أن “العديد من عائلات البلدة ليست من الطبقة الميسورة، وهي لجأت الى الحطب كمادة وحيدة للتدفئة الشتوية، وخصوصا أن بلدتنا تشرف على نهر الليطاني وتبقى عرضة للبرد طيلة أكثر من 5 أشهر، لذلك نقوم بجمع الحطب من على ضفاف النهر، ونقله وتخزينه في المنازل اعتبارا من فصل الصيف، ويستمر عملنا نحو شهر لجمع المؤونة الشتوية من الحطب، وهو بالنسبة لنا يعادل المونة الشتوية من الاكل، لان الثلج يحتجزنا في منازلنا أحيانا أسبوعا”.
ودعا “المسؤولين والمعنيين الى الالتفات إلى الشعب المعدم، وان يوفروا له الامن الاجتماعي ، فالامن الاجتماعي مقدمة لتحقيق الامن الامني العام، وهو قيمة مضافة لتقدم المجتمعات وتطورها”.
وقالت مريم حنون من أرنون أن “للحطب فوائد صحية، فرائحته زكية ولا يتسبب بأمراض للاطفال على عكس مادة المازوت المرتفعة بأسعارها، ويبقى الحطب سواء قمنا بشرائه او جمعه اقل من اسعار المازوت، ونحن عادة نبدأ بتجميع الحطب في شهري تموز واب وقبل ان يبدأ ايلول، وطرفه بالشتا مبلول، وفي شهري تشرين، لكننا ونحن نقوم بهذه المهمة المتعبة من خلال التفتيش عن مصادر الحطب على جوانب نهر الليطاني، تبين لنا ان النازحين السورين قد سبقونا لذلك وجمعوه وخزونه، مع العلم انهم حصلوا على بدل تدفئة ومقداره 950 ألفا من الجمعيات التابعة للامم المتحدة.
واشار علي حسن من جرجوع وهو رب عائلة مؤلفة من 6 أولاد، الى “اننا نحصل على الحطب من مصادر عدة من نهر الزهراني ومن تقليم الاشجار من الزيتون والصنوبر والسنديان، وهو يبقى لا يكفينا مونة الشتاء فنضطر لشراء ما يوازي سعة بيك كبير ب 200 دولار، ويبقى للحاجة القصوى ولمواجهة العواصف والثلوج، وخصوصا أن منطقتنا تتعرض للثلج مرات عدة ما يبقينا في المنازل، ولا سبيل لنا ازاء ذلك الا الدفء والدفء المتوهج والنار المشتعلة في المدافئ وتجهزنا هذه السنة، لان المكتوب بدأ بالظهور عواصف ثلجية الاولى والثانية مرتا فكيف ستكون الاشهر المقبلة”.
ولفت محمد قاسم من يحمر الى أن “منطقتنا معروفة بالصقيع والبرد القارس الذي يلفها من أربع جهات الارض مع الضباب الذي يحجب الرؤية ويلامس الارض، من هنا اعتمادنا على الحطب لانه رفيق العائلة في التدفئة، ومعدل مصروفنا من مونة الحطب لا يقل عن 600 طن خلال فصل الشتاء، ونظرا لاوضاعنا الاقتصادية فقد جمعنا الحطب من البراري والاودية ومن تقليم أشجار الزيتون والأشجار المعمرة، لأننا غير قادرين على شرائه او شراء المازوت الغالي السعر.