نازحو الجنوب بأيدٍ أمينة

إيمان مصطفى

ينتاب حوراء أبو طعام الحنين إلى منزلها، بعدما اضطرت للنزوح مع طفلها من قرية بنت جبيل الحدودية. هي التي صمدت حتى قُصف المنزل الذي بجانبها، فشعرت أن البقاء بالبلدة بات يهدّد حياتهم. حوراء التي ترى في ترك المنطقة الأحبّ إلى قلبها مساهمة صغيرة في المعركة القائمة بوجه العدو الإسرائيلي، أضحت واحدة من آلاف النازحين عن القرى الحدودية في جنوب لبنان، نتيجة العدوان الصهيوني الغاشم، بالتزامن مع حربه الوحشية على قطاع غزة.

 تتحدث حوراء لـ “العهد” بكل عنفوان عن الصمود، ورغم مرارة النزوح وعدم الاستقرار وكثرة الأماكن التي تنقلت بينها، تؤكّد استعدادها وعائلتها لتقديم المزيد، بعيدًا عن أي تذمّر.

العريس محمد علوية، من مارون الرأس خسر منزله بالقصف، واضطر قسرًا للنزوح مع عروسه إلى منزل أهله في الضاحية الجنوبية لمدينة بيروت، لكنه بكل صلابة ورباطة جأش يؤكد أن الحياة أقوى من لغة المحتل ويصف لنا المنزل الذي جهّزه منذ مدة قصيرة والقرية التي خلت من صخب سكانها بفعل صواريخ وغارات العدو الاسرائيلي.

82 ألف نازح من جنوب لبنان

نزح أكثر من 82 ألف شخص من جنوب لبنان، على مدار 3 أشهر، وفقًا لتقرير المنظمة الدولية للهجرة “آي أو إم” (IOM) الصادر في الحادي عشر من الشهر الحالي، وسُجّلت زيادة في أعداد النازحين بنسبة 8% في المدة ما بين الثاني والتاسع من كانون الثاني الجاري.

كما أوضح التقرير أن غالبية النازحين (93%) ينحدرون من 3 أقضية حدودية: 48% من بنت جبيل، و33% من مرجعيون، و12% من صور. وتوزّع النازحون على خمس مناطق، بنسبة 31% لجؤوا إلى قضاء صور، و17% إلى قضاء النبطية، و15% إلى صيدا، و9% إلى بعبدا، و7% إلى بيروت، والبقية توزّعوا على مناطق أخرى.

جمعية “وتعاونوا”

في سياق خطة لبنان للاستجابة للأزمة، تؤدي الجمعيات دورًا كبيرًا في تقديم المساعدات والخدمات للنازحين وتأمين الحماية الاجتماعية لهم، إلى جانب الجهود الكبيرة التي يقوم بها حزب الله، فالواقع يشير إلى وجوب دعم هؤلاء النازحين لجهة الغذاء وأساسيات العيش.

جمعية “وتعاونوا” أحد أبرز الجمعيات التي تصدّت لمتابعة احتياجات النازحين اليومية؛ إذ يؤكد رئيسها عفيف شومان أنها أعدت خططًا مسبقة تحسبًا لأي طارئ، وإحداها الحرب.

يقول شومان، في حديثه لـ”العهد”: “نتابع شؤون 4000 عائلة تقريبًا، 100 منها نزحت إلى شمال لبنان، و800 عائلة في الضاحية الجنوبية لبيروت، و3000 عائلة نازحة لمناطق الخط الثاني في الجنوب بين صور والنبطية”، وبيّن: “لقد استطعنا تأمين وحدات سكنية لـ 2200 عائلة، بينما توجه الباقي لأقربائهم”.

يشدد شومان على أن تأمين البيوت  قد جرى بشكل عفوي، ويقول: “عبر منشورات مواقع التواصل الاجتماعي استطعنا أن نؤمن منازل للنازحين مقدمةً من مغتربين أو من مقيمين في بيروت أهدوا منازلهم في الجنوب للنازحين”، مضيفًا: “95% من البيوت قُدمت مجانًا من دون أي مقابل”.

ويشيد شومان بالتكافل الإجتماعي المميز في جنوب لبنان، “فالناس قايمة ببعضها”، إذ يسجل لأهل الجنوب هذا الإنجاز العظيم، مشيرًا إلى أن الجمعية تُعنى أيضًا بمتابعة الصامدين في بيوتهم، ومدّهم باللوازم الأساسية لتعزيز صمودهم. ويردف: “أهالي الجنوب صامدون، وليسوا خائفين، فبعضهم نزح إلى مناطق قريبة، وأغلبهم قرر ألا يترك أرضه، فهؤلاء الناس شركاء بالجهاد وبالصمود، عبر تقديمهم البيوت والمال والأرزاق والأرواح”.

يلفت شومان إلى أن الجمعية تتلقى قرابة 50 اتصالًا يوميًا من أشخاص قرروا تقديم التبرعات المتنوعة من : “حصص غذائية، أدوية، حليب الأطفال، أغطية، ملابس، وغيرها”. ويؤكد أن الأمور ممتازة وعلى أحسن ما يرام، فالجميع في بيئة المقاومة يرى نفسه شريكًا بالجهاد، ومعنيًا بتحمّل المسؤولية، إلى جانب تقديمات المغتربين والدول العربية؛ مثل الكويت وسلطنة عمان.

جمعية المرصد العربي لحقوق الإنسان والمواطنة

من الجمعيات التي كانت في الطليعة أيضًا، جمعية “المرصد العربي لحقوق الإنسان والمواطنة”. وأحد أعضاء الجمعية “ز.م.” يؤكد لـ “العهد” أنها تسهم بمساعدة النازحين بالاعتماد على جمع التبرعات، قائلًا: “تلقينا العديد من الاتصالات من الأشخاص الراغبين بالتبرع، من المناطق اللبنانية كافة ومن كل الطوائف”. 

ويضيف: “بعد الحملة الأولى التي قدمنا فيها الحصص الغذائية والملابس والأغطية والفراش والسجاد ومواد التنظيف، تبين أن الناس في بحاجة ماسة إلى أدوات المطبخ وآلات التدفئة خصوصًا مع تدني درجات الحرارة، فدَعونا المتبرعين للمشاركة في “حملة دفيني” لدعم أهلنا النازحين ومساندتهم من مناطق الصمود المتضررة على الحدود اللبنانية الفلسطينية لتأمين هذه الحاجات”. 

ويفيد “ز.م” أن الحملة تشمل المناطق اللبنانية كافة أينما كان النازحون، وبحسب الإمكانات، فبرأيه أن النازحين يعيشون الحرب على طريق القدس، وهم يستحقون منا الكثير.

يُذكر أن “جمعية المرصد العربي لحقوق الإنسان والمواطنة” هدفها نشر وإعلان وإنماء وتعزيز وبث ثقافة حقوق الإنسان والمواطنة وحمايتها والدفاع عنها، وتمكين المواطن من معرفة حقوقه المنصوص عليها في الشرائع والقوانين، إلى جانب تنظيم دورات تدريبية وندوات ومؤتمرات وإعداد دراسات حقوقية وثقافية، والإسهام في بناء مجتمع العدالة والمساواة في الحقوق والواجبات وسيادة القانون ونبذ الظلم والتطرف والتعسف والعنف والتمييز والدعوة الى التسامح. 

‏للتبرع لجمعية “وتعاونوا” الاتصال على الرقم الآتي:

70826533

للتبرع لـ “جمعية المرصد العربي لحقوق الإنسان والمواطنة” الاتصال على الأرقام التالية: 

81174810
76420880