مراكز غسل الكلى.. الطاقة الاستيعابية في حدّها الأقصى

فاطمة سلامة

منذ أشهر، ونحن نسمع عن المعاناة التي يعيشها مرضى غسل الكلى في لبنان. ثمّة مرضى يعيشون على أعصابهم من يوم تُقفل في وجههم مراكز الغسل لأسباب شتّى. بعض هؤلاء لم يعد يهمه الوجع، أقصى ما يحلم به هو الاستمرار بتأمين العلاج في بلد لم يعد فيه شيء مضمون. قبل أيام، علت الأصوات من مرضى غسل كلى جُدد لم تعد الطاقة الاستيعابية للمستشفيات قادرة على استقبالهم، ما يهدّد حياتهم وحياة أكثر من 4000 مريض غسل كلى ذاقوا الأمرين في بلد تتهدّد قطاعه الصحي أزمات شتّى. 

الحلو: وزارة الصحة تعمل على توسعة بعض المراكز 

مدير العناية الطبية في وزارة الصحة الدكتور جوزيف الحلو يلفت الى أنّ ثمّة ضغطًا على مراكز غسل الكلى جعل القدرة الاستيعابية للمستشفيات أمام مشكلة. وفق الحلو، ثمّة أكثر من 4000 مريض يتوزعون على 79 مركزًا لغسل الكلى على كافة الأراضي اللبنانية. لنفترض أن مركزًا ما مجهّز بـ 10 آلات، كل آلة تستوعب فقط ثلاثة مرضى في اليوم، ما يعني أنّ المركز قادر على استيعاب 30 مريضًا فقط، ولا يمكنه استيعاب 31 مريضًا. لا يُخفي الحلو في حديث لموقع “العهد” الإخباري أنّ وزارة الصحة تلقت مساعدات وهي تعمل الآن على توسعة المراكز، ويجري العمل على صيانة مركز في “مستشفى بيت شباب” تدور المفاوضات حوله، كما جرى فتح مركز في مستشفيَي طرابلس والبوار الحكوميتين، وفي مستشفى حلبا أيضًا، حيث يضم المركز 10 آلات تعطّل منها ثلاث الاثنين الماضي. 

لكنّ الحلو يشدّد على أنّ الواقع يتطلّب المزيد من المساعدات لجعل قدرة المراكز الاستيعابية توازي العدد الفعلي للمرضى. ويقول ردًا على سؤال حول تذرع بعض المستشفيات بالأزمة المالية: “الأزمة الاقتصادية والضائقة المادية تطال الجميع في لبنان وليس فقط المستشفيات”. ويوضح في هذا الصدد أنّ بعض المستشفيات لها مستحقات في ذمة وزارة المالية، لكنّ وزارة الصحة سدّدت أول ثلاثة أشهر من عام 2023، وهي بعد أسبوعين بصدد تسديد 4 أشهر، واعدًا في ختام حديثه بالضغط لعدم إقفال أي مركز لغسل الكلى.  

هارون: الطاقة الاستيعابية وصلت الى حدها الأقصى 
 
نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون يتحدّث لموقعنا عن أزمة كبيرة في قطاع غسل الكلى منذ عدّة أشهر. الطاقة الاستيعابية لمراكز الغسل وصلت الى حدها الأقصى ولم تعد تستوعب مرضى جددًا. ثمّة مستشفيات أقفلت مراكز الغسل لديها ومستشفيات أخرى لديها النيّة بذلك، وبالموازاة، ثمّة مرضى جدد لا تقوى بعض المستشفيات على استيعابهم جراء الضائقة المادية التي ترزح تحتها. تلك الضائقة تجعلها غير قادرة على التوسعة وشراء المعدات واستقدام موظفين جدد لتوسعة الأقسام. التوسعة تجعلها تقع تحت خسارة، فالتكاليف ارتفعت من 4 الى 5 أضعاف. وعليه، بات المرضى الجدد أمام رحلة شاقّة ليتمكنوا من إيجاد مكان للغسل. 

يشير هارون الى أزمة أخرى تُضاف الى القدرة الاستيعابية، لكنها ليست السبب وراء عدم تمكين المرضى من غسل الكلى. تلك الأزمة تتعلّق بعدم إيفاء بعض الجهات الضامنة بالتزاماتها المالية حيال المستشفيات لجهة تسديد المستحقات والتعرفة المطلوبة، ما أوجد مشاكل ومفاوضات بين المستشفيات وتلك الجهات. 

يشدّد هارون على أنّ حياة مريض غسل الكلى تصبح في خطر اذا لم يتلقَّ العلاج في المستشفى، لكنّه يُبرّئ المستشفيات من هذه المسؤولية، الدولة يقع على عاتقها دعم المراكز الموجودة لتتمكن من التوسعة والاستيعاب، اذ لا يمكن “خنقها” بهذا الشكل ماديًا، وفي المقابل، تتعلق الآمال بها لاستيعاب المزيد من المرضى.