مشروعُ إدماج الشذوذ في البرامج التعليمية.. لبنان في مهبّ جمعياتٍ بلا قِيَم

لطيفة الحسيني

وكأنّ القطاع التعليمي في لبنان لا تكفيه مصائبُه ونكساتُه ومِحنُه، حتى يُضاف إليه اليوم استهداف موصوفٌ ومباشرٌ من الولايات المتحدة. العيْن على الأجيال الصاعدة، والغاية المنشودة ضرب قِيَمهم وموروثهم الثقافي.

من باب حاجة وزارة التربية لأنشطة تدريبية، تتسرّب اليوم مشاريع خطيرة تحمل أهدافًا لا ترقى بالمستوى التعليمي، بل تنقله الى عالم الانحطاط وترويج معتقداتٍ لا تُشبه البيئة اللبنانية بمختلف تشعّباتها وطوائفها.

رئيس تجمّع المعلّمين في لبنان الدكتور يوسف كنعان يفصّل في حديث لموقع “العهد” الإخباري مُلابسات استباحة جمعيات أمريكية استطاع “أهل الكار” تسجيلها في قطاع التعليم عبر “تدريب الأساتذة والمعلّمين والمرشدين التّربويّين، بعناوين وأهداف برّاقة من الخارج وزائفة من الداخل، كـ “الإدماج” و”التعدّدية” في الفصل الدراسي.

يُطلق كنعان نداءً لوزارة التربية والتعليم العالي ومديرياتها ويحثّها على ضرورة المحافظة على السيادة التربوية في جميع المشاريع والأنشطة التربويّة المُستوردة، وأن تكون ضابطة إيقاع لمديريّاتها أمام الرّياح التي تهبّ من جمعيّات من هنا أو من هناك، ويقول “لا يجب أن يغرّها التمويل وعليها ألّا تنجرّ للقبول فورًا من دون التحقّق من تلك الأنشطة، وما تحملها هذه الأنشطة من أهداف ومشاريع”.

يبني كنعان تحذيره هذا على ما يتضمّنه التدريب الخطير الذي تُديره جمعية “Hardwired Global” الأميركية المُتسّلّلة الى جمع الأساتذة اللبنانيين، فيشرح أن “الإدماج الذي تسعى هذه الجمعية الى تحقيقه من تمرينها المُزمع هو إحدى القيم الأساسية للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية”، ويذكّر بأنه “في شباط 2021 أصدرت الإدارة الأميركية مذكّرة رئاسية صادرة عن البيت الأبيض في أجواء اليوم العالمي لما يسمى “مناهضة رهاب المثلية الجنسية ورهاب العابرين جنسيًا وثنائيي الميل الجنسي”، أكدت فيها ثبات إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن ونائبته كمالا هاريس على العمل والنهوض بحقوق الإنسان لمجتمع الشاذين في الولايات المتحدة وعبر العالم”.

مشروعُ إدماج الشذوذ في البرامج التعليمية.. لبنان في مهبّ جمعياتٍ بلا قِيَم

ويُشير الى أن “الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية تعمل على المساعدة في حماية الأشخاص الشاذين والمتحولين جنسيًا في البلدان التي تسميها هي نامية، وممّا تُسمّيه: “العنف والتمييز والوصم والتجريم واحترام حقوق الشاذين والمتحولين جنسيًا وتحويلهم إلى قادة في المجتمع”.

ويلفت أيضًا الى أن الـ USAID تنشط لدمج الشذوذ في المناهج والبرامج التعليمية، وللغاية نشرت خلال العام الجاري 2023 وثيقة تحت عنوان ” اعتبارات دمج المثليات والمثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية وثنائيي الجنس (LGBTQI +) لغرض دعم العاملين في قطاع التعليم طلابًا وأساتذة من أفراد مجتمع الشاذين ودمجهم في البيئة التعليمية وفي البرامج التعليمية”.

وعليه، يشدّد كنعان على أن “المشرفين على مشروع التدريب والمرتبطين بهذه الثقافة يعتمدون معيار التمييز بين إنسان وآخر على أساس الجنس، أي أصبح الإنسان بالنسبة إليهم يُعرَف ويُعرَّف في هذه النظرة الغربية الشيطانية على أساس محورية الجنس”.

بحسب رئيس تجمّع المعلّمين في لبنان، ما حدث يُعدّ خرقًا للسيادة التربوية ويُضرّ بالمجتمع اللبناني وبمساره التربوي، ويضرب القيم التي أرستها الأديان السماوية في لبنان.

واذ يسأل كنعان “ماذا يعني أن يأتي مُدرّبون خصيصًا من الولايات المتحدة لهذا الهدف التدريبي ومقابلة المتدرّبين لتهيئتهم ككوادر للمشروع؟”، يُعلن رفض التجمّع رفضًا قاطعًا الانخراط في هذه الدورات، ويضيف “نعوّل على جميع الأساتذة والمعلمين أولاً وآخرًا، وعلى وعيهم ومسؤوليتهم الوطنية والرسالية لحماية أبنائنا ومستقبل الأسرة والمجتمع في لبنان، ونرفع الصوت مؤكدين على أنه لا يحقّ لأيّة جهة خارجية أن تثقّف الأساتذة والمعلّمين والمُربّين كما تُريد هي، وبأهدافها الخاصّة ومشاريعها المشبوهة، وأن تُغيّب دور المركز التربوي للبحوث والإنماء، الجهة الرسمية المعنيّة المفترض أن تتصدى لهذه المهمة وألّا تزهد بها لغيره ولتعيد الوزارة هذه المهمة إليه”.

وينّبه كنعان الى أن جمعية “Hardwired Global” الأميركية التي تحاول أن تنظم الدورات التدريبية مع مديرية الإرشاد في وزارة التربية تؤيد الكيان الصهيوني ولم تخجل بالإعلان عن مواقفها هذه، ويوضح كذلك أن الجمعية المذكورة تُعرّف عن نفسها بأنها جمعية دينية خيرية تهدف الى الترويج للديانة الإبراهيمية الجديدة التي “ستطغى بحسب الإعلام الغربي في النظام العالمي الجديد”.

ووفق كنعان، تتغلغل هذه المنظمات في المجتمعات الشرقية والأجنبية عنها بحجة الإنسانية والدعم المادي والنهضة الفكرية، ونشر السلام والمحبة، في حين تراهم يدافعون باستماتة عن الكيان الصهيوني وإرهابه.

ويعتبر أنه واهمٌ من يظنّ أن هذه الجمعيات بريئة وتُريد الخير لشعوبنا، خصوصًا أن هذه المنظمة تستهدف الفئات العمرية الصغيرة والشابة تحت عنوان الحب والوحدة بين جميع الأديان والمذاهب.

ويخلص الى “ضرورة أخذ وزارة التربية بعين الاعتبار مخاطر التعاون مع هذه الجمعية التي تسعى، وتنشر ما يسمى السلام مع هذا الكيان المحتل وتمهّد للتطبيع معه من مدخل الساحة التربوية الأمر المرفوض”، ويجزم “سنقاومه بإذن الله”.