لطيفة الحسيني
لأصحاب كروم الزيتون قواعدهم عند توقّع كيف سيكون الموسم كلّ عام. “سنة بتحمل.. سنة لا”، هكذا يختصر هؤلاء الحديث لدى سؤالهم عن أحوال شجر الزيتون هذه السنة. وككلّ القطاعات التي تُعاني في البلد، يبدو أن موسم الزيت القادم لن يكون وفيرًا. الأسباب بعضها مُرتبط بالطبيعة وبعضها يعود الى تقصير الدولة في دعم هذه الزراعة الحيوية والأساسية بالنسبة للبنانيين جميعًا.
الإنتاج على الساحل الجنوبي تراجع 80%
نقيب معاصر الزيتون والخرنوب في الجنوب رياض حرب يتحدّث لموقع “العهد” الإخباري عمّا يعيشه هذا القطاع من مشاكل تضرب إنتاج “الذهب الأخضر” قُبيل شهر من انطلاق الموسم فعليًا في عموم الأراضي اللبنانية.
بناءً على مشاهداتِه في مُختلف المناطق الجنوبية الساحلية والداخلية، يصف حرب الموسم القادم بـ”العدم الشرعي”، ويُرجِع ذلك الى “عوامل طبيعية ومحلية”، ويقول “ليس لدينا مزارعو زيتون مُحترفون، بل ملّاكو كروم زيتون، كما أن الوزارات المختصّة مُقصّرة في متابعة هذا الجانب على صعيد الإرشاد والتوعية وتوزيع الأدوية، وهذا يحتاج الى حلّ جذري لتضافر كلّ الجهود في سبيل النهوض في هذا القطاع”.
يلفت حرب الى أن “الزيتون أصبح يحتاج الى ريّ ولا يمكن الاعتماد فقط على الطريقة البعلية، خاصة أنه ينتمي الى نوعٍ من الأشجار المُعرّضة لألّا تُثمر سنويًا”، ويعتبر أن “عدم خبرة ملّاكي كروم الزيتون وعدم تساقط كميات وفيرة من الأمطار يؤثّر بشكل سلبي على موسم الزيتون”.
بحسب حرب، انعكست المتابعات لبعض المزارعين من ناحية الإرشاد والريّ والتسميد إيجابًا، إذ بدأت الأشجار في كرومهم تُثمر فعليًا.
بعد جولاته في مختلف البلدات، تبيّن لحرب أن الموسم في صور والساحل شحيحٌ وقليل، أمّا في المناطق الجبلية والمرتفعات كحاصبيا ودير ميماس وكفركلا فوفيرٌ ولا بأس به جراء العوامل الطبيعية هناك.
ويوضح حرب أن الإنتاج على الساحل تراجع بنسبة 80% مقارنة مع المحاصيل المسجّلة السنة الماضية، إلّا أن كروم الزيتون في المناطق الجبلية تحمل هذه السنة بنسبة 60%.
طلب على زيت السنة الماضية وانتبهوا للتخزين!
وإذ يلفت الى أن هناك طلبًا متزايدًا على زيت السنة الماضية الذي يُباع بنحو 85$ خاصة أن السوق المحلي لم يستوعب كمية إنتاج 2022 والمعاصر ما تزال مليئة بالزيت، ينبّه الى أن الأساس في الشراء هو أن يكون الزيت محفوظًا ومخزّنًا بشكل جيّد وسليم، ويشرح أن أسوأ أنواع التخزين هو البلاستيك والحديد، وينصح بأن يُصار الى تعبئة الزيت بـ”الستانلس”، ويضيف “نعمل مع المعاصر والمزارعين من أجل تخزين الزيت بالـ”الستانلس” التزامًا بالطرق الحديثة والصحية في التخزين”.
زيت زيتون مُسرطن في السوق المحلي
يجزم حرب بأن لا إمكانية للتصدير هذه السنة الى الخارج، ويكشف في الوقت نفسه لـ”العهد” عن وجود زيت زيتون مُصنّع محليًا ومُسرطن ومُهدرج يوزّع في الأسواق المحلية بأسوأ الأنواع ويباع بـ65$ ما يشكّل كارثة حقيقية.
كذلك يحذّر من “إغراق بعض التجار السوق المحلي بزيت مُستورد من سوريا والدول المجاورة وبأسعار رخيصة لا تتعدّى الـ50$ ولا سيّما أن لا رقابة أو محاسبة أو غرامات تُفرض على هؤلاء، ولا حتى هناك قوانين تحمي الإنتاج المحلي”.
140$ للتنكة!
يعكس مازن مخدّر صاحب معصرة زيتون في البابلية الصورة نفسها، إذ يقول لـ”العهد”: “لا موسم هذه السنة والسبب الرئيسي الطقس والأمطار القليلة، وإهمال المزارعين على صعيد العناية وتثبيت حمل الأشجار للزيتون”.
وفق مخدّر إنتاج الزيتون هذه السنة لا يتعدّى الـ20%، وكان الأجدى أن يُجبر صاحب كرم الزيتون على رشّ الأدوية والمبيدات والاهتمام بالأشجار وحمايتها من العواصف والرياح والثلوج.
يجزم مخدّر بأن صاحبَيْ كرم الزيتون والمعصرة والزبون يخسرون على حدّ سواء، ويرجّح أن تتجاوز أسعار تنكة الزيت هذا العام الـ140$ جراء الإنتاج الشحيح، بينما لو كان الإنتاج غزيرًا فسعر التنكة لن يتعدّى الـ90$.
كذلك يتوقّع مخدّر بأن لا يُقبِل المواطنون على شراء الزيت كما السنوات الماضية في ظلّ الظروف الاقتصادية الصعبة وتدنّي الرواتب، وهذا سينسحب على زيت السنة الماضية الذي لم يصرّف حتى ولا تهافت على شرائه.
وخلافًا لمعظم المناطق الجنوبية، لا يبدو الوضع في حاصبيا بهذا السوء، إذ إن موسم الزيتون هناك هذه السنة وصولًا الى مرج الزهور يصل الى 50%.
حزب الله يبادر للمعونة
في المقابل، علم موقع “العهد” الإخباري أن حزب الله بصدد التحضير لحملة معونة لمزارعي الزيتون في المناطق الجنوبية ابتداءً من 10 تشرين الأول المقبل، في محاولة للتخفيف من تكلفة القطاف مرورًا بالاهتمام بالأشجار وصحّتها وصولًا الى مرحلة العصر.