قطار التأليف ينطلق بالمشاورات غير الملزمة..محاولات لتذليل العقبات أمام الحريري للتأليف وانتظار لقاء بينه وبين باسيل

العهد

ركزت الصحف اللبنانية الصادرة اليوم على تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل حكومة المهمة، وتطرقت إلى الاستشارات النيابية الملزمة يوم أمس والتي أدت إلى تأليف الحريري بـ65 صوتاً، فيما أشارت من ناحية أخرى إلى عقد المشاورات غير الملزمة اليوم مع الكتل النيابية في مجلس النواب، من أجل إنطلاق قطار التأليف، في ظل الحديث عن محاولات لتذليل العقبات أمام الحريري وانتظار لقاء بينه وبين رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل.

“الأخبار”: سعد الحريري: انقلاب أم تفاهم؟

وفي هذا السياق، قالت صحيفة “الأخبار”، “عاد سعد الحريري إلى الواجهة من دون قناع. لم تكن استقالته استجابة لمطالب انتفاضة ١٧ تشرين، وليست عودته مطلباً شعبياً. عاد لأنه يعتبر أن رئاسة الوزراء حقّه الطبيعي. وعاد واعداً بأنه هو نفسه، من كان أحد أسباب الانهيار، يحمل مشروعاً للخروج من هذا الانهيار. لم يتضح بعد أيّ طريق سيسلك. هل يستكمل الانقلاب الذي بدأه مصطفى أديب، عبر محاولة فرض أعراف جديدة تتخطّى موازين القوى في مجلس النواب، أم يسعى إلى تفاهمات سياسية لتأليف حكومة اختصاصيين؟ لا يزال التنبّؤ بالأمر صعباً بانتظار متابعة كيفية التعامل مع التيار الوطني الحر. هل تختلف آلية العمل بين التكليف والتأليف، أم يصرّ على إقصائه فيكون له رئيس الجمهورية بالمرصاد؟”

واضافت “دار الدولاب وعاد سعد الحريري مكلّفاً تأليف الحكومة. عندما استقال في أواخر تشرين الأول 2019، بدت خطوته هروباً من تحمّل المسؤولية (وإن ألبسها لبوساً ثورياً). وعندما عاد أوحى أنه جاهز لتحمل المسؤولية. ما الذي تغيّر في هذا العام بالنسبة إليه؟ هل سيتمكن من يدّعي امتلاك مفتاح الخروج من الانهيار أن يعيد عقارب الساعة إلى الوراء؟ عندما استقال كان سعر الدولار 1780 ليرة، وعندما عاد احتفل الناس لأن الدولار تراجع إلى حدود الـ 7000 ليرة. إذا كان هو المنقذ حالياً، فهذا يعني أنه كان كذلك عندما استقال، وكان كذلك يوم رفض العودة، لكنه فضّل المساهمة بتعميق الانهيار، بعدما سبق أن كان واحداً من المؤسسين له”.

وتابعت “الأخبار” إنه “عندما استقال منذ عام سنحت له الفرصة مجدداً للعودة متسلّحاً بالورقة الإصلاحية التي وافق عليها مجلس الوزراء قبل استقالته. لم يوافق على التكليف حينها بحجة عدم تأييده من قبل الفريقين المسيحيين الأكبر، لكنه عاد ووافق اليوم. يبدو واضحاً إذاً أن القرار كان متخذاً بترك السفينة تواجه الغرق. واليوم، ولما كادت تغرق، يُراد تعويمها. عند الاستقالة قيل إن القرار أو «النصيحة» أتت من جاريد كوشنير، صهر الرئيس الأميركي دونالد ترامب ومستشاره. هل العودة اليوم محمية بـ«نصيحة» أخرى، مرتبطة بمفاوضات الترسيم وأجواء تهدئة إقليمية، من اليمن إلى بغداد مروراً بسوريا ولبنان؟ من يعرف الحريري يدرك أن إصراره على الحصول على التكليف ليس وليد بنات أفكاره. من دون إيعاز لا يمكنه المغامرة. والإيعاز لا يمكن أن يكون فرنسياً فقط، وإن أكثَر من التعبير عن الحرص على المبادرة الفرنسية”.

واعتبرت الصحيفة أن “اللافت أنه بالرغم من الانقسام السياسي الكبير، إلا أنه تمكّن من الحصول على 65 صوتاً، تمثل عملياً نصف عدد النواب حالياً زائد خمسة. كتلة القومي كانت المفاجأة، كما النائبين جهاد الصمد وعدنان طرابلسي. أيّدوا الحريري، كما فعل النائب جان طالوزيان، مخالفاً موقف كتلة القوات. كتلة الطاشناق لم تتأثر بكل الضغوط لثنيها عن قرارها، فأصرّت على السير بتسمية الحريري. كان للرئيس نبيه بري دور رئيسي في إقناع كتلتَي «القومي» والطاشناق بتسمية الحريري، رغم محاولة السفير السوري، علي عبد الكريم علي، إقناعهما بالعكس. المفارقة أن ما سبق أن أعلنه نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي تحقّق. تمكّن الحريري من الحصول على 22 صوتاً مسيحياً بالتمام والكمال. وهذه تقارب 40 في المئة من عدد النواب المسيحيين الذين شاركوا في الاستشارات”.

واشارت “الأخبار” إلى أن الحريري حصل بالنتيجة على تسمية 65 نائباً، فيما لم يسمّ 54 نائباً أحداً. وهؤلاء نصفهم على الأقل لا يعترضون على عودة الحريري إلى السراي، وأبرزهم حزب الله. وبعد أن أبلغ الرئيس ميشال عون الحريري بنتيجة الاستشارات، بحضور بري، خرج الأخير، رافضاً استمرار التشاؤم على خلفية الخلاف الكبير بين الحريري والنائب جبران باسيل. قال إن «الجو تفاؤلي بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس سعد الحريري». أضاف: «سيكون هناك تقارب بين تيارَي المستقبل والوطني الحر». أما الحريري، فقد خرج ببيان مقتضب وضع فيه الخطوط العريضة لمرحلة التأليف. وتحدّث عن «تشكيل حكومة اختصاصيين من غير الحزبيين، مهمتها تطبيق الإصلاحات الاقتصادية والمالية والإدارية الواردة في ورقة المبادرة الفرنسية، التي التزمت الكتل الرئيسية في البرلمان بدعم الحكومة لتطبيقها». كما أبدى عزمه «العمل على وقف الانهيار الذي يتهدد اقتصادنا ومجتمعنا وأمننا، وعلى إعادة إعمار ما دمّره انفجار المرفأ الرهيب في بيروت»، معلناً أنه سينكبّ على «تشكيل الحكومة بسرعة، لأن الوقت داهم، والفرصة أمام بلدنا الحبيب هي الوحيدة والأخيرة».

وسألت الصحيفة “لكن هل سيكون بالإمكان تشكيل حكومة بسرعة؟” وقالت إن ما حمله التكليف من عقد يؤكد أن التأليف لن يكون سهلاً. أمامه عقبات كبيرة، أولاها كيفية التعامل مع الحالة العونية في تلك المرحلة، وثانيتها كيفية التوصل إلى اتفاق على برنامج الحكومة.

ولفتت إلى ان باسيل كان رأى أن «هذا التكليف مشوب بضعف ونقص تمثيلي يتمثل بهزالة الأرقام وغياب الدعم من المكوّنات المسيحية الكبرى، ومن يحاول التغاضي عنه يحاول إعادتنا إلى الوصاية السورية وهذا لن يحصل». وقالت الصحيفة إن ما قاله باسيل من بعبدا يرسم خارطة طريق مرحلة التأليف: «التيار مع حكومة إصلاح من اختصاصيين برئيسها ووزرائها وجو المبادرة الفرنسية كذلك، ولذلك فإن تسمية شخص سياسي بامتياز، أدت إلى عدم تسمية التيار لأحد». خلاصة قوله وفق “الأخبار” بأن التيار الذي انحنى أمام عاصفة التكليف سيقف في المرصاد في مرحلة التأليف. وهذا استكمال لموقف رئيس الجمهورية، الذي أعاد التذكير، في مؤتمره الصحافي أول من أمس، أن التأليف يمرّ من بعبدا، وإذا كانت الاستشارات ملزمة، فإن توقيعه هو ملزم لمن يودّ تأليف حكومة.

وأوضحت “الأخبار” إن مشاورات التأليف بدأها الحريري أمس. استعاض عن الزيارات لرؤساء الحكومات السابقين باتصالات هاتفية، على أن يُفتح المجلس النيابي اليوم ليجري الرئيس المكلّف الاستشارات مع الكتل النيابية، تمهيداً لبدء التواصل الفعلي لتشكيل الحكومة. هنا لا تزال الأمور ضبابية. أمام الحريري خيار من اثنين، إما يسعى إلى تنفيذ الانقلاب الذي فشل مصطفى أديب في تنفيذه، فيذهب باتجاه المواجهة من الخاصرة الرخوة لفريق 8 آذار، أي التيار الوطني الحر، ومن خلفه رئيس الجمهورية، فيرفض التفاوض معهما أو التنسيق معهما بشأن الأسماء والبرنامج، وإما يسير بتفاهم كامل مع الكتل النيابية الممثلة في المجلس النيابية، تمهيداً لنيل حكومته الثقة، والبدء بالعمل للخروج من الانهيار كما أعلن.

ورأت أنه إذا اعتمد المسار الأول فلن يكون مستبعداً أن يكون مصيره كمصير مصطفى أديب، الذي أثبتت الوقائع أن طرحه لحكومة يختار أعضاءها بنفسه ليس قابلاً للحياة، وستكون أمامه عقبتان كفيلتان بتطييره، الأولى عدم توقيع رئيس الجمهورية على أيّ تشكيلة لا يوافق على أسمائها، أو لا تكون له الحصة الأوزن في أسماء المسيحيين فيها، والثانية ثقة المجلس النيابي، التي لن تتمكن حكومة الحريري من الحصول عليها، إذا لم تكن الأكثرية مشاركة فيها بما تراه مناسباً.

وقالت إنه مع ذلك، فإن الحريري إذا ذهب في خيار المواجهة، فلن يكون أعزلَ. هو يعتمد على مجموعة من العوامل التي يعتبر أنها تصبّ في مصلحته: رهان على ضغط فرنسي أو أميركي على عون للسير بتشكيلة يقدمها، «قدرته» على خفض سعر صرف الدولار، تمسك الجميع بالمبادرة الفرنسية، العقوبات الأميركية، والفكرة التي ردّدها في قصر بعبدا: أنا الفرصة الأخيرة.

وتابعت الصحيفة “في المقابل، إذا غامر الحريري بالرهان على تلك الخطوات، فإن الفريق الآخر لن يكون مكبّل اليدين، دستورياً وسياسياً. يكفي أن رئيس الجمهورية شريك في التأليف وفي التوقيع، ومن دونه لا شرعية لأي حكومة”. ولذلك، فإن مصادر معنية تؤكد أن لا مجال لتكرار تجربة مصطفى أديب. وعندما طرح الحريري نفسه مرشحاً طبيعياً كان يدرك أن لاءات أديب لا يمكن أن تؤسس لإطلاق مسار جدي لتشكيل الحكومة. لذلك كان بديهياً أن يكون الحريري قد تجاوزها عندما طرح ترشيحه. هذا ما حصل بالنسبة إلى الحصة الشيعية التي اتفق على أن يسميها ثنائي حزب الله وأمل، وهذا ما حصل مع وليد جنبلاط الذي وعده بحقيبتين إحداهما وازنة. وحده التيار الوطني الحر تعامل معه الحريري كأنه غير موجود. لكن إذا كان الأمر شخصياً مع جبران باسيل، فهل يمكن أن يبقى كذلك عند اختيار الوزراء المسيحيين؟ مصادر معنية تجزم أن ما يصح على غير التيار يصح على التيار أيضاً. ولذلك، فإنه لا بد أن يكون حاضراً في مفاوضات التأليف بغضّ النظر عن الآلية. ذلك أمر لا يحتمله الحريري على الأرجح، لكن في مطلق الأحوال فإن رئيس الجمهورية سيكون له بالمرصاد. البداية اليوم من مجلس النواب. فهل سينجح بري في جمع الحريري وباسيل، لتكون حكومة الحريري الرابعة نسخة «مزيدة ومنقّحة» عن حكومة حسان دياب؟

“النهار”: بدأ مخاض التأليف والحريري مكلفاً يتمسك بتعهداته
 
من جهتها، قالت صحيفة “النهار” “يبدأ اليوم الرئيس سعد الحريري مخاضا بالغ المشقة لتأليف حكومة يعلق اللبنانيون والمجتمع الدولي أيضا آمالا مضخمة عليها، نظرا الى المهمات الاستثنائية التي تنتظرها والتي تحمل طابعا انقاذيا مصيريا للبنان الذي يشارف أخطر حلقات وفصول انهياراته ما لم يتم تداركها بما صار متعارفا عليه بحكومة المهمات المحددة وفق التسمية الرسمية للمبادرة الفرنسية. بدا الرئيس الحريري الذي صار منذ ما بعد ظهر امس رئيسا مكلفا لتشكيل حكومته الرابعة مدركا تماما للمصاعب والتحديات الكبيرة التي تنتظره، خصوصا وسط مفارقة رمزية واكبت تكليفه وبدء مرحلته الأصعب نحو تأليف الحكومة، اذ جاء تكليفه قبل أسبوع واحد من مرور سنة كاملة على استقالة حكومته الثالثة في 29 تشرين الأول 2019 عقب انطلاق انتفاضة 17 تشرين الأول”. 

واضافت “ترجم بيان الحريري المقتضب بعد تكليفه هذا الادراك، علما ان الأجواء التي واكبت زيارتيه البارحة لقصر بعبدا في يوم الاستشارات النيابية الملزمة، وغداة الرسائل النارية التي وجهها رئيس الجمهورية ميشال عون في اتجاهه حصرا الى جانب قوى سياسية أخرى، عبر رسالته اول من امس، كانت تنبئ بالمناخ المشدود الذي جرت فيه الاستشارات وإعلان نتائجها وسط مخاوف سادت بعض الأوساط من مفاجأة خطيرة من نوع “تفويض” أصوات نواب لرئيس الجمهورية وقطع الطريق على تكليف الحريري بهرطقة دستورية مماثلة لتلك التي حصلت إبان عهد الرئيس الأسبق أميل لحود. ولكن ذلك لم يحصل وجرى التكليف بسلاسة والتقطت صور الرؤساء عون ونبيه بري وسعد الحريري في اجتماع التكليف الدستوري بما أرخى أجواء تبريد نسبية استعداد لـ”الجهاد الأكبر” مع انطلاق مخاض التأليف اليوم من خلال الاستشارات النيابية التي سيجريها الرئيس المكلف مع الكتل النيابية والنواب المستقلين في مجلس النواب”. 

وفق “النهار” فإن المعلومات المؤكدة عن استعدادات الرئيس الحريري لهذا الاستحقاق تفيد انه لم يضع الوقت منذ اعلن قبل أسبوعين في مقابلته التلفزيونية تحمله لهذه المهمة وإطلاقه حركة المشاورات السياسية والنيابية الواسعة التي تولى بعضها بنفسه والبعض الاوسع الاخر بجولة وفد كتلة المستقبل على رؤساء الكتل والأحزاب الذين شاركوا في اجتماع قصر الصنوبر مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون”. تبعا لذلك تشير المعلومات الى امتلاك الرئيس الحريري العناوين الرئيسية والأساسية لمسودته الحكومية بما فيها من تصورات لاسماء وزراء مقترحين تنسجم مواصفاتهم مع حكومة الاختصاصيين التي ينوي تأليفها كما تنسجم هذه التصورات في المضمون الإصلاحي الجوهري مع الورقة الاقتصادية التي وزعها وفد المستقبل على القيادات التي قابلها وهي ترتكز الى المبادرة الفرنسية. اما في ما يتصل بمسألة الوقت والزمن المقدر لتأليف الحكومة الجديدة، فيمكن القول ان أي تحديد استباقي سيكون امرا محفوفا بالتسرع وعدم الدقة لان الاختبار الكبير للتأليف لم ينطلق بعد، وسيكون انتظار المرحلة الأولى من “المفاوضات الشاقة” التي سيبدأها الرئيس المكلف فور انتهاء الاستشارات النيابية غير الملزمة عصر اليوم في مبنى المجلس في ساحة النجمة محطة استكشاف أولية للحكم على طبيعة المخاض وما اذا كانت ستبرز إمكانات تسهيل او تعقد فورية.
التكليف والحريري

واشارت الصحيفة إلى أنه في أي حال برزت المناخات المعقدة شكلا، اقله في يوم استشارات التكليف في قصر بعبدا من خلال الأجواء المشدودة التي طبعت صور بعض الوجوه ولا سيما منها وجه الرئيس الحريري الذي كان متجهما. ولكن رئيس المجلس نبيه بري بادر عقب اجتماع التكليف الى محاولة تبديد المناخ التشاؤمي متحدثا امام الصحافيين عن “جو تفاؤلي خصوصا بين الرئيسين عون والحريري وبوجه أخص بين تياري المستقبل والوطني الحر”.

وقالت “غير ان الرئيس الحريري اظهر في بيانه الأول بعد تكليفه بأكثرية 65 نائبا طبيعة طريقته لمواجهة مرحلة التأليف اذ اتسم البيان باقتضاب وبدلالات حازمة حيال التزاماته في تأليف “حكومة اختصاصيين من غير الحزبيين مهمتها تطبيق الإصلاحات الاقتصادية والمالية والإدارية الواردة في ورقة المبادرة الفرنسية “. وتوجه الى اللبنانيين “الذين يعانون من الصعوبات الى حد اليأس” مشددا على عزمه “التزام وعدي المقطوع لهم بالعمل على وقف الانهيار الذي يتهدد اقتصادنا ومجتمعنا وأمننا وعلى إعادة اعمار ما دمره انفجار المرفأ الرهيب في بيروت وسأكب بداية على تشكيل الحكومة بسرعة لان الوقت داهم والفرصة امام بلدنا الحبيب هي الوحيدة والأخيرة”.

وقالت الصحيفة إن الاستشارات واكبت تطورات ومواقف نيابية اكتسبت دلالات وكان ابرزها تصويت نواب كتلة الحزب القومي السوري الاجتماعي لمصلحة الحريري كما كتلة نواب الأرمن. كما برزت مفاجآت أخرى عبر تصويت النواب نهاد المشنوق الذي لم يكن متوقعا لمصلحة تكليف الحريري كما النائب الذي خرج من كتلة اللقاء التشاوري جهاد الصمد والنائب في كتلة نواب القوات اللبنانية جان طالوزيان الذي خالف موقف كتلته. وجاءت الحصيلة الإجمالية للاستشارات بأكثرية 65 صوتا للحريري فيما امتنع 53 نائبا عن تسمية أي مرشح.

أصداء دولية

ولفتت الصحيفة إلى أنه في اول موقف دولي من تكليف الحريري حض ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش القوى السياسية على مساعدة الحريري على تشكيل الحكومة الجديدة. وقال في تغريدة له “لا يمكن أي بلد وبالأخص اذا كان في حال سقوط كارثي كلبنان الاستمرار في تسيير اموره الى ما لانهاية في غياب حكومة فعالة وداعمة للإصلاح”. وأضاف ان “القوى السياسية التقليدية أخذت مرة أخرى على عاتقها التحرك قدما بغض النظر عن إخفاقاتها في الماضي. الامر الان يعود الى هذه القوى لمساعدة رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري على تشكيل حكومة ذات صلاحيات وفعالة لبدء تنفيذ الإصلاحات المعروفة”. وفي ما بدا إشارة لافتة الى ربط البعض الملف الحكومي بالانتخابات الأميركية قال كوبيتش “لا تنتظروا المعجزات من الخارج. الإنقاذ يجب ان يبدأ في لبنان وبواسطة لبنان”.

اما مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط ديفيد شينكر الذي زار لبنان الأسبوع الماضي فرفض في لقاء صحافي امس التعليق على تكليف الحريري مشددا على التزام الحكومة الجديدة الإصلاح وانهاء الفساد. وقال “ما زلنا نقف مع الشعب اللبناني ومصرون على ضرورة الإصلاح والشفافية والمحاسبة على الجرائم التي تم ارتكابها”.

“اللواء”: الحريري يتقدّم إلى «حكومة المهمة».. وبري على خط «لغم باسيل»

أما صحيفة “اللواء” فقالت “يبدأ اليوم الرئيس المكلف سعد الحريري اختبار «مكامن» الكتل النيابية، التي سمته، وتلك التي لم تسمه، في تأليف «حكومة مهمة» لستة اشهر، من اختصاصيين، غير حزبيين، وفقا لمندرجات المبادرة الفرنسية، من اجل امرين: وقف الانهيار واعادة اعمار بيروت بعد انفجار 4 آب الماضي”.

واضافت “من قصر بعبدا، وبعد تسميته، في لقاء جمعه الى الرئيسين ميشال عون ونبيه بري، ذكر الرئيس الحريري بأن الكتل التزمت في قصر الصنوبر، باللقاء مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، في 2 ايلول الماضي بتطبيق المبادرة الانقاذية، وبدعم تأليف حكومة مهمة. واعلن الرئيس الحريري انه عازم على الإلتزام بوعده للبنانيين بالعمل على وقف الانهيار، وبأقصى سرعة، فالوقت داهم، والفرصة المتاحة هي الوحيدة والأخيرة”.

وقالت مصادر مطلعة ان “الرئيس الحريري بعدما نجح في فرض تسمية رئيس الحكومة المكلف من دون التنسيق والتشاور المسبق مع النائب جبران باسيل كما كان يحدث في حكومتي العهد الاولى والثانية وما ادى اليه هذا الخلاف الحاد من جفاء وانقطاع التواصل بينهما، ولدى لقاء الرؤساء الثلاثة لابلاغ الرئيس الحريري بنتائج الاستشارات النيابية الملزمة وعدد النواب الذين ايدوه، تدخل بري لتبريد الاجواء واقترح إعادة التواصل بين الحريري وباسيل لتسهيل وتسريع خطى تشكيل الحكومة الجديدة ومباشرة مهماتها لإنقاذ البلد، على ان يشكل لقاء الحريري بكتلة لبنان القوي برئاسة باسيل في المشاورات غير الملزمة التي يجريها الرئيس المكلف اليوم بالمجلس النيابي اول خطوة على الطريق، على ان يليها بعد ذلك لقاءات اخرى بين الطرفين في وقت لاحق، لاعادة العلاقات بينهما الى طبيعتها”.

واشارت إلى أنه قد عبر بري لدى مغادرته بعبدا عن فحوى الوساطة التي قام بها بالاشارة إلى ان تشكيل الحكومة يسير بأسرع ما توقع البعض، ووصف الأجواء بين عون والحريري بالايجابية في حين عبر رئيس الحكومة المكلف في وقت لاحق عن هذه الايجابية، بالقول انه اذا كانت مصلحة البلد تتطلب تفاهم الجميع ، فمن المفيد تقديم هذه المصلحة على ما عداها. وفي هذا الكلام يعكس الحريري ما قاله بري عن الايجابية التي طبعت اللقاء الثلاثي ومدلولاته.

وتابعت “اما الاهم بعد ماحصل فهو موضوع تأليف الحكومة ومدى الوقت الذي تستغرقه في ظل المواقف التي رافقت عملية تسمية رئيسها والمسار الذي ستسلكه لاحقا، بينما يلاحظ من كلام رئيس المجلس النيابي عن توجه ملحوظ لتسريع عملية التشكيل واشارة الحريري في كلمته التي ألقاها في بعبدا إلى ضرورة تسريع ولادة الحكومة، حدوث تفاهم بين الرؤساء الثلاثة يقضي بتسريع عملية التشكيل لان اطالة أمد التشكيل وتقطيع الوقت سدى، لن يكون في مصلحة لبنان التي تتطلب سرعة قصوى لكسب الوقت ومباشرةالتفاوض مع المؤسسات والصناديق المالية الدولية فورا واتخاذ الخطوات المطلوبة لحل الازمة المالية والاقتصادية التي يواجهها لبنان حاليا”.

ولفتت الصحيفة إلى ان الحكومة التي يعتزم الرئيس الحريري تأليفها وهي الرابعة منذ 2009، سبقتها مشاورات واتصالات، لبنانية ودولية، لا سيما فرنسية وبريطانية، بهدف انتزاع تأييد فعلي لبرنامج الحكومة التي ستؤلف لوقف الانهيار الاقتصادية والنقدي، والمالي، والذي اصاب كل اوجه الحياة في هذا البلد.

ولاحظت مصادر سياسية مطلعة ان الطبقة السياسية امام الاختبار الأخير، بعد الفرصة التي منحت لها، لاختبار قدرتها على وقف انهيار البلد، الذي سببت سياساتها ونزاعاتها، وضعه على سكة الازمات القاتلة، الى الدرجة التي يعيشها اللبنانيين.

واشارت المصادر الى التغريدة ذات الدلالة، وهي اول موقف دولي من التكليف، التي اعتبر فيها المنسق الخاص للامم المتحدة يان كوبيش، انه لا يمكن الاستمرار بتسييرالامور او انقاذ البلد بدون حكومة فعالة، وداعمة للاصلاح.

وأوضحت الصحيفة أنه ضمن مسار السرعة لا التسرع، حددت دوائر المجلس النيابي موعداً للاستشارات النيابية غير الملزمة للرئيس الحريري مع الكتل النيابية بدءاً من الواحدة والربع بعد ظهر اليوم وحتى الخامسة إلا ربعا، فيما إكتفى الرئيس الحريري بالتشاور فوراً هاتفيا مع رؤساء الحكومات السابقين بمن فيهم حسان دياب، «لدواع امنية بدل الجولة التقليدية عليهم وتمنوا له التوفيق»، حسب بيان عن مكتب الحريري، لتبدأ مسيرة تاليف الحكومة التي تراوحت التقديرات بين ان تكون سهلة بدعم من القوى التي سمت الحريري ومتعسرة بسبب مواقف بعض الكتل الاخرى من شكل الحكومة وتوزيع الحقائب فيها عدا عن برنامجها، لا سيما موقف كتلة التيار الوطني الحر التي دعا رئيسها النائب جبران باسيل من بعبدا بعد الاستشارات «الى تشكيل حكومة تكنو- سياسية»، خلافاً لما اعلنه الحريري. وقال: تكليف الحريري هو امر مفهوم ومقبول ميثاقيا ولو فيه خروج عن المبادرة الفرنسية، ويضعنا امام قواعد تأليف ميثاقية في حكومة تكنوسياسية في مهمة ومهلة محددتين. هذه القواعد نتحدث عنها في مرحلة التأليف مع بدء الاستشارات النيابية مع الرئيس المكلف، وننتظر ان يبلغنا بنواياه في معايير التأليف وكيف ستكون محددة وموحدة مع كل الأطراف والمكونات، وعندها نحدد موقفنا من عملية التأليف».

الاستشارات الملزمة

ولفتت الصحيفة إلى أنه على مدى ساعات اربع، وفي مشهدية، غير مسبوقة في قصر بعبدا، غيّر من رونقها الرمادي الرئيس نبيه بري، اذ اضفى اجواء ايجابية، تركت صدى طيباً في الشارع البيروتي، انتهت الاستشارات النيابية الملزمة التي بدأت عند التاسعة من صباح امس، وانتهت قرابة الواحدة والنصف بتسمية الرئيس الحريري رئيساً مكلفاً لتأليف حكومة جديدة بـ65 صوتا، خرقته مفاجآت، ابرزها ان الـ53 نائباً، الذين امتنعوا عن التسمية لسبب او لآخر، لم يسموا اي مرشح آخر.. لم تلامس الاصوات سقف السبعين، بعد استقالة 8 نواب، لكنها بالتسميات التي اقدمت عليها كتلة الارمن وكتلة فرنجية والنواب المتمردون على كتلهم مثل: (ميشال ضاهر، وجان طالوزيان)، وحتى النائب اسعد حردان رئيس الكتلة القومية في المجلس النيابي، وجهاد الصمد، فضلا عن عودة النائب نهاد المشنوق الى «سربه» من باب الوفاء، ومغادرة النائب عدنان طرابلسي «سربه التشاوري» من باب الحسابات البيروتية، في الشارع، والانتخابات المقبلة.

واشارت الصحيفة إلى أنه بقي النواب جميل السيد، وفؤاد مخزومي، واسامة سعد خارج دائرة «التسميات»، ولكل حساباته، واعتباراته.. فيما سجل غياب كل من النائب ميشال المر (بداعي المرض) والنائب طلال ارسلان، لاسباب لم يفصح عنها.

وتابعت الصحيفة إنه بمعزل عن الحسابت الرقمية، فالرئيس الحريري، قطع اولى خطوات العودة الى السراي الكبير، بدعم اسلامي واسع (24 نائباً سنياً من اصل 27 سمّوه) ونصف النواب الشيعة (كامل اعضاء كتلة التنمية والتحرير) حتى ان حزب الله، الذي اضطرته الاعتبارات السياسية، كعدم ترك حليفه التيار الوطني الحر وحيداً، فضلا عن استمرار ربط النزاع بين حزب الله وتيار «المستقبل» ورئيسه الى التأييد الدرزي شبه الكامل (باستثناء ارسلان) مع تسجيل دعم مسيحي، تخطى المتوقع، بعد انضمام نواب من الاشرفية وزحلة الى تسمية الرئيس الحريري.

واشارت إلى أن الامر الذي توقف عنده المراقبون ماقاله النائب محمد رعد باسم كتلة الوفاء للمقاومة من ان «التفاهم الوطني هو الممر الإلزامي، لحفظ لبنان وحماية سيادته ومصالحه، ونجاح العملية السياسية، وتحقق مصالح اللبنانيين يتوقفان على هذا التفاهم».