مخاطر مشاركة صور ومعلومات الاطفال على الانترنت

مالك يونس
 
يبالغ معظم الأهل ويفرطون في نشر صور أولادهم على برامج ووسائل التواصل الاجتماعي منذ ولادتهم، وربما من قبل الولادة بنشر حتى صور التصوير الصوتي أثناء الحمل، او صور تحديد جنس المولود، وذلك بهدف مشاركة البهجة مع المعارف عند كل حدث جميل يعيشه الاطفال.

إن نشر صور أطفالكم على مواقع التواصل الاجتماعي يؤدي إلى وصولها لأشخاص مقربين وآخرون غريبين جدا عنكم ولا تعرفون عنهم شيئا، فبمجرد أن يتفاعل احدهم مع هذه الصور أو يعيد إرسالها ستصل هذه الصور الى أشخاص جدد، ومنهم الى أشخاص آخرون لتلف العالم في بضع ثوان فقط، وفي هذه المدة القصيرة يمكن لأحدهم أن يحتفظ بهذه الصورة على وحدة تخزين خاصة لا يمكن بعدها استرجاعها منه، بل وإن أردنا حذف المنشور في أغلب الأحيان لا يمكن العودة عنه بسهولة.

إن الأهل الذين ينشرون صور لأولادهم مع معلومات أساسية عنهم كأسمائهم وتاريخ ميلادهم وموقعهم، يسمحون وبغير إرادتهم للمحتالين بسرقة هوية الأطفال الشخصية، وبحفظهم هذه الصور مع المعلومات الشخصية يمكن أن يستعملوها لاحقا في أي عملية إجرامية قد تعرض الأبناء للسجن على عمل لم يفعلوه، فمثلا يمكن أن يقوموا بإنشاء حسابات مختلفة بأسمائهم وصورهم واستخدامها لاحقا مع صور محدثة مبنية على صور الطفولة تمكنهم من إعطاء صورة موافقة لحد كبير لهذا الطفل بعد عدة سنوات.
                    
 

مخاطر مشاركة صور ومعلومات الاطفال على الانترنت
يستطيع المحتالون بإستخدام برامج الذكاء الإصطناعي الحصول على صورة الطفل بمختلف مراحل عمره

ففي دراسة نشرت مؤخرا يتوقع أنه بحلول عام 2030 ستكون مشاركة صور الاطفال مسؤولة عما يقرب من ثلثي إجمالي حالات إنتحال الهوية التي يتعرض لها صغار السن اليوم!.

لا تقتضي المخاطر على سرقة الهوية فحسب، بل على إستخدامها في مواقع اباحية!.

يقول نائب فرنسي أن 50% من الصور التي تنشر في مواقع استغلال الأطفال جنسيا تكون منشورة أساسا عبر حسابات الأهل في مواقع التواصل الإجتماعي. بحيث يتم نشر صور فتيات مراهقات يرتدين ملابس السباحة أو بدونها أو شبه عاريات على المواقع الإباحية بعد نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي من قبل الإهل، لإن ملكيتها لم تعد  حصرية لهم، إذ قد يتم نقل واستخدام هذا المحتوى والمعلومات (الاسم الأول، والعمر، وتاريخ الميلاد، والموقع، وما إلى ذلك) من قبل أطراف ثالثة لأغراض تجارية دون أن يكون لديهم السيطرة عليها.

وبإستخدام برامج تبديل الوجوه يمكن إستخدام هذه الصور وتكبير عمرها لتشارك في تمثيل افلام إباحية، وهنا ستكون الصدمة، سيتفاجأ هذا الطفل عندما يكبر بأنه شارك بأفلام إباحية من دون علمه وستعرض أمام العالم كله ما سيسبب له حرجا كبيراً.

أما الصور التي ينشرها الأهل لأطفالهم وهم بوضعية غير لائقة أو تستدعي الضحك، فتعرض الطفل للإهانه بين ذويه وللتنمر في المدرسة ما قد يولد عنده مشاكل نفسية كبيرة عند الكبر.

تحذيرات دينية من هذه الظاهرة

اتفق الكثير من علماء الدين المعاصرين على المخاطر المترتبة على المبالغة في نشر صور مظاهر الترف أو النعم الظاهرة من مال أو عيال على منصات التواصل الاجتماعي بما يشمل “صور الأطفال” لأنّ ذلك من المجازفة في حياتهم واستقرارها، ولما قد يلحق بهم من أذى أو حسد وبعض الأحيان أعمال شعوذة، والذي حذر كثير منهم (أي العلماء) أنه ربما لا يعدم المشعوذون وسائل للوصول الى اثر لمن يريدون التعرض له، فضلا عن نقص الوازع الديني للكثيرين الذين لا يتورعون في إظهار الحسد او لا يبالون بذكر الله عند رؤية النعم.

حماية أطفالنا

لحماية أطفالنا من الإستغلال الجنسي وسرقة الهوية وغيرها علينا إحترام الامور التالية:

ـــ لا تنشر صوراً للأطفال الصغار جداً، لا سيما إذا كانوا عراة أو بملابس السباحة. تجنب أيضاً الصور المحرجة (التجهم والعبوس، تسريحات الشعر القديمة أو الملابس المضحكة وما إلى ذلك) التي قد تضر الأطفال لاحقاً وتجعلهم عرضة للتنمر.

ـــ اسألهم عندما يكبرون بما يكفي للتعبير عن آرائهم عما إذا كانوا يوافقون على الظهور على شبكة اجتماعية معينة، واعرض عليهم الصور دائماً قبل النشر واحترم اختيارهم إذا قالوا لك “لا”.

ـــ ضبط إعدادات الخصوصية ولا تشارك صورك مطلقاً في الوضع “العام”.

ـــ لا تضع علامة على أطفالك، ولا تحددهم بأسمائهم الكاملة ولا تقم مطلقاً بتنشيط تحديد الموقع الجغرافي (لا تعطِ عنوانك الدقيق، أو عنوان الأماكن التي تذهب إليها بانتظام معهم).

ـــ إذا كنت ترغب في مشاركة بعض الصور، فاختر مجموعات خاصة لك ولأحبائك، ولا تقبل أبداً في هذه المجموعات شخصاً لا تعرفه.