كتب الدكتور “سمير سكاف” على صفحته على الفيسبوك:
توفيّت اليوم أناستازيا بودجي 64 عاما داخل إحدى المستشفيات اللّبنانيّة بسبب جائحة كورونا، وهي شقيقة كلّ من ديميتري (70 عاماً) ود.فاسيلي بودجي (58 عاماً) اللّذين قضيا أيضًا بسبب كوفيد 19 يوم الأربعاء الماضي في اليوم نفسه. هكذا، وبأقلّ من خمسة أيّام تخطف الجائحة ثلاثة إخوة من عائلة بودجي يسكنون في منزل مشترك في منطقة الدّورة. وكلهم عازبون..
وقد كلفتني عائلتهم، وبشكل خاص شقيقتاهم، بينهما الشقيقة الكبرى (72 عاماً) التي كانت تعيش معهم، والشقيقة الأخرى (67 عاماً، وهي الوحيدة التي لديها عائلة وأولاد بينهم) بأن أنقل الى الإعلام صورة مأساة العائلة، متمنين أن أتحدث باسمهما في الإعلام وأن أنقل صرختهما، مع تشديدهما على رفضهما أي ظهور إعلامي لأي من أفراد العائلة.
هذا المساء، في مدافن مار متر في الأشرفية تنتظر جثامين الشقيقين انضمام جثمان شقيقتهما إليهما. وحده ديمتري بينهم كان يعاني من بعض المشاكل الصحية. أما د.فاسيلي وأناستازيا فكانا بصحة جيدة قبل إصابتهما. ود.فاسيلي كان أول المصابين في العائلة.
ولا تحمّل عائلة بودجي اليوم لا المستشفيات اللّبنانيّة ولا الصّليب الأحمر أي مسؤولية في وفاة الإخوة الثلاثة (أناستازيا بقيت مع آلة التنفس حوالى الساعتين في السيارة قبل تأمين المستشفى لها السرير لعدم وجود أسرّة كفاية في الطوارىء). والصليب الأحمر لا يستطيع تلبية نداء نقل المريض إلى ايّ مستشفى من دون حجز مسبق للحالة.
أمام واقع حال البلد المتأزّم، تطالب عائلة بودجي الاعلام بالتحرك فوراً للتحذير من تعاظم مخاطر جائحة كورونا ومن زيادة حملات التوعية بشأنها! وتطالب الناس بالوعي الكامل في غياب خطة صحيّة وقائية شاملة تساعد المريض كما المستشفيات على التّماسك. وتطلب من كل اللبنانيين أن يدركوا خطورة الوضع وأن يتحمّلوا مسؤولية حماية أنفسهم، وحماية عائلاتهم، خاصة وأنّ السّعة الاستيعابية لعدد المرضى داخل المستشفيات قد بلغت حدّها الأقصى، على الرغم من أنّ فصل الشتاء والانفلونزا لمّ يبدأ بعد. وتنبه العائلة من خطورة أن تتأزّم حالة مرضى الكورونا وأن ترتفع مخاطر تعرضهم للموت، لعدم وجود متابعة دقيقة لآليات الحجر الصّحّي من قبل بعض البلديّات، وفي غياب أيّ تعليمات واضحة من قبل وزارة الصّحة بخصوص سبل الحجر.
وتحذر العائلة من صعوبة الوضع في المستشفيات لجهة عدم القدرة على استقبال مرضى كورونا، مما لا يسمح بتأمين العناية الاستشفائيّة اللّازمة الّتي يستحقّها المصاب بكورونا بكلّ احترام وضمير إنساني. ولآنّه محلّيًا ، تغيب أيّ خطة صحّية إرشادية أو وقائية واضحة المعالم. وتتخوف العائلة من حتمية الزيادة المفرطة في الشكاوى وفي فوضى وفي صعوبة وفي آلية استقبال المرضى داخل المستشفيات، في حال بقي الوضع على حاله، لذا، واستدراكًا لأيّ تأزّم إضافيّ، وتفاديًا للسيناريو الإيطالي في لبنان وسط الضّيقة الاقتصاديّة – المعيشيّة الخانقة الّتي يعاني منها الشعب اللبناني منذ سنتين، تناشد عائلة بودجي المسؤولين في لبنان، باسم أحبّائها الّذين فقدتهم بسبب هذه الجائحة الخطيرة، أن يقفلوا البلاد، خاصّة وأنّ تحوّلات هذا الفيروس باتت أخطر وأشدّ فتكًا بعد مرور سنة على انتشاره في الهواء وبين النّاس.
إنّ الضّغط النّفسيّ عند من فقدوا أحبّاءهم، قد بلغ أيضًا حدّه الاستيعابيّ لاسيما بالنسبة الى العائلات اللّبنانية الّتي بدأت تفقد أفراد من عائلاتها بالجملة وبظرف زمنيّ قصير جدًّا ، كما حصل مع عائلة بودجي ومع عائلات لبنانية أخرى، بسبب الانتقال السّريع للعدوى داخل المنزل الواحد.
ولأن العائلة هي أغلى ما في الوجود تطالب عائلة بودجي الجميع أن يعملوا جدياً للحفاظ عليها!
المصدر : CH23