جديد” حزب الله” في معركته الجنوبية: “الدرون” الإنتحارية

بالرغم من تخفيف جميع المعنيين في محور “المقاومة” من اهمية العملية العسكرية الاسرائيلية في رفح، وحتى من فكرة اجتياح رفح بالكامل، الا أن التطورات العسكرية التي بدأت تظهر مؤشراتها على أكثر من جبهة مساندة توحي بأن الجميع يتعامل بجدية مع هذه الخطوة الإسرائيلية، وقد يكون هذا التعاطي العسكري جزءاً من الضغط على الحكومة الاسرائيلية من اجل التجاوب مع المبادرات والقبول بالطروحات الدولية لوقف اطلاق النار بشكل نهائي في قطاع غزة، وقد يكون الامر مرتبطاً بأهمية رفح في المعادلة الغزاوية.

من الواضح أن “حزب الله” بدأ، ومنذ اللحظة الاولى للاعلان عن بدء الدخول البري الى رفح، رفع مستوى عملياته العسكرية، اذ كثف بشكل واضح عدد عملياته التي تستهدف الجيش الإسرائيلي عند الحدود، وهذا ما يوحي بأن هناك رسالة يراد إيصالها الى تل ابيب بأن دخول رفح لن يكون من دون ثمن عسكري على مختلف جبهات القتال، لكن اللافت هو التطور النوعي وليس الكمي في تعامل “حزب الله” الميداني مع جبهة جنوب لبنان، اذ حصلت تطورات عدة بدأت تأخذ حيزاً كبيراً في الإعلام الاسرائيلي.

أولاً، استطاع “حزب الله” ضمن تكتيكات معينة تخفيف عدد الشهداء الذين يسقطون في صفوفه بشكل لافت مقارنة مع الاشهر الاولى من الحرب، وهذا الأمر يجعل من قدرة الجيش الاسرائيلي على الضغط على الحزب وإيلامه أقل من السابق، ويمكّن الحزب في الوقت نفسه من التقدم في لعبة عض الأصابع او النفس الطويل، وعليه فإن استمرار الحزب في إخفاء عناصره ومقاتليه في الجبهة خلال المرحلة المقبلة سيسجل لصالحه في حسابات الربح والخسارة.

كما أن الحزب زاد من إستخدام المسيّرات الإنتحارية، اذ باتت سلاحاً يستخدم بشكل يومي لإستهداف تجمعات لجنود الجيش الاسرائيلي أو نقاط مستحدثة قيادية داخل المنازل او في الاحراش، وهذا التطور يجعل الحزب قادراً على الوصول الى نقاط خلفية بعيدة عن الحدود لا يمكن له الوصول لها عبر الصواريخ الموجهة المضادة للدروع، وعليه فإن مدى المعركة بات اكبر بالنسبة للحزب ولم تعد الخطوط الخلفية للجيش الاسرائيلي آمنة بالمطلق، وهذا ما يرفع مستوى التصعيد من الجانب اللبناني.

اضافة إلى ذلك، استطاع الحزب أول من أمس إدخال سلاح جديد إلى المعركة وهو “الدرون” الإنتحارية الصغيرة، وقد عبّر عن ذلك في بيان صدر عن الاعلام الحربي معلناً إستهداف جهاز متطور “بمحلّقة إنقضاضية”، ويمكن اعتبار هذا التطور نقلة نوعية في “عصرنة” المعركة التي يقوم بها الحزب، اذ ان سلاح “الدرون” الإنتحاري يستخدم في الحرب الروسية بشكل اساسي وكذلك بات في الاشهر الاخيرة يستخدمه الجيش السوري في إستهدافات إدلب، وهو سلاح رخيص جداً ويعول عليه الخبراء بأن يكون جزءا من مستقبل الحروب.

كل هذه التطورات توحي بأن “حزب الله” قرر عمليا الإرتقاء بمستوى استخدام القوة في لحظة بالغة الحساسية اسرائيليا، اذ ان تل ابيب تريد الدخول الى رفح وفي الوقت نفسه تتلقى ضربات ترهق جيشها على الجبهة الشمالية في ظل الضغوطات الاميركية القاسية.