انتخابات نقابة المهندسين.. لائحة الوحدة الوطنية والمقاومة تُسكت أصوات الفتنة

علي ماضي

تعرّف النقابة على أنها تجمُّع لمن يعمل في مهنة أو عمل معين لا سيما في المهن الحرّة من مهندسين أو أطباء أو محامين وغيرهم. يجتمعون ضمن نقابة تعمل على تنظيم عملهم. ولكل نقابة نظامها الداخلي، فيما تجري النقابات كل فترة محددة انتخابات لاختيار نقيب وأعضاء يسيّرون أمورها، وعادة ما تكون الأجواء تنافسية، ففي لبنان حيث لا تنفصل الملفات عن السياسة، يشهد اليوم الانتخابي النقابي أجواءً من الحماسة والتحدي، ويحاول البعض فيه استغلال الأحداث والسلطة للتأثير على مسار  الانتخابات، لما لها من تأثير على الجو العام في البلاد، ولما لها من مؤشرات على التغيرات السياسية بشكل عام.

وتعتبر نقابة المهندسين أكبر نقابة في لبنان لما تتضمنه من عدد، وهي تتوزع بين نقيبَين وأعضاء في بيروت وطرابلس. 

وقد شهدت نقابة بيروت منافسة قوية لا سيما على المستوى المسيحي، وكانت نتيجتها فوز النقيب فادي حنّا المنتمي للتيار الوطني الحر، والذي كان ضمن لائحة تضم تحالف حزب الله وحركة أمل والتيار وجمعية المشاريع وآخرين، ومثّل هذا الفوز ضربة قويّة لتحالف “القوات اللبنانية” التي حاولت مع حلفائها استغلال حادثة مقتل أحد قيادييها باسكال سليمان بغرض الفوز.

المهندس حجازي

وتعليقًا على الانتخابات ونتيجتها، يشير مسؤول وحدة المهن الحرّة في حزب الله، المهندس حسن حجازي، في حديث لموقع العهد الإخباري إلى أن “المعركة ذات طابع نقابي، ولكن شئنا أم أبينا كان لها طابع سياسي لأنها معركة نقيب، خاصة في ظل الظروف الدقيقة التي تمر بها المنطقة، فإن أي حدث في الداخل وأي انتخابات سيكون لها صداها وآثارها وانعكاس هذه الأجواء عليها، ونحن خضنا معركة نقابة المهندسين، وكانت الانتخابات مفصلية في تاريخ النقابة، إذ إن من يحصل على أكثرية ستكون ولايته لمدة 3 سنوات”.

أولويات المقاومة في مواجهة الحصار الأميركي كانت حاضرة في خوض هذه الانتخابات ونسج التحالفات على أساسها، حيث يضيف حجازي “لا شك أن لهذه الانتخابات طابعًا نقابيًّا وخدماتيًّا للمهندسين ومطالبهم المزمنة. الواقع الهندسي والإعماري والتنموي المضروب في لبنان، وتراجع الحركة الإعمارية والإنمائية في لبنان هما نتيجة الضغط والحصار الأميركي، لأن المقاومة في لبنان قوية وحاضرة، وبغض النظر عن أي شيء من قبيل إفلاس المصارف وضرب كل شيء، هناك اليوم تحدّ أمام النقابة بأن تعيد الحضور القوي لها في ظل الحصار والتراجع الكبير لإمكانية تقديم خدمات معقولة في هذا الاتجاه”.

ويلفت مسؤول المهن الحرة في حزب الله إلى أنه “في الفترة الأخيرة، حاولت بعض الأطراف وعلى رأسها القوات اللبنانية والكتائب اللبنانية أن تأخذ لبنان إلى منحى آخر يذكّرنا بأيام الفتن والصراعات الداخلية والطائفية، والتي من المفترض أن تكون النخب في لبنان وعلى رأسهم المهندسين في مواجهة هذه الأمور، وأن يكونوا بعيدين عن هذا الجو، لكن وسط الواقع الطائفي والحزبي الضيق في لبنان ينساق بعض الناس خلف الشعارات، فقد حاول هذا الفريق خلال الأسبوع الفائت، ومن خلال استغلال حادثة مقتل أحد الكوادر لديه، أن يعمل على إثارة الطائفية والفتنة ويستفيد منها”.

ويلفت حجازي إلى أن الطرف المنافس “استطاع أن يحشد مسيحيًا في الانتخابات وكان العدد فوق المتوقع بين الناخبين من المسيحيين، لكن المعركة كانت بين من لا يريد الوحدة وبين المهندسين الوطنيين الذين يريدون وحدة وطنية وأن يتعايشوا مع بعضهم ويريدون تنمية حقيقية، والذين يرون أن لبنان ينبغي أن يكون قويًا بشعبه وجيشه ومقاومته، ونحن نمثّل هذا الفريق وكنا أساسًا في اللائحة التي فازت، وخضنا معركة على مستوى المنطقة، معركة عنوانها الحصار الأميركي والعدوان الأميركي علينا وعلى فلسطين، ولذلك ينبغي تجميع كل الطاقات الممكنة والتي نلتقي معها في جزء من الطريق، أفضل من الذي يقوم بشن حرب علينا وينادي بالفتنة”.

نريد مصلحة كل اللبنانيين

ويتابع “من هنا كان اللقاء بهذا الائتلاف وانتصرت إرادة الوحدة الوطنية وإرادة المقاومة، وقد قلنا في بيان إن هذا انتصار للأجواء الديمقراطية واختيارات المهندسين وفشل للمشروع الآخر، ولكنْ هناك أصحاب حقيقيون لهذا الانتصار، هم الشهداء والمقاومون الشرفاء وأهلنا الصامدون، هم الجيش اللبناني الذي بتعاونه كشف الفتنة التي تحاول أن تلهينا عن المواجهة الكبرى، هذه الثلاثية هي التي جعلت الأمان والسلام في الداخل لتحصل الانتخابات، وهؤلاء هم المهندس الحقيقي لهذا الانتصار، ونحن نذهب لنصوّت ونوجّه الأمور تحت هذه المظلّة الكبيرة، ومن لا يرى هذه المظلّة هو إنسان ضيّق الأفق ولا يرى الحقيقة، وحقيقة الأمر اليوم أن في لبنان صراعًأ بين ناس يريدون أخذه نحو الفتنة وهو اتجاه قديم كان فيه العدو الصهيوني يستبيح لبنان وكان فيه البعض يقول للتوجّه الأميركي سمعًا وطاعة، وذلك مقابل لبنان عزيز كريم لا يستطيع أن يتعرض له أي أحد بسهولة أو يأخذه إلى أي اتجاه بسهولة، فنحن لا نريد أن نأخذه باتجاه معيّن بل نريد مصلحة كل اللبنانيين”.

من هنا يؤكّد حجازي “أننا بعد هذا الانتصار الذي حصل في النقابة، نحن منفتحون على كل القوى التي كانت تخاصمنا والتي لم تخاصمنا، فالانتخابات انتهت مع ما تخللها من ضخ سياسي كبير، وبعد هذه الانتخابات يصبح هناك فريق موجود بقوة داخل مجلس النقابة وهو مطلوب منه الانفتاح على كل القوى والفعاليات وأن يخدم كل المهندسين الذي معه والذين ليسوا معه، وبهذه الطريقة تُبنى نقابة المهندسين ويُبنى لبنان”، ويكمل “نحن موجودون لخدمة الجميع، وبهذه الروحية خضنا الانتخابات وبها نكمل في نقابة المهندسين وفي غيرها من النقابات، ونكمل في البلد أيضًا.. فبناء النقابة خطوة على طريق بناء لبنان الموحّد العزيز والمقتدر المستقل بقوته وبكرامته وبأهله وبمقاومته وبجيشه”.

وختم المهندس حجازي بالتوجّه عبر العهد بالتهنئة للفائزين وبالشكر لكل المهندسين المشاركين في هذه الانتخابات، كما توجّه بالتحيّة للمقاومين الذي هم أساس عزتنا وكرامتنا، ولأهلنا الصامدين الصابرين منذ أشهر على الأذى والعدوان والإسرائيلي، فهم من يعطوننا المعنويات القويّة لنخوض الانتخابات ونستمر ونحن نقوى بهم، وهم تاج رؤوسنا وهم المهندسون الحقيقيون للبنان العزة والكرامة.

النقيب حنّا: الطرف الآخر حوّل الانتخابات لمعركة سياسية وخسر فيها

النقيب الفائز فادي حنّا، اعتبر في حديثه لموقع العهد أن الانتخابات بالنسبة له كانت معركة مهندسين بين بعضهم، وقال “أنا على رأس السطح خارج النقابة أنتمي للتيار الوطني الحر، وفي اللائحة التي فازت تتوزع الانتماءات بين حزب الله وحركة أمل وجمعية المشاريع والجامعة اللبنانية ومستقلين.. نحن لا نستحي بما نفكّر، لكننا عندما ندخل إلى النقابة نعمل نقابيًا، وهذا ما يميّزنا عن غيرنا. لقد كان هدف المعركة، الصراع بين أفكار وليس صراعًا من نوع آخر، لكن الطرف الآخر حوّل هذه المعركة إلى معركة سياسية وقد خسر فيها”.

ولدى سؤاله عن مشاريعه النقابية، أكّد حنّا أن النقابة هي الجسم الذي يربط بين الجيل الجديد والجيل القديم الذي أسس النقابة، وينبغي أن نسفيد من خبراته ونجلس معه على الطاولة، مع النقباء السابقين وكل من سبقونا لنخرج بنقابة تشبه الجميع وليس جزءًا منا فقط.

أما عن الدور الوطني للنقابة، فيؤكد النقيب أنه في حال استطاعت نقابة المهندسين الخروج من الوضع الراهن الذي ترزح تحته فهي ستتمكن من العمل ليقوم لبنان، فالنقابة يجب أن تكون في كل مكان، في التخطيط ومشاريع المياه والكهرباء وخطة النفايات وكل الخطط، وهؤلاء المهندسون يملكون المعلومات التقنية التي تأخذ قرارات تفيد الدولة في كل المجالات.

وعبر العهد، شكر حنّا “كل من عمل معنا وصوّت معنا، وشكرًا لمن لم يصوّت معنا”، واعدًا الجميع أن يتصرف معهم سواسية، وقال “لأن هذه مدرستنا وهكذا تربينا أن نتصرف مع الناس، عندما نصل إلى موقع نصبح لكل المهندسين الذي نمثلهم والذين لا نمثلهم”.