نجاح واكيم لـ”العهد”: القانون يُدين المطرانيْن الحاج وسمعان والقضاء العسكري مُتقاعس

لطيفة الحسيني

لدى ‏‏‏مؤسّس حركة الشعب نجاح واكيم الكثير من العتب والغضب إزاء قضية المطرانيْن موسى الحاج وكميل سمعان. لا تحتاج المسألة إلى جهدٍ لتفسيرها وشرحها. العمالة مُثبتة وجليّة، وكلّ تقليبٍ للحقيقة لا جدوى منه. بتقدير أكثر مَن عارضَ مؤامرات تهديم معالم الدولة اللبنانية ومُخطّطات ضرب النسيج الوطني، لن ينجح تبرير التواصل مع العدوّ عبر اختراع ذرائع مُختلفة، لكنّ المعضلة تكمن في غياب أو تغييب دور القضاء العسكري حيال جرائم العمالة.

صوتُ نجاح واكيم لم يخفت يومًا أمام قضايا التعاون ومُهادنة العدوّ الاسرائيلي. لعشرات السنوات ظلّ يناهض المُدافعين عن المنطق الذي يُفتي بجواز هذا المشروع وصولًا إلى المُطبّعين معه بوقاحة.

عند سؤال واكيم عن أصل مشكلة الخطاب الذي يحمي بشراسة أيّ فعلة تصبّ في خانة التطبيع أو العمالة للعدو ولا سيّما بعد انفضاح تصرّفات المطرانيْن الحاج وسمعان داخل الأراضي المحتلة، يُحيل الأمر إلى رأس الكنيسة في لبنان على اعتبار أنها لم تتخذ أيّ إجراء لوقف هذه الخطوات.

نجاح واكيم لـ"العهد": القانون يُدين المطرانيْن الحاج وسمعان والقضاء العسكري مُتقاعس

تصوير: موسى الحسيني

في مقابلة مع موقع “العهد” الإخباري، يقول واكيم إن “العمالة ليس لها حجة.. العميل يخترع 100 حجة وكلّها ساقطة. مجرّد مقابلة رئيس الكيان الصهيوني جريمة. أين القضاء من كلّ هذا؟ المطرانان لم يذهبا من دون موافقة أو رضا مرجعيّتهما الكنسية أي البطريرك الذي لا تمرّ مناسبة إلّا ويتحدّث، ومن المفترض أن يُعقّب على هذه المسألة أكثر من غيره”، ويضيف “صمته يعني أنه هو من أوفدهما. من المفترض أن لا كبير أو صغير أمام القانون، ولا حتّى رجل دين أو غير رجل دين، في القانون اللبناني هذه جريمة فلماذا لا يتحرّك القضاء؟”.

تبرير فعلة المطرانيْن يرى فيه واكيم تكرارًا لتبريرات أخرى لجريمة التواصل مع الأعداء التي حصلت في كلّ دول العالم، ومنها فرنسا التي شهدت إبّان الاحتلال النازي تعاملًا لمواطنين فرنسيين مع النازيين، وهذا يعود إلى عدم وجود إجماع لدى الشعب الفرنسي على موقف تحرّري ووطني، ما يعني أن الاستعمار في كلّ البلدان كان له عملاء، لذلك المسألة بسيطة جدًا اليوم: مَن مع الاستعمار ومَن ضدّه.

نجاح واكيم لـ"العهد": القانون يُدين المطرانيْن الحاج وسمعان والقضاء العسكري مُتقاعس

تصوير: موسى الحسيني

ويسأل واكيم من يُدافع عن المطرانيْن “ما هو موقفكم من الولايات المتحدة ومن المقاومة وممّا يجري في فلسطين؟ لم نسمع لكم رأيًا طيلة هذه الفترة أمام كلّ هذه المجازر الاسرائيلية الوحشية التي تُنفّذ بحق الشعب الفلسطيني”، ويتابع “بوقاحة وشراسة يدافعون عن العدوّ وينتقدون المقاومة ويهاجمونها. ما قام به المطرانان هو أحد وجوه التعبير عن لسان حال كلّ أعداء الوطنية والتابعين لأميركا و”اسرائيل””.

واكيم يصف كلام المطران موسى الحاج عن احتكامه لقوانين الكنيسة والفاتيكان بـ”الخاطئ”، ويخاطبه بالقول “القانون الأعلى الذي يحكمك هو قانون الدولة اللبنانية وليس قانون المؤسسة التي تنتمي إليها، فأنتَ مواطن لبناني، وإلّا الكلّ يستطيع أن يبرّر أيّ جريمة يرتكبها بالقول إن المؤسسة التي أعمل فيها راضية، وهذا غير مقبول”، ويُردف “لا شكّ عندما يقول ذلك، فهو يقول إن رأس الكنيسة أي البطريرك هو من يوجّهه وهذا أكيد، فالبطريرك لم يُطلق أيّ تصريح مُعترضًا على ما حصل أو حاسبه حتّى”.

وإذ يرى واكيم أن “رجال الدين كما بقية الناس، بينهم السيّئ وبينهم الجيّد”، يُشيد بموقف رئيس أساقفة الروم الأرثوذكس في بلدة سبسطية بمدينة نابلس (الضفّة الغربية) المطران عطا الله حنّا، ويسأل “هل موقفه العظيم يُشبه موقف المطرانيْن؟ مَن الوطني ومَن اللاوطني؟”. ويتابع “البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي ومتروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة شغلا وسائل الإعلام بعظات الأحد لتتناقلها الشاشات على أنها شيء عظيم، لكنهما يفتحا فميهما أمام كلّ الجرائم التي وقعت في فلسطين وهذا مُعيب. كلّ العالم استنكر ما حصل وتعرّض له الشعب الفلسطيني في غزّة والمجازر الاسرائيلية الأميركـية التي نُفّذت. إلى الآن 10 آلاف طفل فلسطيني شهيد في غزّة. كيف يستطيع الإنسان أن يتجاوز هذا الرقم الهائل ولا يتحدّث عنه؟  لم نسمع رأي البطريرك والمطران في كلّ ما جرى، أمّا كلام الراعي بخصوص “لمّ الصواني” فنقول له: “خليلن ياهن يردّوهن على جوعن”.

نجاح واكيم لـ"العهد": القانون يُدين المطرانيْن الحاج وسمعان والقضاء العسكري مُتقاعس

تصوير: موسى الحسيني

ويدعو واكيم القضاء العسكري إلى “التحرّك فورًا في هذه القضية واتّخاذ الإجراء المتّبع في كلّ قضية تتعلّق بأيّ عميل”، ويُردف: “موسى الحاج لم يكن يجمع التبرّعات بل كان يُحضر الأموال وينقلها إلى عملاء آخرين لينفّذوا شيئًا ضدّ مصلحة وطننا وشعبنا، أمّا القول إن المطرانيْن يخضعان للقانون الكنسي فليس سوى “تجليط”. الدين المسيحي لا يسمح لهما بهذه الفعلة بل الكنيسة “العاطلة” هي من تسمح لهما. المطرانان ورأس الكنيسة يُحاسبون لو لدينا قضاء ودولة فعلًا.. ذريعة القضاء العسكري بوضع الكرة في ملعب الكنيسة أمرٌ مُعيب، لأن واجباته أن يطبّق القانون اللبناني”.

ويستطرد “إذا كان هناك أجنبيّ مُقيم في لبنان وتعامل مع “اسرائيل” واقترف هذه الجريمة، هل يستطيع أن يقول لا يحقّ للدولة اللبنانية أن تُحاكمني لأن دولتي تعترف بـ”اسرائيل”؟ القضاء هو المُصيبة، ولو كان لدينا قضاء جدّي لما تجرّأ المطرانان على فعل ما فعلاه.. عندما يأتي على رأس الكنيسة إنسان وطني سيتوقّف تكرار هذه الخروقات للقوانين واللقاءات. علاج هذه المسألة يعود إلى مُعضلة بناء الدولة، نحن ليس لدينا دولة. يجب أن تطبّق الدولة القانون على الجميع سواسية. العلاج يبدأ ببناء الدولة الوطنية”.  

وليس بعيدًا، يتطرّق مؤسّس حركة الشعب إلى تصرّف أيضًا لكاهن بلدة رميش الجنوبية الأب نجيب العميل الذي خرج إلى الإعلام ليُبادر إلى إخبار الناس قبل أيام بأنه تمّ العثور على منصّتي صواريخ في أحد حقول الزيتون، فقال “ماذا يفعل الكاهن هنا؟ هل يدلّ العدوّ إلى نقطة عسكرية؟ هؤلاء لا يُحاسبون لأنهم عملاء، وهذا الأبّ ما قام به مبرّر إذا كان في الأصل من عائلة العميل”، ويتابع “ألم تكن تحصل الاعتداءات الإسرائيلية قبل تشكيل وولادة المقاومة ثمّ جاءت وفرضت ردعًا مقابل العدو.. المقاومة لا تُدافع عن الجنوب فقط بل عن كلّ لبنان، ومن يُهاجمها فهو متواطئ مع العدو”.

نجاح واكيم لـ"العهد": القانون يُدين المطرانيْن الحاج وسمعان والقضاء العسكري مُتقاعس

تصوير: موسى الحسيني

تقودنا فعلة المطرانيْن إلى الحديث عن المُعضلة المتجذّرة في التعاطي مع ما تسمّى “الجالية اللبنانية” في الكيان الصهيوني. هنا يرى أن “ليس في “إسرائيل” جالية لبنانية، بل عملاء فقط ويضمّون شيعة ومسيحيين ودروزًا، أمّا من يخدمون في كنائس القدس المحتلة فهذه ليست جريمة، بل الجريمة أن يتعاملوا مع العدوّ كالحال مع المطرانيْن الحاج وسمعان، خاصة أن هناك مطارنة وطنيين لم ينجرّوا إلى ذلك”.

ويستذكر أنه في عام 2000، عندما حرّرت المقاومة الجنوب ودخلت إلى كلّ قراه لم تمسّ القرى المسيحية. ويلفت إلى أن لديه عتبًا عليها في أنها “لم تقترب من بعض العملاء تحت عنوان “عدم إثارة النعرات الطائفية”، ويقول “باعتقادي لا يجوز هذا الاستثناء والسيْر بقاعدة مُحاسبة العميل الشيعي وعدم الاقتراب من العميل المسيحي خوفًا من النعرات. أنا غير مُقتنع بهذا. العميل عميل كائنًا من كان”. ويُشير إلى أن “هناك من تعامل مع العدوّ إبّان الاحتلال، وعندما اندحرت “إسرائيل”، تقدّم بطلبات للحصول على وظائف في الدولة اللبنانية وعُيّن بالفعل، وأنا أعرف حالة كهذه: قُبل أحد الجلّادين في معتقل الخيام في وظيفة عسكرية في الدولة اللبنانية بينما رُفض شابّ آخر من ضحاياه”.