.
أكّد الخبير الأميركي، في الشؤون السياسية، إيان لوستيك أنّ عملية “طوفان الأقصى” جاءت نتاجًا طبيعيًا لما يعانيه الفلسطينيون منذ عقود، مشيرًا بذلك إلى السياسة الصهيونية الظالمة بحق الشعب الفلسطيني في الأراضي الفلسطينية المحتلة. ففي مقالة له، نُشرت بمجلة “فورين بوليسي”، تحدّث لوستيك فيها عن ردود فعل أميركية “عاطفية” على عملية طوفان الأقصى، مشددًا على أنّ ردود الفعل هذه لن تمنع حدوث المزيد من العنف والمطلوب هو “تفكيك السجن” في قطاع غزة.
وتحدّث الكاتب عن ضرورة تحديد مسبّبات ما حدث ومعالجتها، مضيفًا أنّ: “الموضوع يعود إلى حال البؤس وسجن سكان القطاع”. وأضاف أنّ: “المسألة لا تتعلق بما إذا كان على الجيش الصهيوني أن يدخل بمواجهة مباشرة مع الدول العربية الخصمة أم يعتمد على مناطق منزوعة السلاح، مؤكدًا أنّ التحدّي هو قدرة “إسرائيل” على العيش “حياة طبيعية بحماية الجدران وسط حال من الترهيب”.
وشدّد الكاتب على ضرورة تغيير الإطار المرجعي إذا ما كان المراد معرفة أسباب ما حدث. كما قال: “إنّ عملية طوفان الأقصى ليست ناتجة عن “شر فلسطيني أو إسلامي”، بل إنها ناتجة عمّا يعانيه سكان قطاع غزة على مدار عقود”.
كذلك شدّد في الوقت نفسه على أنّ الحدث لا يمكن تفسيره على أنه ناتج عن فشل وإهمال الحكومة “الإسرائيلية” وجهازها الأمني، وهنا أكّد أنّ أي نظام مصمّم من أجل احتواء الضغوط المتراكمة سيفشل مع مرور الوقت. وأشار الكاتب إلى العام ١٩٤٨، مؤكدًا أنّ مقاربة الموضوع من الزاوية التاريخية هذه تقدم رواية مختلفة بشكل أنّ حركتي “حماس” و”الجهاد الإسلامي” لم تبدأا الحرب؛ بل نفذتا أعمال “شغب” من داخل السجن، وفقًا لقوله.
ولفت لوستيك إلى أنّ منطقة “غلاف غزة” كان يوجد فيها عشرات المناطق والقرى الفلسطينية العربية قبل “إعلان قيام “إسرائيل”، في العام ١٩٤٨، كما لفت إلى أنّ كبرى هذه المناطق كانت مدينة المجدل التي تعرف اليوم بــــ”مدينة عسقلان اليهودية”.
كذلك ذكر أنّ الجمعية العامة للأمم المتحدة صوتت، في أواخر العام ١٩٤٧، لمصلحة تقسيم فلسطين إلى دولة يهودية وأخرى فلسطينية، وأنّه وبحسب هذا القرار، كان من المفترض أن تكون غزة والمناطق المحيطة ضمن “الدولة العربية”، وكذلك صحراء النقب، إلّا أنّ الأمم المتحدة لم تقدم المال والقوات أو المساعدة الإدارية من أجل تنفيذ هذا القرار، مذكّرًا أن بريطانيا سحبت قواتها بينما اندلعت “حرب أهلية” بين اليهود والعرب.
وتابع الكاتب؛ أنّ النتيجة كانت المعارك بين “إسرائيل” ودول عربية، بالإضافة إلى حملات “إسرائيلية” ممنهجة من أجل طرد العرب من المناطق التي كان من المفترض أن تشكّل “الدولة العربية”. كما أشار في السّياق نفسه إلى تشريد ٧٥٠،٠٠٠ فلسطيني، وإلى أن ٢٠٠،٠٠٠ من هؤلاء وجدوا ملاذًا في ما بات يعرف اليوم بقطاع غزة.
ورأى الكااب أنّ رفض سلطات الاحتلال الصهيوني السماح للفارين أو المطرودين من منازلهم بالعودة، وتدميرها، إنما جعل من هؤلاء المشردين لاجئين. وأضاف أنّ :”السكان اللاجئين حلّوا مكان السكان الأصليين في غزة، حيث كانوا تحت حكم مصر من العام ١٩٤٩ حتى ١٩٥٦، ومن ثم تحت حكم “إسرائيل” من العام ١٩٥٦ حتى ١٩٥٧، قبل أن يعود الحكم المصري من العام ١٩٥٧ حتى ١٩٦٧، بينما يعيش سكان القطاع تحت حكم “إسرائيل” منذ العام ١٩٦٧ حتى اليوم.