دمشق ـ محمد عيد
في سوريا طفل يمتلك قدرات خارقة، بات معها حديث السوريين جميعهم. يقرأ القرآن الكريم بتجويد صحيح حتى قبل أن يدخل روضة أو مدرسة وقبل أن يعلمه أحد فك الحروف، ويتحدث تقريباً بكل اللغات المشهورة منها والمغمورة بل وحتى البائدة التي عفا عليها الزمن، يجمع الأرقام بطريقة لا يمكن توثيقها إلا عبر آلة حاسبة لم تنجح يوماً في أن تغالطه، ومع كل إشراقة صباح يذهل أهله بعلم جديد لا يعرفون كيف اكتسبه ومن علمه إياه.
إنه الطفل صاحب القدرات الخارقة ساري عزام الذي بات حديث كثير من الباحثين عن الظواهر الخارقة وأمل المستقبل الذي يخشى أهله ومحبوه أن لا تؤخذ عبقريته على محمل الجد.
كبر العقل وضاقت الأداة
عندما زرنا عائلة ساري في البيت راح العبقري الصغير يداعب قطة وبضع دجاجات، كانت هذه الكائنات اللطيفة كل ادوات اللعب التي يأنس بها والتي بدت قاصرة عن تلبية مقاصد ما يجول في خاطره. ولعل هذا كان السبب الذي جعله واهنا متعباً يطلب قسطاً من النوم كلما فك رموز معضلة رياضية بيسر عجيب أو كلما نزل عند رغبتنا في قراءة أو ترجمة لغة من اللغات العالمية التي لا تسلط عليها الاضواء في العادة.
ذاكرة بصرية عجيبة
تقول والدة ساري السيدة عبير عيسى لموقع “العهد” الإخباري إن تميّز ساري قد بدأ منذ عمر السنتين والنصف مع قيامه بتلاوة القرآن الكريم بطلاقة تامة وبتجويد محكم من دون أن يعلّمه أحد ذلك “حتى أنه لم يكن يتواصل معنا في ذلك العمر وهو سمع على التلفاز صوت شيخ يقرأ القرآن الكريم فعرفنا أن ساري لديه شيء مميز”.
وأشارت السيدة أم ساري في حديثها لموقعنا الى أنه وبعد القرآن الكريم بدأ ساري بإظهار مواهبه في الرياضيات ولغات العالم حيث كان بإمكانه قراءة وجمع أكبر الأرقام في الوقت الذي كنا نتحقق من ذلك بواسطة الآلة الحاسبة دون أن نجد عنده أي خطأ أو حتى تلكؤ في الإجابة. مثلا رقم واحد وأمامه مئة صفر كان يحسن قراءته باللغة الإنجليزية كما أنه قادر على جمع ارقام كبيرة جدا وآخر رقم وصل إليه هو ١٣٧ مليار يجمع في ثانية واحدة ويعطيك الجواب الصحيح (لا شك الآن أنه تجاوز هذا الرقم بأشواط).
يقرأ كل اللغات الحية والبائدة
وتضيف أم ساري في حديثها لموقعنا أنه وخلال شهرين تعلّم ساري الكثير من اللغات والحروف والكلمات والجمل مشيرة إلى أن العائلة لا تستطيع أن تعرف كل ما يوجد في دماغه “فهو لا يظهر لنا إلا القليل مما يوجد فيها” مثل اللغات الكورية واليابانية والروسية واللغات الغريبة مثل لغات (العاملين، السنهالي، مالايالام) وهذه لغات صعبة للغاية ولا نعلم كيف تعلمها أو كيف تعرف عليها وحالياً توجه إلى ألعاب الذكاء مثل الروبوت والموسيقى التي يحبها كثيراً”.
وتؤكد أم ساري أن أبنها لم يدخل أي مدرسة أو أية روضة وهو في البيت وعن طريق اليوتيوب وبحكم أن لديه ذاكرة بصرية كبيرة يقوم بالبحث ويتعلم كل هذه العلوم وحده.
الصدفة المدهشة
واكتشاف عبقرية ساري التي سمحت بتشخيص حالته جاءت بمحض الصدفة إذ تروي أمه لموقع “العهد” الإخباري أنها اصطحبته عندما كان عمره سنتين ونصفا رفقة أخته المصابة بطيف توحد شديد إلى طبيبة متخصصة بالتوحد كانت تشرف على العناية بالصغيرة حينها فوجئت الطبيبة بأن ساري أخذ القرآن الكريم من الطاولة القريبة، وبدأ يتلو الآيات الكريمة بلغة سليمة وتجويد صحيح، الأمر الذي جعل الطبيبة تهرع إليه لتختبره في عدد من الاختبارات الصعبة التي نجح فيها جميعها لتخلص الطبيبة حينها إلى أن ساري يملك “متلازمة الموهوب”.
وبجدولة زمنية لمراحل تطور عبقريته تؤكد أم ساري أن ابنها في عمر ثلاث سنوات كان يحفظ القرآن الكريم عن ظهر قلب بتجويد صحيح مع أرقام السور والآيات وبعدها مباشرة بدأ يقرأ اللغات الانكليزية والفرنسية والفارسية ويكتبها أيضاً قبل أن يبحر في معرفة قراءة وكتابة وترجمة كل لغات العالم المعلومة والمجهولة.
فلقد فوجئت به العائلة وهو يرسم يوماً حروفا غريبة على اللوح وحين سألوه عنها أجاب بأنها “اللغة الانكتيوتية” وكان لافتاً أن ساري قرأ حروف هذه اللغة بطلاقة دون أن يعرف أهله من أي مصدر استقى معلوماته الصحيحة عنها لا بل إنهم سألوا المختصين إن كان لديهم أية معلومات عن هذه اللغة.
ينطبق الأمر على لغات أخرى مثل السريانية التي تعلمها وحده وأخبر أهله على نحو مذهل بأنها “لغة يتكلمها الانبياء”.
اللافت أيضاً أن ساري شاهد في اليوتيوب معادلة رياضية من اختصاص طلاب الجامعة وميزة هذه المعادلة أن لها طرقا كثيرة للحل فبدأ بحلها كل يوم وبطريقة مختلفة عن اليوم الذي سبقه، كما بات بإمكانه جمع أرقام خيالية تفوق البليارات بأقل من الثانية الواحدة.
ولفتت السيدة أم ساري في حديثها لموقعنا إلى أن ساري نجح في اختبارات الدخول إلى المعهد العالي للفنون من غير أن يعلمه أحد شيئا حول الموضوع كما أنه وفق الخبير الذي امتحنه في مسابقة هذا المعهد اكتشف ساري بمفرده “نظرية الأوتار الفائقة في الفيزياء” وهي علاقة ربط بين الموسيقى والفيزياء. ومنذ مدة وعلى خلفية تعلقه بالأرقام، اتجه الطفل ساري إلى مجال البرمجة ودخل بأنظمة العد البرمجية، وعندما تم عرضه لاختبار من قبل دكتور جامعي مختص بالمعلوماتية، جزم هذا الدكتور أن “المعلومات التي يملكها ساري تدرس لطلاب جامعة الهندسة المعلوماتية في السنة الخامسة”.
انشتاين سوريا الذي يبحث عن نظريته النسبية
وفي حديث خاص بموقع “العهد ” الإخباري أكدت مستشارة الصحة النفسية مجد ألوسي والتي تتابع حالة ساري عن كثب بحكم علاقتها بالعائلة وتعلقه الشخصي بها أن ساري لديه حالة نادرة في العالم “وهي متلازمة الطفل الموهوب مع اضطراب طيف توحد ولكنه خفيف وهو بنسبة عالي الأداء وهي حالة نادرة جدا وقليلة في العالم وتنطبق على أسماء لامعة مثل موتزارت واينشتاين وهم علماء وموسيقيون كبار”.
وتضيف مستشارة الصحة النفسية في حديثها لموقعنا أن ساري من الحالات النادرة جدا.
“وأنا متأكدة أنه إذا لقي الرعاية فسيكون له شأن كبير مستقبلاً كأن يصبح بروفيسورا أو عالماً قل نظيره في العالم كله. وهو عبارة عن ثروة كبيرة جدا في العالم ونحن يجب أن نسلط الضوء عليه لأنه حرام أن تذهب هذه الموهبة من بلدنا سورية ويجب على كل مؤسسات الدولة السورية أن تستنفر لأجل رعايته والاهتمام به لأن المنجز المأمول منه سيكون خارقا وهو خارق منذ الآن”.
ولفتت ألوسي إلى أنه وفيما يخص مكعبات الذكاء يحتاج الطفل العادي لمدة شهر ونصف حتى يتقن تطبيقاتها ولكن ساري يمكن له أن يرى هذا التطبيق ولمدة ثوان على اليوتيوب قبل أن يشرع في العمل به وبمنتهى الدقة، وصار يريد مجموعة الروبك كاملة: “نحن نساعد على تنمية مهارات الطفل الفكرية ولكن بالنسبة لساري فالمهارة الفكرية لديه قد نمت وحدها عبر التعلم الذاتي وهذه موهبة من الله لا يملكها إلا قلة معدودة في العالم”.
عبر موقع “العهد” الاخباري ناشدت عائلة الطفل ساري الذي يبلغ اليوم من العمر ست سنوات التدخل لرعايته والإفادة من إمكانياته العبقرية كثروة للوطن لا يشابهها إلا قلة معدودة في العالم كله وقد يمر قرن أو أكثر قبل أن تنجب البشرية طفلًا بمواصفاته.
ولأن كل عبقري هو “مشروع مجنون” إن لم يجد من يتعهده بالرعاية بات لزاماً على المسؤولين السوريين التحرك لاحتضان المستقبل الذي يخبئه هذا الطفل العبقري بين عينيه.