المصدر : غاصب المختار – اللواء
ما زال لبنان ينتظر ما سيحمله الموفدون العرب والفرنسي من مقترحات أو مبادرة جديدة حول الحل لإنهاء الشغور الرئاسي برغم بعض الأجواء السلبية أو الضبابية حول طروحات الحوار والتوافق خلافاً لجو الأغلبية الساحقة الراغبة بالحوار والتفاهم، بينما نفى رئيس المجلس النيابي نبيه برّي لـ «اللواء» ما تردد عن «تجميد» مبادرته بالحوار سبعة أيام تتخلله أو تليه جلسات مفتوحة لإنتخاب رئيس للجمهورية.
وقال الرئيس برّي: أنا لم أجمّد مبادرتي، بالعكس، هي قائمة ومستمرة وتتكامل مع المبادرة الفرنسية، والمبادرتان تكمّلان بعضهما وجوهرهما واحد وهو الحوار والتوافق لإنتخاب رئيس الجمهورية.
وأضاف الرئيس برّي لـ «اللواء»: أنا أنتظر زيارة الموفد الفرنسي جان إيف لودريان، وأتوقّع أن يتم دمج مبادرتي مع مبادرة لودريان للوصول الى النتيجة الإيجابية المتوخاة عبر الحوار والتوافق.
وعلى ضفة أخرى، لا يخفي وليد جنبلاط انزعاجه من أي حركة سياسية أو موقف سياسي ما لا يراهما مناسبين للّحظة السياسية التي تمرّ بها البلاد، لذلك تقصّد خلال استقباله البطريرك الماروني بشارة الراعي في دارة المختار، توجيه رسائل نارية «الى نابشي القبور»، وهي عبارة لا تُخفي من المقصود بها بعد كلام سمير جعجع في مناسبة قداس «شهداء المقاومة اللبنانية»، وبعد كلام النائب جبران باسيل قبل وبعد عشاء التيار في البترون مؤخراً. وبعد زيارتي الموفد الأميركي آموس هوكشتاين ووزير الخارجية الإيرانية حسين أمير عبد اللهيان الى بيروت.
رسالة جنبلاط لا تحتمل الكثير من التفسير والتحليل في القراءة، فهي موجهة بشكل مباشر الى المعترضين على الحوار الداخلي لإنتاج رئيس للجمهورية، والى الخارج المعني بلبنان حيث قال لاحقاً في توضيح لخطاب المختارة: «في الخارج هناك مَن لا يساعد على انتخابات الرئاسة، وفي الداخل هناك أصوات تقول نعم للفراغ». حيث دعا الموفدين الأميركي والإيراني الى ترجمة فعلية لمواقفهما بمساعدة لبنان على انتخاب رئيس جمهوريته. وهو سبق وقال في المختارة: كفى وضع العراقيل! فهل يتم التجاوب في الداخل والخارج مع كلام جنبلاط؟
من المفترض أن يفتح كلام الرئيس بري و«الرئيس» وليد جنبلاط الواضح، معطوفاً على كلام مسؤولي حزب الله وقوى سياسية أخرى، الباب أمام مقاربات أخرى للتعاطي مع الاستحقاق الرئاسي، منطلقها الحوار للتوافق ولو على أسماء مرشحين جديدة للرئاسة، وهم كثر كما تردّد مؤخراً، وبعضهم مقبول من الأغلبية النيابية لكنه بحاجة الى إشهار ترشيحه وبرنامجه أو توجهاته، بدل البقاء في الظل منتظراً مسار التطورات الخارجية. فقد ظهر ان بعض الخارج يرمي – وعن حق – مسؤولية انتخاب الرئيس على تفاهم اللبنانيين، ولو ان البعض الآخر يضع الشروط التعجيزية والعراقيل بما يؤخّر إنهاء الشغور الرئاسي الى ما بعد تنفيذ أجندته الخاصة الاقليمية والدولية، متجاوزاً أو متناسياً ظروف لبنان الصعبة، التي يزيدها الحصار المالي والكهربائي وقوانين العقوبات الأميركية تعقيداً.
ولكن ثمة مصادر وزارية تطرح التساؤل: لماذا هذا التباطؤ النيابي والحكومي في إقرار القوانين الإصلاحية المطلوبة من ما يُسمّى المجتمع الدولي لا سيما الدول المانحة وصندوق النقد الدولي. وهي المطلوبة لبنانياً أصلاً وأولاً نظراً لحاجته إليها وفائدتها المرتقبة على اقتصاده؟ فإذا لحقنا وعود الدول والصناديق «الى باب الدار» بدعم لبنان إذا نفّذنا الإصلاحات ولم تتجاوب، عندها ليأخذ لبنان خيارات أخرى على المستوى الداخلي، سواء في موضوع الاستحقاق الرئاسي أو إصلاح الاقتصاد والإدارة بعيداً عن شروط الخارج وطلباته التي لا تنتهي، ولا يعود من داعٍ لإنتظار الخارج المشغول بتنفيذ برنامجه الخاص ولمصلحته الخاصة.