رسوم المعاملات الرسمية ترتفع.. هل الزيادات مقبولة؟

حسن شريم

تُطالعنا الدولة كل فترة بقرارات تُرهق كاهل المواطن اللبناني، وتزيد عليه ثقل الحياة وتُعمّق أزماته الاقتصادية والاجتماعية، الأمر الذي ينعكس سلبًا على المواطن والوطن ككل. 

نسبةٌ كبيرة من الشعب اللبناني أصبحت دون خطّ الفقر وبالكاد يستطيع المواطن تدارك أوضاعه الحياتية أو حتى تأمين أدنى مقومات الحياة، لا سيّما أنّ كثيرًا من الأجور وبالرغم من الزيادات ما زالت دون المستوى اللائق لعيشٍ كريم. اليوم في ظلّ ارتفاع رسوم المعاملات الرسمية كيف يتصرّف المواطن؟

مجلس كتّاب العدل ونقطة التوازن

رئيس مجلس كتّاب العدل الأستاذ ناجي خازن أكد لموقع “العهد” الإخباري أنّ الأسعار بدأت بالارتفاع مع بدء الأزمة الاقتصادية والمالية التي عصفت بالبلد، فانعكس تدهور سعر العملة على كل القطاعات. وأضاف “لا شكّ أنّ الناس مرهقة بفعل أعباء الأزمة، وخصوصًا أن الدولة بدأت باحتساب الرسوم على أساس سعر صيرفة، وعند كتّاب العدل هناك رسوم نسبية تُتَّخذ بحسب قيمة المعاملة، فعقد البيع مثلًا قيمة الرسم النسبي فيه 4 بالألف طوابع، 1 بالألف نقابة محامين، 1 بالألف وزارة العدل. وحتى بعض العقود التي تُدفع بالدولار تُحسب على أساس سعر صيرفة، أضف إلى ذلك الكلفة التشغيلية لدوائر كتاب العدل إذ يُعتبر الكاتب بالعدل مسؤولًا عن كل مصاريف تشغيل دائرته من المصاريف المكتبية، والمعاشات، والكهرباء، وصيانة الآلات والبرامج المعلوماتية وغيرها. فالكاتب بالعدل يخضع لرقابة وزارة العدل فقط كونه يتبع لها، فهو ليس موظفًا ولا يتقاضى راتبًا حتى لا يتمتّع بأي ضمان أو استشفاء ولا يتقاضى إلا راتبًا تقاعديًا ويعتبر اليوم زهيدًا جدًا.. كل ذلك ساهم وأدى إلى ارتفاع التكلفة على المواطن”.

وبحسب خازن، ارتفاع رسوم المعاملات كان معتدلًا، بمعنى أنّ مجلس كتّاب العدل حرص أن يجد نقطة توازن لا تُرهق المواطن ولا تؤدي إلى إقفال دوائر كتاب العدل أو تعسّر عملها، وهذا ما شهدناه عندما أضرب القضاة والموظفون، بقيت دوائر كتاب العدل في خدمة المواطن لإتمام معاملاتهم الرسمية.

ولفت خازن إلى أنّ “المعاملات كعقد عمل العامل الأجنبي أو العاملة بالخدمة المنزلية كانت تكلفته نحو 250 ألف ليرة قبل الأزمة أي ما يعادل حينها نحو الـ 165$، أصبح يكلّف اليوم نحو الـ 30$، ما يعني أنّ نسبة ارتفاع الرسم مقبولة مقارنة بالماضي”.

المعاملات تراجعت

وأشار رئيس مجلس كتّاب العدل إلى أنّ “إقبال الناس على إجراء المعاملات لدى دوائر كتّاب العدل انخفض، فعلى سبيل المثال من أهم زبائن كتاب العدل كانت المصارف وكل الحركة المصرفية التي كانت قائمة على القروض التجارية وقروض الإسكان والسيارات، والتي كانت تشكل جزءًا كبيرًا من عمل كتاب العدل وقد توقّفت، كما أنّ عقود عمل العمال الأجانب الذين يعملون في البيوت والمؤسسات والفنادق والمطاعم انخفضت إلى حوالى النصف. كذلك عقود تأسيس الشركات ونشاطاتها من تصديق نظام الشركات وغيرها، كلّها انخفضت بسبب توقف النشاط الاقتصادي وغيرها من الأمثلة الكثيرة”.

وعن أزمة فقدان الطوابع، أوضح أنّ مجلس كتاب العدل بصدد التوصّل إلى اتفاق بالتنسيق مع وزارتي المالية والعدل، “واليوم نحاول الاستعانة بالآلة الواسمة أو بالحصول عليها عبر OMT أو Whish Money (الويش ماني)”.
 
وشدّد على “أننا نحاول الاستمرار لما لكتاب العدل من دور محوري في سير معاملات الناس وتيسير أمورها”.

إخراج القيد بمليون ليرة

مختار بلدة اللويزة الجنوبية (قضاء جزّين) بلال فرحات نقل لـ”العهد” استغراب “رابطة مخاتير جزّين من ارتفاع رسوم المعاملات الرسمية لجهة إخراجات القيد الفردية والعائلية ووثائق الزواج وحصر الإرث والأوراق الثبوتية وغيرها، ما رتّب أعباءً إضافية وثقيلة جدًا على كاهل المواطن اللبناني تفوق قدرته على التحمل إلى جانب الأعباء الحياتية الأخرى، فمثلًا إخراج القيد الإفرادي الذي كان يُكلّف نحو الـ 4000 آلاف ليرة لبنانية أصبحت تكلفته اليوم ما بين طوابع ومصاريف حوالى المليون ليرة فضلًا عن أنّ بعض المعاملات الأخرى تتجاوز حدود هذا المبلغ بأضعاف”.

فرحات لفت إلى أنّ “هذا الأمر انعكس سلبًا على العديد من المرافق العملية والحياتية، وخاصة المجالات التي تتطلّب إنجاز طلبات رسمية مُلحّة كطلاب الشهادات الرسمية وحاجتهم إلى إخراجات القيد أو غيرها من المعاملات في الدوائر الرسمية والعقارية والمحاكم المدنية ولدى كتاب العدل”.

أزمة طوابع خاصة بالمعاملات

وفي السياق نفسه، تحدّث مختار محلّة المنشية عبد العزيز الحركة لـ”العهد”، وبيّن أنّ “المشكلة الأكبر تكمن في أنّ الطوابع غير متوفّرة والحصول عليها يتمّ بالأغلب عبر السوق السوداء حيث يستغلّ البعض هذا الأمر لبيعها بأسعار عالية جدًا الأمر الذي زاد في الطين بلّة إذ يعمد المواطن إلى تجنّب هذه المعاملات إلا عند الضرورة القصوى حينها نضطر إلى الحصول على الطوابع عبر Whish Money (الويش ماني) بالدفع إلى وزارة المالية أو Cashplus (كاش بلاس) وبسعر أعلى أيضًا من التكلفة الأساسية”. 

الرسوم المرتفعة تُصيب اللاجئين الفلسطينيين 

الحركة قال إنّ “وضع اللاجئين الفلسطينيين أصعب بحيث لا تقبل دائرة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان الدفع عبر الـ Whish Money فنضطّر إلى تأمين الطوابع عبر السوق السوداء – إن وُجِدت – وطبعًا بأسعار عالية تفوق قدرة الفلسطيني على التحمل خصوصًا بعد قرار وقف المساعدات من الأونروا ما سيزيد من صعوبة إجراء المعاملات الرسمية. فمثلًا إخراج القيد أصبحت تكلفته تناهز الـمليونين ونصف المليون (للفلسطينيين) بعد أن كانت تكلفته 300 ألف ليرة تقريبًا، الأمر الذي يضع الفلسطيني في مأزق فيمتنع عن إتمام مثل تلك المعاملات”.

وختم الحركة بتوجيه اللوم إلى “النواب والمسؤولين الذين وافقوا على زيادة الرسوم لعدم مراعاتهم أوضاع الناس المعيشية الصعبة والأوضاع الاقتصادية والأمنيّة التي تعصف بالبلاد”.