السيد نصر الله: ردّنا آتٍ أيًا تكن العواقب.. ويمكننا ضرب مصانع العدو في الشمال بنصف ساعة

أكد الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله أنّ “سرّ قوتنا يكمن في الاستمرار لأن النيل من قادتنا لن يمسّ بعزمنا وتصميمنا على مواصلة الطريق”.

وخلال كلمة له في ذكرى القائد الجهادي الكبير الشهيد فؤاد شكر في مجمع سيد الشهداء (ع) في الضاحية الجنوبية لبيروت، أضاف السيد نصر الله أنّه “قد يلجأ العدوّ أثناء الكلمة إلى خرق جدار الصوت من أجل إخافة الحضور وهذا يدل على أنَّ “عقلاتو كتير صاروا صغار”.

السيد نصر الله تطرّق في بداية كلمته إلى السيرة الجهادية للقائد الشهيد شكر، وقال: “يكمن سرّ قوتنا في الاستمرار، لأن النيل من قادتنا لن يمسّ بعزمنا وتصميمنا على مواصلة الطريق”، وتابع: “السيّد محسن بدأ مقاتلًا، وسريعًا ما ظهرت مواهبه القيادية، وكان حاضرًا دائمًا في كل معارك المقاومة الأساسية، وهو من الجيل المؤسّس في المقاومة، ولكن إضافة إلى ذلك كان من القادة المؤسسين، كما كان على صلة بالعمليات النوعية وخاصة الاستشهادية منها، كما أنّه ومنذ اليوم الأول لبدء طوفان الأقصى بدأ السيد محسن بالتحضير والترتيب لمعركة الإسناد وكان موجودًا في غرفة العمليات طيلة فترة المعركة، كذلك غرفة العمليات المركزية في حرب تموز كانت في عهدة السيد محسن ولم يغادرها طوال 33 يومًا”.

ولفت السيّد نصر الله إلى أن “السيّد فؤاد شكر كان يطرح المشكلة ويطرح الحلول. وفي الشدائد كان سلسلة جبال يمكن أن تستند إليها، وكان أيضًا أستاذًا ومربيًا، وكان يصنع الرجال من القادة الشهداء ومن الاستشهاديين، وكان يملك ثقافة دينية كبيرة وثقافة عامة واسعة وقدرة بيان جيدة جدًا، كما إنّه من العقول الإستراتيجية في المقاومة. كان يفكّر بكلّ الأمة وثريًا بالأفكار، ولديه قدرة عالية على التخطيط”، قائلًا: “نحن في شهادة القادة نعترف بالألم والحزن لأننا بشر ولكننا نجمع بين الحزن للفراق والغبطة بأن وصلوا إلى مرتبة الشهادة، ونحن نعترف بحجم الخسارة. وشهادة السيّد محسن خسارة كبيرة، ولكن هذا لا يهزّنا على الإطلاق ولا يوقفنا، والدليل العمليات المستمرة والعمليات الجديدة في مستوطنات وعمقٍ جديدين”، وتابع: “المستوطنون يسألون ما جرى اليوم والأيام الماضية، هل هو الرد على اغتيال فؤاد شكر؟ ونحن نقول: كلا هذا ليس ردًا على الاغتيال”.

وعن الوضع العام قال السيّد نصر الله: “في الآونة الأخيرة تطورت ظروف تساعد بقوة على فهم حقيقة الأهداف التي تسعى إليها حكومة نتنياهو المتطرف، كتصريح وزير المالية “الإسرائيلي” الذي اعتبر أنه من “العدل” قتل مليوني فلسطيني في غزّة إذا لم يرجع الأسرى الصهاينة”، مشيرًا إلى أنّه “من التطورات المهمة رفض “الكنيست” قيام دولة فلسطينية، إذ هناك شبه إجماع كبير في كيان العدو على ذلك بمعزل عن طبيعة هذه الدولة”، وهذه التطورات بحسب السيد نصر الله “تهمّ كل من يراهن في فلسطين أو في العالم العربي والإسلامي على مسار تفاوضي لإقامة دولة فلسطينية وصفعة لهم جميعًا ولكل الدول العربية التي تتبنى مبادرة السلام العربية”.

السيد نصر الله لفت إلى أنّ “نتنياهو لا يريد وقفًا للحرب ولإطلاق النار ويصرّ على ذلك في كل الصفقات ويسعى لتهجير أهل غزة، مؤكدًا أنّ “الإسرائيلي لا يقبل بدولة فلسطينية حتى في قطاع غزّة لأنهم يرون فيها خطرًا وجوديًا ولو اعترف بها دوليًا فقط في غزّة”، موضحًا أنّ “هناك مشروعاً صهيونياً يقول لا دولة فلسطينية، بينما مشروع جبهة المقاومة فلسطين من البحر إلى النهر، وكل المشاريع في الوسط ستذوب لأنه لا مستقبل أمامها وغير واقعية”، لافتًا إلى أنّ “المشروع في الضفة من قبل طوفان الأقصى هو تهجير أهل الضفة بالقتل والعمليات والقصف بسلاح الجوّ”، وأنّه “إذا انتصر نتنياهو والتحالف الأميركي الصهيوني على المقاومة في غزّة والضفة سيأتي الكيان القاتل للأطفال للتسيّب في المنطقة”.

وحول الدور الأميركي في الحرب على غزة، قال السيد نصر الله إنّ “الولايات المتحدة الأميركية صمتت على مدى 31 عامًا، والآن حديثها عن إقامة دولة فلسطينية كذب ونفاق، لأن أي تصويت حول دولة فلسطينية في مجلس الأمن يرفع الأميركي حق “الفيتو”، والأميركي يخادع العالم بأنه غير راضٍ عن أداء نتنياهو خلال الحرب، ويعمل للضغط عليه، وهذا كله كذب لأنهم يزوّدونه بأطنان من السلاح”.

السيد نصر الله أكد أنّه “لو هُزمت المقاومة في غزّة ولن تُهزم فلن تبقي “إسرائيل” أي مقدسات إسلامية ولا مسيحية ولن تبقى فلسطين ولا الأردن ونظامها الحاكم ولا سورية وصولًا إلى مصر”، من هنا يرى السيد نصر الله أنّه من “الواجب على كل أبناء المنطقة وضع هدف منع “إسرائيل” من الانتصار في هذه المعركة والقضاء على المقاومة والقضية الفلسطينية، والمطلوب المواجهة والتصدي وعدم التردّد وعدم الخضوع، وهذا واجب إنساني وشرعي، لأنّ “الخطر “الإسرائيلي” لا يُواجه بدسّ الرؤوس في التُراب والهروب من العاصفة، لأن العدوّ يقاتل بدون خطوط حمراء”، كما أنّ “اغتيال القائدين شكر وهنية هو إنجاز “إسرائيلي”، ولكنه لا يغيّر في طبيعة المعركة، وقد جعل ذلك وضع العدو أصعب، فعمليات الضفة تصاعدت والهجرة العكسية ارتفعت إضافةً لضرر على الأصعدة كافة”.

السيد نصر الله دعا “المقاومة في غزة والضفة من منطلق الشراكة في الدم والجهاد والمستقبل والناس الشرفاء إلى المزيد من الصبر والصمود”، كما دعا “جبهات الإسناد في لبنان والعراق واليمن إلى الاستمرار في إسناد غزّة رغم التضيحات”، كما لفت السيد نصر الله إلى أنّ “إيران أُلزمت بعد الاعتداء على القنصلية الإيرانية في دمشق، والآن ملزمة أن تقاتل بعد اغتيال الشهيد هنية في طهران وليس مطلوبًا من إيران وسورية الدخول في القتال”، هذا ودعا السيد نصر الله “الدول العربية لأن تستيقظ أمام الخطر الذي يهدد المنطقة”.

السيد نصر الله توجّه إلى اللبنانيين بالقول: “على البعض في لبنان فهم حجم مخاطر ما يجري في المنطقة، وهم يعربون عن خوفهم إذا انتصرت المقاومة في المعركة، وأنا أقول لهم عليكم الخوف من انتصار العدوّ”، وأضاف “من لا يؤيدنا في لبنان نطلب منه ألا يطعن المقاومة في الظهر ولا يشارك في الحرب النفسية ضدّنا”.

وعن الردّ على اغتيال القائدين الشهيدين شكر وهنيّة قال السيد نصر الله “حزب الله وإيران واليمن ملزمون بالردّ، والعدو ينتظر هذا الردّ ويحسب كل صيحة عليه هي الردّ، وأضاف: “نتصرف بشجاعة وتأنٍ والانتظار “الإسرائيلي” على مدى أسبوع هو جزء من العقاب”، وتابع: “في الماضي كان العدو يقف على رجل ونصف على الحدود اللبنانية، واليوم تهديد حزب الله وإيران جعل “إسرائيل” كلها تقف على رجل ونصف”، مضيفًا “أهم جدار صوت نقوم به هو أنه بمجرد إرسال المُسيّرات تُطلق صفارات الإنذار في كيان العدو”، وأشار السيد نصر الله إلى أنّ “ما يملكه العدو من مقدّرات في الشمال يمكن استهدافه في أقل من نصف ساعة”.

وعن حادثة “نهاريا”، أوضح السيد نصر الله أنّ “مُسيَّراتنا ذهبت إلى شرق عكا وأحد صواريخ القبة الحديدية فشل في ملاحقة أحد الأهداف وسقط في نهاريا، وحتى الآن هناك 19 جريحًا”، وتابع “جيش العدو مُلزم بأن يوضح ما جرى في “نهاريا” لأنه ملزم بردّ، وهؤلاء “إسرائيليون”، بينما لم يعترف في مجدل شمس لأن الاستهداف كان لأهلنا العرب السوريين من الموحدين الدروز، لأنه هناك في تضليل ومشروع فتنة”.

وبشأنّ ردّ المقاومة على اغتيال الشهيد القائد السيد شكر، كشف السيد نصر الله أنّ “الوفود تأتي وتضغط اليوم، وبعض الاتصالات يأتي من جهات وقحة لم تستنكر قتل المدنيين والأطفال في لبنان وفلسطين”، وأنّ “الأميركيين يطلبون المزيد من الوقت للعمل على وقف الحرب في غزة، ولكن من يمكن أن يثق بالأميركيين المستمرين بالنفاق والكذب منذ عشرة شهور؟”، لافتًا إلى أنّ “هذه معركة كبيرة ودم غالٍ وعزيز واستهداف خطير لا يمكن أيًا تكن العواقب أن تمر عليه المقاومة، مؤكدًا “ردّنا آتٍ إن شاء الله وحدنا أو مع جبهة المقاومة”، لكن “نتحدث اليوم بمسؤولية وعن مستقبل سنصنعه معًا بصبرنا وتحمّلنا وتوكلنا على الله ودماء شهدائنا”.

وأكد السيد نصر الله: “نحن حريصون في لبنان على وطننا وأهلنا، ولكن لا يُمكن أن نُطالب من أحد بأن نتصرف مع العدوان كما لو أنه ضمن سياق المعركة القائم منذ 10 أشهر، والعدوّ “الإسرائيلي” هو الذي اختار التصعيد مع لبنان وإيران”، وختم السيد نصر الله قائلًا: “ردنا آتٍ، وسيكون قويًا ومؤثرًا وفاعلًا، وبيننا وبينهم الأيام والليالي والميدان”.