السيد نصرالله: المقاومة ستردُّ على أي اعتداء يطال إنسانًا أو منطقةً في لبنان

أكَّد الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله أنّ مسيرة حزب الله قامت على التقوى من أول يوم لأن القادة المؤسسين حملوا دماءهم على أكفهم فبعضهم استشهد وبعضهم توفي وبعضهم عاش عمرًا مباركًا مليئًا بالإنجازات. 

كلام السيد نصرالله جاء في ذكرى أسبوع القائد الحاج حسين الشامي، إذ توجه إلى عائلته بأحر التعازي، سائلًا الله أن يلهمهم الصبر والسلوان، وأن يمن على الفقيد بالرحمة.

وتابع سماحته: “أعزّي بوفاة القاضي الشيخ عبد الإله دبوق، وأتوجه لعائلته بالعزاء، بفقد هذا العالم العامل الطيب المخلص”.

وعن فقيد الجهاد الحاج حسين الشامي، قال السيد نصرالله: “عندما نتحدث عن الأخ الحاج حسين الشامي نحن لا نتحدث فقط عن الجيل المؤسس، فبين الجيل المؤسس كان هناك قادة مؤسسون، أشادوا هذا البنيان وأسسوا مؤسساته، وكان الحاج أحدهم”.

وأضاف: “الحاج حسين كان من أوائل الذين آمنوا بالثورة الإسلامية في إيران قبل انتصارها، وكان من أوائل الملتحقين بالإمام الخميني، فهو ابن عائلة متدينة وعاملة في سبيل الله، ومنذ صباه وشبابه حمل هم الإسلام والدعوة إلى الإسلام وفلسطين والأمة، وكان له حضوره الثقافي والتنظيمي والعسكري”.

وكشف السيد نصر الله أنَّ “الحاج حسين كان عضوًا في شورى حزب الله لسنوات، وقد تولى العديد من المسؤوليات التي كان في أغلبها مؤسسًا لها، وكان أول مسؤول لمنطقة بيروت في أول تشكيل للمناطق، وقد تولى وأسس الإدارة المالية في حزب الله ووضع الضوابط والأسس والقواعد المالية التي لا زلنا نستخدمها مع التطوير طبعًا”.

ولفت إلى أنّ “الحاج حسين تولى المسؤولية الاجتماعية المركزية، وكان له عقل مؤسساتي وعلمي، وكان له الدور المؤثر والكبير في إيجاد مؤسسات حزب الله إلى جانب إخوانه”.

وأوضح السيد نصرالله أنّ الفقيد “ساهم في إنشاء مؤسسة جهاد البناء التي حظيت باهتمام السيد عباس الموسوي، وساهم في تأسيس العديد من المستشفيات والمراكز الصحية، وهو من أسس مركز الدراسات الإنمائية، وتحول لاحقًا لمركز الدراسات الإنمائية”.

وتابع: “الحاج حسين الشامي اختار منذ البداية هذا المسار الاجتماعي، وكل ما يرتبط بخدمة الناس والمقاومة والجرحى، وهذا المسار هو ما صرف كل شبابه وعمره المبارك في خدمته، وكان دائمًا موفقًّا في ما أسس وأنجز وعمل”.

وأشار سماحته إلى أنّ “الحاج حسين شارك في تأسيس هيئة دعم المقاومة، وتحمل مسؤولية رئاستها بعد الشيخ حسين كوراني. أيضًا ساهم في تأسيس مؤسسة القرض الحسن إلى جانب إخوانه وكان له دور أساسي في إدارة هذه المؤسسة، ووضع ضوابطها وقوانينها”.

وبيَّن أنَّ هاتين المؤسستين “كانتا في عُهدة هذا الرجل الأمين والمخلص والمدير والخبير والحريص والمتشدد بالموضوع المالي, وكان يعتبر أنه مسؤول أمام الله عن هذا المال”.

وقال السيد نصر الله: “كنت أعتبر أن الإخوة والأخوات في هيئة دعم المقاومة مُؤتمنون على هذا المال، لأن هذا السبيل للناس، للجهاد بأموالهم، وستستمر الهيئة بعد الحاج حسين، وستحمل خبرته”.

وأوضح أنّه “لم يكن هناك مال لحزب الله في المصارف، ولا مال لتجميعه، وهذا المال يُصرف من الأيام الأولى لاستلامها”، مضيفًا: “بعض إخواننا المتمولين أو التجار، بسبب قربهم منَّا، أُجبروا على سحب أموالهم من المصارف نتيجةً للعقوبات الأميركية، فأحضروا هذه الأموال إلى القرض الحسن، ما جعل مالهم مباركًا، حيث تُقرض هذه الأموال لقضاء حوائج الناس”.

وشدَّد الأمين العام لحزب الله على أنَّ “مؤسسة القرض الحسن التي نمت وصمدت خلال كل هذه السنوات، إنما نمت وصمدت بفضل الحاج حسين الشامي”، مشيرًا إلى أنَّ “الحاج حسين لم يجامل أحدًا، وأقام قوانين، ولم يقبل في يوم أن يدخل أموال هيئة دعم المقاومة أو القرض الحسن في الاستثمار لأنها أموال الناس”، وأضاف: “مؤسسة القرض الحسن من المؤسسات الكبيرة، والمهمة، والمتينة، والمحسودة، والمستهدفة”.

وأوضح أنّ حزب الله حريص “على أن تكون هذه المؤسسة للجميع، فهي لا تميز بين خط سياسي وآخر، لا بين طائفة وأخرى، ولا منطقة وأخرى”.

وقال السيد نصر الله: “عندما تريد مؤسسة القرض الحسن أن تفتح مركزًا في مكان ما يخرج بعض الفرقاء ويعترضون. نحن نقول لهؤلاء نحن سنتواجد حيث يريد الناس، ونحن قررنا افتتاح المراكز خدمةً للناس، ولكن لا نريد أن نفرض أنفسنا على أحد، بل نريد أن نكون بين من يرغب ويرحب بنا، وهذا متروك للناس”.

سماحته شجّع “كل الجهات على إنشاء مؤسسات مشابهة للقرض الحسن”، وأكَّد أنَّ حزب الله جاهز لنقل الخبرة لهم، فهي مناسبة جدًا للمرحلة الصعبة التي يواجهها الناس، فمؤسسة القرض الحسن لا تأخذ فوائد وربا، ولا تأخذ أرباحًا من الناس، بل تقدم الخدمات للناس.

وفي سياق متصل، رأى السيد نصر الله أنَّ الدولة في ظل هذا الوضع الاقتصادي والمعيشي الصعب وحركة الدولار، لا تستطيع التنصل من مسؤولياتها، “والقول، إنها لا تستطيع أن تفعل شيئًا. هناك تدابير يجب أن تتخذ، وتستطيع أن تخفف”.

ولفت إلى أنّ “مصير البلد متروك، وكلما تطرق  أحد لذلك، خرجوا عليه بمعزوفة قانون النقد والتسليف، ملقين بالمسؤولية على الحاكم، علمًا أن قضيةً بهذا الحجم ليست مسؤولية شخص واحد، إنما هي “مسؤولية كل القوى السياسية في البلد”، معتبرًا أنَّه ما من خلاف حول “أن أحد أسباب تقوية الاقتصاد هو جلب الاستثمارات، وها هو الصيني جاهز ومستعد للبدء بمشاريع، دون أن يدفع اللبناني أي فلسٍ، ودون خوف من الأميركي”، وبلا أي صعوبات اقتصادية، “وهذا بالتأكيد سيحسّن الوضع الاقتصادي”.

وبيَّن أنَّ “إنقاذ الوضع والليرة بحاجة لخطة شاملة حقيقية متعددة الأبعاد، ولكن أنا بانتظار هذه الخطة التي لا علم متى ستخرج، ولا مبرر على الإطلاق لعدم الدعوة إلى طاولة حوار، لانقاذ الوضع الاقتصادي”.

وقال السيد نصر الله: “لطالما دعونا في البلد إلى وضع الخلاف السياسي جانبًا وإقامة طاولة حوار اقتصادية، بغية معالجة قضية سلاح المقاومة. كلهم جاهزون لطاولة السلاح هذه. أما طاولة حوار لانقاذ الوضع المعيشي والاقتصادي، فهذا كلام لا أحد يقف عنده أصلًا”.

وأشار إلى أنّ منطقة الخليج اليوم “كلها تتجه شرقًا، وها هي السعودية قد دعت الرئيس الصيني للرياض، وأقامت ثلاثة قمم لأجله، وتتحدث الأرقام عن استثمارات بمئات ملايين الدولارات”.

وتساءل سماحته عن سبب الخوف والتباطؤ تلحاصل في لبنان بخصوص التوجه شرقًا. “هذا الموضوع ليس فقط عند رئيس الحكومة، بل عنده وعند القوى السياسية”.

وأوضح أنّ “هناك دولة ضخمة كبيرة، جاهزة للاستثمار في لبنان. لماذا الأبواب مؤصدة؟ هذا لا يحتاج لسنوات من الجدل البيزنطي، بل إلى قرار وشجاعة سياسية”.

وبيّن السيد نصر الله أنّ “ما نراه من انهيارات بنكية الآن، إنما هو بعض رأس جبل الجليد. ونجدد الدعوة للتعاون والتكافل والتراحم والتساند بين الناس”.

وبموضوع رئاسة الجمهورية، قال الأمين العام لحزب الله: “المساعي مستمرة، ونأمل أن ينعكس الهدوء الإقليمي والاتفاق الإيراني السعودي إيجابًا على الجهود الرامية لإنجاز هذا الاستحقاق، ولكن هذا الأمر يعتمد بالمقام الأول على الداخل، أما الخارج فهو فقط يخلق مناخًا لذلك”.

وفي “عملية مجِدُّو” شمال فلسطين المحتلة، أشار السيد نصر الله إلى أنَّها “أربكت العدو بمختلف مستوياته. وقد علق كثر على صمت حزب الله. وصمتنا هو من ضمن المعركة الإعلامية النفسية مع العدو، فليست مسؤوليتنا الإجابة على ما يربك العدو، وأحيانًا يكون جوابنا بالتمنُّع عن التعليق على الحادثة”.

وتابع: “تهديدات العدو بأنه إذا ثبت مسؤولية الحزب عن “عملية مجيدو” سيفعلون كذا وكذا وأنا أقول له “روح بلّط البحر””، وأضاف: الإسرائيليون قدَّروا الأمر على نحو صحيح، حينما اعتبروا ‘أن حزب الله إذا كان مسؤولًا عن العملية، فهو ليس خائفًا من الذهاب إلى المعركة”.

ولفت إلى أنَّ الإسرائيلي اليوم “مأزوم ولم يمر في تاريخ هذا الكيان الغاصب المؤقت وهن، وضعف، ومأزق، وأزمة، وارتباك، وصراع داخلي، ويأس، وعدم ثقة، كما يحدث الآن”.

وتساءل: “هل هناك وزير في حكومة تريد بناء علاقات مع الدول العربية يقول، ليس هناك شعب فلسطيني، أو يريد مسح حوارة؟”.

وأكَّد السيد نصر الله أن قيادة العدو حينما يتولاها “حمقى بهذا المستوى ندرك أن النهاية اقتربت. و ما يهددنا العدو به يمكن أن يكون سبب زواله”.

وشدَّد سماحته على أنَّ “المقاومة في لبنان عند عهدها وقراراها، بأن أي اعتداء على أي إنسان متواجد على الأراضي اللبنانية، سواء كان لبنانيًّا أو فلسطينيًّا أو من جنسية أخرى، أو الاعتداء على منطقة لبنانية، سنرد عليه ردًّا قاطعًا وسريعًا، وهذا يجب أن يكون مفهومًا”.

وعن العدوان على اليمن، قال السيد نصر الله: “من اليوم الأول للعداون على اليمن وقفنا إلى جانب الشعب اليمني، وهذا موقف نفتخر به، وقد دعونا لوقفه. واليوم بسبب العوامل الاقليمية قد يتم التوصل إلى حل، وهذا ما ندعو إليه”، وأمل السيد نصر الله أن تنحو الأمور في اليمن منحى “إنهاء العدوان والحصار، وعودة اليمن إلى الشعب اليمني”.

وأضاف: في مثل هذه الأيام تصادف الذكرى الـ20 للغزو الأمريكي للعراق. “كان مطلوبًا من هذا الغزو أن يكون مقدمة لغزو 6 دول أخرى منها سورية، ولبنان، وإيران، والصومال، وليبيا”.

ولفت إلى أن “تحرر العراق ببركة المقاومة العراقية الباسلة التي كانت تقاتل الغزاة والمحتلين الذين جاؤوا ليبقوا في العراق، لكنهم خرجوا بعد 8 سنوات، وذلك بفضل استنزاف المقاومة اليومي لقوات الاحتلال الأميركي، وليس بجهود التكفيريين الذين زرعوا الموت في المساجد والجامعات”.

وأكَّد سماحته أنّ “المقاومة العراقية وصمود إيران هما ما أدَّيا إلى فشل المشروع الأمريكي في المنطقة. وهناك تحديات ما زالت قائمة أمام الشعب العراقي في مواجهة النفوذ الأميركي”.  

هذا، وبارك السيد نصر الله للجميع قدوم شهر رمضان المبارك، شهر الفرصة الإلهية والرجوع إلى الله، داعيًا للاستفادة القصوى منه على المستوى الروحي والإيماني والاجتماعي.

كما بارك “لكل الأمهات، وكل السيدات الجليلات العزيزات، لمن الجنة تحت أقدامهن، وخصوصًا أمهات الشهداء”، وسأل “الله لهن جميعّا طول العمر والصحة والسلامة”.

وفي الختام، عاهد السيد نصر الله الحاج حسين الشامي على مواصلة الطريق الذي بدآه سويًّا “حتى تتحقق كل الأهداف التي قُدّمت التضحيات من أجلها” وأكد “أننا لن نبدّل مهما كانت التحديات والمخاطر، وإنجازاتك ستبقى وتكبر وتستمر”.