المصدر : جريدة الأخبار
في الفترة الأخيرة، فُقدت “صدور” الدجاج من محالّ بيعها. لم يكن السبب هو النقص في تلك السلعة، بقدر ما كانت المشكلة في «التسعيرة» التي وضعتها وزارتا الزراعة والاقتصاد والتجارة، ووجدها أصحاب مزارع الدواجن والمربون مجحفة بحقهم. لم «يبلع» هؤلاء لائحة الأسعار التي اختلفت كلياً عن تلك التي أعدّوها وضمّنوها الكلفة التي يدفعونها… وفارق السعر المدعوم عبر مصرف لبنان. وبما أن «حسابات الحقل لم تطابق حسابات البيدر»، عمدوا، هم أيضاً، إلى اتّباع «التقنين» في توزيع مشتقات الدجاج والبيض، إلى حين تحصيل قرار يضمن لهم البيع بأسعارٍ مناسبة. وجاء ذلك في «عزّ» أزمة اللحوم الحمراء وغلاء أسعارها وتهافت المواطنين على اللحوم البيضاء لسدّ النقص في غذائهم.
في الآونة الأخيرة، كثّفت وزارة الزراعة اللقاءات مع النقابات المعنيّة بقطاع الدواجن للوصول إلى حلّ لتفادي فقدان مشتقات الدواجن من الأسواق (البيض واللحوم البيضاء)، خصوصاً بعد أزمة البيض قبل أسبوعين عندما انقطع المربون والموزعون عن تزويد الأسواق بتلك السلعة واحتكارها إلى حين تراجع الوزارة عن السعر الذي حدّدته، آنذاك، بـ12500 ليرة.
3 لقاءات جمعت الزراعة والاقتصاد مع المزارعين، تخللها الكثير من الشكاوى عن انقطاع البيض وصدور الدجاج وبيعها في السوق السوداء. وقد هدّد وزير الزراعة، عباس مرتضى في حينها، المربين وأصحاب المزارع باستيراد اللحوم البيضاء من الخارج، لأن «المواطن ليس مكسر عصا». وبعد أخذٍ وردّ، اتفق الأطراف على إصدار لائحة معدّلة بالأسعار في السادس من الشهر الجاري، أقرب إلى «تطلعات» المزارعين والمربين وغير بعيدة عن متناول المستهلكين، مقابل أن يعمل أصحاب المزارع على زيادة إنتاجهم لتلبية حاجات السوق. هكذا، عُدّلت الكثير من الأسعار، ومنها سعر صدر الدجاج الذي ارتفع سعره من 19 ألف ليرة إلى ما بين 23 ألفاً (صدر مسحب) و29 ألفاً (صدر خاص ومقطّع على الوزن وفيليه على أنواعه).
مرتضى: القرار نهائي وعلى المربّين مراجعة حساباتهم ووقف التخزين
لكن نصّ الاتفاق لم يحل دون استمرار بعض أصحاب المزارع والموزعين الكبار في تقنين التوزيع إلى حدّ الامتناع عن التسليم واحتكار بعض المنتجات، ومنها «صدور» الدجاج التي صارت شبه مفقودة من الأسواق، وخصوصاً في المناطق.
لكلّ هذه الأسباب، ذهب مرتضى إلى آخر الخيارات، وهو فتح باب استيراد اللحوم البيضاء المبرّدة من الخارج. وكان المقصود من هذا القرار أمرين: أولهما سدّ حاجة السوق من منتجات الدواجن، «فأضعف الإيمان ألّا يحرم المواطن من الدجاج في عز أزمة اللحوم وغلاء الأسعار»، على ما يقول مرتضى، وثانيهما استعادة حركة العرض والطلب توازنها والمحافظة على الأسعار، بعدما فاق الطلب العرض. يؤكد مرتضى أن هذا ليس تهديداً، وإنما إجراء لـ«ركلجة» السوق، وعندها «ينتهي مفعول القرار»، مطالباً المزارعين بأن «يراجعوا حساباتهم… ويتراجعوا عن التخزين».
القرار «نهائي، ولا عودة عنه»، لأن «الأمن الغذائي خطّ أحمر». إلا أنه، بالنسبة إلى المزارعين والمربين، كان القشة التي قصمت ظهر البعير. فبالنسبة إليهم، ما يعنيه هذا القرار هو أن مرتضى «غدر بنا»، بحسب موسى فريجي، رئيس نقابة مربي الدواجن في لبنان، إذ أن الوزير نقض الاتفاق، في وقت وعد المزارعون بزيادة إنتاجهم خلال شهر من الآن «بحدود العشرين من تشرين الثاني… ونزولاً عند طلب الوزير قمنا باستيراد البيوض التي تحتاج إلى ثلاثة أسابيع للتفريخ، وثم إلى شهرٍ قبل إنزالها إلى السوق، لنستطيع زيادة الإنتاج بنسبة 30 إلى 40%». و«الأولى بالوزير إعادة النظر في القرار لأن هذا الأمر سيعقّد المشكلة ولن يحلّها»، يقول فريجي. فما الذي يعنيه ذلك؟ يبقى الجواب رهناً بما سيفعله المزارعون بعد دخول القرار حيّز التنفيذ.