أكد الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله أن العودة الشجاعة والسريعة للأهالي بعد الانتصار في حرب تموز 2006 هي التي ثبّتت الانتصار العسكري، مشيرًا الى أن مشهد عودة قوافل السيارات على كل الطرقات عبّرت عن ثبات شعبنا بالموقف وتمسكه بالأرض وعن التزامه الحاسم بخيار المقاومة مهما عظمت التضحيات.
موقف السيد نصر الله جاء في كلمة له مساء اليوم الأثنين بمناسبة الذكرى السنوية السابعة عشرة للإنتصار في حرب تموز 2006، إذ لفت الى أن ذكرى الانتصار العزيزة هذه السنة تلتقي مع شهر محرم والذي شهد في العاشر منه واقعة كربلاء العظيمة.
وأضاف السيد نصر الله أنه من واجبنا التقدم بالتعازي بشهداء التفجير في باكستان وفي البادية السورية وفي شيراز الإيرانية، معتبرًا أنه يبدو أن هناك قرارًا أميركيًا بعودة تنظيم “داعش” الإرهابي الى العمل في العديد من الساحات.
واعتبر السيد نصر الله أنه لولا البناء على نتائج حرب تموز 2006 لما تحققت الانتصارات لاحقًا، فهذا الانتصار هو انتصار تاريخي للمستقبل، ونحن اليوم أمام مرحلة جديدة هي من نتائج هذه الانتصارات.
وقال إنه يجب أن نخص بالشكر الشهداء كل الشهداء، كما ونتوجه بالشكر للناس والجمهور والشعب والبيئة الحاضنة والمقاتلين والمؤسسات العسكرية والأمنية والجرحى والشهداء والاحتضان الرسمي والشعبي ودعم ايران وسوريا وتعاطف العالم الاسلامي، ويجب أن نتوجه بالشكر إلى كل الذين ساهموا في صنع هذه الملحمة والأسطورة على مدى 33 يومًا.
ولفت السيد نصر الله أنه في هذه الحرب وعلى مدى 33 يومًا شهدنا كيف يدافع الله عن الذين آمنوا وتحقيق الوعد الالهي بالنصر، مضيفًا أن العنوان الأبرز اليوم في 14 آب هو هذا المشهد الجماهيري الشجاع الواثق بالمقاومة.
واشار الى أن عملية ترسيم الحدود البحرية وبدء التنقيب ما كانت لتتحقق لولا البناء على نتائج حرب تموز في 2006.
وفيما خص الشأن الداخلي، بيّن السيد نصر الله أن الصندوق السيادي هو حاجة ملحّة للبنان كي تكون الثروة النفطية لكل اللبنانيين وتستفيد منه الأجيال الآتية، إذ نأمل من السادة النواب مقاربة موضوع الصندوق السيادي مقاربة وطنية وسيادية، مضيفًا أنه على مدى الأشهر الماضية اللجان النيابية المعنية توصلوا الى اقتراح قانون الصندوق السيادي الموضوع على جدول أعمال الجلسة النيابية يوم الخميس المقبل.
وأوضح أن ما يمنع العدو من الانتقاص من حقوق لبنان هو فهمه أن أيّ محاولة ستُقابل برد الفعل القوي الذي سيجعله نادمًا، وما يمنعه أيضًا من الانتقاص من حقوق لبنان في ثرواته الطبيعية هو قوة لبنان، مشددًا على أن الضمانة الحقيقية للحفاظ على حقوق لبنان وثروته النفطية هو احتفاظه بكل عناصر القوة وفي مقدمها المقاومة.
وبيّن السيد نصر الله أن وضعية الجبهة الداخلية في الكيان الصهيوني كانت قبل حرب تموز 2006 غالبًا بمنأى عن كلّ الحروب، لكن المقاومة في 2006 جعلت هذه الجبهة الصهيونية جزءًا من الحرب، وبعد 2006 أضاف الصهاينة عنصرًا رابعًا للعقيدة الأمنية المتمثل بالدفاع والحماية، الى الثلاثة الأهداف السابقة المتمثلة بالردع والإنذار والحسم، فالعدو انتقل من الهجوم ومن كونه صاحب المبادرة الى أن يكون في موقع الدفاع، معتبرًا أن الأهم في الجبهة الداخلية هو عدم استعداد مستوطني ومستعمري ومحتلي هذه الأرض للتضحية وتحمل التبعات.
كما أكد السيد نصر الله أن محور المقاومة أمسك بزمام المبادرة بنسبة كبيرة و”اسرائيل” اليوم تختبئ خلف الجدران، والجيش “الاسرائيلي” اليوم في أسوأ حال نسبة لأي زمن مضى، وهو يعاني من ضعف الروح القتالية وانعدام الثقة بين العناصر والقادة ومع المستوى السياسي وضعف الاقبال على الوحدات القتالية وغياب الانجازات البرية ومحاولة الاقتحام الفاشلة في غزة شاهدة على ذلك.
وتساءل السيد نصر الله، هل استطاعوا ترميم قوة الجيش الصهيوني بعد 17 سنة من الترميم والمناورات؟ بالتأكيد لا، فالكثير من جنرالات العدو المتقاعدين والفعليين ووزراء يتحدثون عن الحالة الصعبة التي وصل اليها الجيش “الاسرائيلي”
وشدد السيد نصر الله على أنه منذ عام 2006 بدأ التراجع والضعف والوهن يسري في الجيش الصهيوني، ومنذ العام 2006 يجري العدو مناورات للجبهة الداخلية للتحقق من جاهزيتها وكل التقارير تقول إنها ليست كذلك.
كما اشار الى أن “الاسرائيلي” اضطر بعد حرب 2006 التفتيش عن منظومات اعتراض الصواريخ وعمل جهدًا كبيرًا وأنفق بشكل هائل.
ورأى السيد نصر الله أن العدو الاسرائيلي اليوم هو أضعف بكثير مما كان عليه والمقاومة ومحورها اليوم أقوى بكثير مما كانا عليه، مشددًا أنه إذا تطورت المعركة إلى معركة مع محور المقاومة فلن يبقى شيء اسمه “اسرائيل”.
كما لفت السيد نصر الله الى أنه على قادة العدو أن يعرفوا أنه هنا في هذا الميدان وهذه الساحة أن يلعبوا لعبة وجود وفناء وليس لعبة نقاط، قائلاً: اذا ذهبتم الى الحرب مع لبنان أنتم ستعودون الى العصر الحجري.
وبالعودة الى الداخل اللبناني، كشف السيد نصر الله أن حادثة الكحالة كانت طبيعية الى أن قامت احدى القنوات التلفزيونية المعروفة بتحريض الناس بأن الشاحنة تنقل السلاح لحزب الله، مبينًا أن الشاحنة انقلبت عند كوع الكحالة بسبب عطل تقني والحادثة هي حادثة طبيعية فشاحنات تمر من هناك ويحصل حوادث، والشاحنة بقيت لأكثر من ثلاث ساعات نقل خلالها الشباب سائقها الى المستشفى واستدعوا رافعة لنقلها.
وقال السيد نصر الله إن هناك ناس قدّموا الموضوع أن حزب الله اعتدى على أهل الكحالة، فيما خلال 3 ساعات كان الشباب يعالجون انقلاب حادث الشاحنة ولم يحصل أي شيئ الا بعدما حرّضت هذه القناة التلفزيونية، ومنذ البداية عملنا على استيعاب الموضوع ولا نعتبر ان هناك مشكلة مع أهل الكحالة، مضيفًا أن عدد الذين كانوا في ميدان الحادث معروف وبعضهم جاء من خارج الكحالة وهم معروفون فالمشكل معهم وليس مع أهل الكحالة.
وبيّن أن هناك مواقف مسؤولة صدرت وخصوصًا في الوسط المسيحي تدعو الى التهدئة ومنها موقف الرئيس ميشال عون، وهناك قوى سياسية أيضًا دافعت عن المقاومة والشكر لهم جميعًا لمن دافع ولمن دعا للهدوء والتعقل، ولكن هناك زعامات سياسية بمعزل عن خلفياتها من الواضح من سلوكها وبيانها ومعها وسائل اعلام معينة تدفع البلد نحو الانفجار والحرب الاهلية.
وطالب السيد نصر الله القضاء بأنه لولا التحريض الإعلامي التي قامت به هذه القناة المعروفة الخبيثة لما حصل ما حصل عند كوع الكحالة، ونحن أبلغنا الجهات المعنية للتعاون الى آخر الخط وننتظر النتائج، وهذه الحادثة اليوم في عهدة القضاء فكل الاشخاص الذين كانوا موجودين في الحادثة باتوا معروفين، فالذي يتحمل بالدرجة الاولى التداعيات المحتملة لما كان سيحصل في البلد ككل وسفك الدماء والتحريض على القتل هي هذه القناة الخبيثة.
ولفت السيد نصر الله الى أن الشهيد أحمد قصاص استشهد بالدفاع عن المقاومة وعن جهوزيتها وأشيد ببصيرة ووعي عائلته، مؤكدًا أن الحادثة أكدت مجددًا أن مؤسسة الجيش هي الضامنة للامن والسلم والاستقرار في هذا البلد وإنْ كان البعض يريد أن يأخذ الجيش كما يريد هو.
ورأى أن الكل خاسر في الحرب الأهلية حتى القوي لأنها تستنزف الجميع وهناك الكثير من الدول التى ستعمل على تسعير هذه الحرب من بينها “اسرائيل” ، فهؤلاء يعملون على التعبئة والتحريض في أكثر من ساحة بعدها من يسيطر على الموقف؟، هل مصلحة المسيحيين بالدرجة الأولى الذهاب الى الحرب الأهلية؟، أدعوا الى التفكر والدراسة فهل التقسيم هو خيار خصوصًا المسيحيين وانتم عشتم تجربة من هذا النوع، مضيفًا أن هناك احتمال آخر أن هؤلاء هدفهم أن يقنعوا الرأي العام اللبناني أن الحل في لبنان هو التقسيم لكن هذا لن يحصل.
وأضاف السيد نصر الله أن هناك قوى سياسية لا تريد أي حوار بين اللبنانيين بل تريد تخندقًا واصطفافات وتعبئة، وهذا المسار يؤدي الى خراب البلد وعلى الجميع تحمل المسؤولية، وأشاد بالحوار مع التيار الوطني الحر الذي اعتبره أنه جدي وايجابي ويحتاج الى بعض الوقت كونه يحتاج للتشاور مع بعض القوى السياسية.
وأخيرًا، شدد الأمين العام لحزب الله على موضوع انساني، فقد توفي منذ أيام الشاب علي حسن شرف الدين في حادث سير وهو في كشافة الامام المهدي (ع)، مشيرًا الى أن النموذج الرفيع والراقي الذي قدمته عائلة المرحوم وهذه ثقافة الحياة والتضحية ونحن نفتخر بهؤلاء، وأهل المرحوم علي وهبوا بعض أعضائه وأتوجه لهم بالشكر.
وختم السيد نصر الله قائلاً: نحن اليوم في مسار تصاعدي أفقه واعد ومفتوح ونمشي بأقدام ثابتة نحو النصر النهائي.