إيمان مصطفى
لم يكن يكفي المريض اللبناني ما يعانيه على كافة الصعد، ليغرق في مشكلة جديدة هي أقرب الى الكارثة الصحية. المستشفيات تتعرّض حاليًا لمعضلة خطيرة تهدّد صحة المرضى بشكل مباشر. المستوردون يفرضون على المستشفيات تسديد ثمن الأدوية نقدًا رافضين الشيكات المصرفية في الوقت الذي لا توفّر فيه المصارف الأموال النقدية اللازمة للمستشفيات لا سيما أن مصرف لبنان المركزي لا يمدها بالسيولة النقدية المطلوبة.
نقيب المستشفيات الخاصة سليمان هارون يحذّر عبر موقع “العهد الإخباري” من أن المستشفيات الخاصة باتت عاجزة عن تأمين الأدوية للمرضى لأن أموالها محجوزة في المصارف، موضحًا أن مستوردي الأدوية يطلبون تسديد ثمنها نقدًا عند التسليم، ويرفضون الشيكات المصرفية بحجة القيود المفروضة عليهم من مصرف لبنان.
ويأسف هارون من أن المستشفيات ستضطر للطلب من المريض أن يشتري دواءه على نفقته مهما كانت الجهة الضامنة التي تغطي تكاليف استشفائه، ويقول “إننا راجعنا مصرف لبنان وأعلمناه أنه لم يعد باستطاعتنا تأمين الدواء، وطلبنا منه تأمين 200 مليار ليرة شهريًا كحد أدنى، لتأمين أجور الموظفين والأدوية اللازمة للمرضى، للحؤول دون وقوع أزمة كبيرة”، مؤكدًا أن “الطلب لم يلق التجاوب المطلوب”.
هارون يشدد على أن القطاع الصحي أمام مشكلة مستعصية، لافتًا إلى أنه في غضون أيام سينفد مخزون الأدوية من المستشفيات وستصطدم الأخيرة بحائط مسدود.
وبحسب هارون، فإنّ هناك حلين لا ثالث لهما، الأول: هو أن تسحب المستشفيات الخاصة أموالها نقدًا من حساباتها المصرفية بتسهيل من مصرف لبنان بلا منّة لأنها ليست حسنة منه، أو أن يقبل مستوردو الدواء بالشيكات المصرفية عند التسليم كخيار آخر لعلاج المعضلة.
ولكن أين وزارة الصحة من هذا الوضع؟
بالعودة قليلًا إلى الوراء، يتبين أنه عندما تسلم وزير الصحة حمد حسن وزارة الصحة عمل على إصدار قرار مبني على قانون المنافسة الصادر عن مجلس النواب سُمح بموجبه بالاستيراد الطارئ الذي خلق ساحة للمنافسة حيث تم بموجبه تخفيض السعر من 25 الى 35 بالمئة مع ضمان الجودة. لكن للأسف يدّعي البعض اليوم في الوزارة الحالية أن القرار المذكور كان لأجل الدواء الإيراني فقط.
وأنجزت الوزارة السابقة قرارًا للتسجيل السريع للدواء سُمح بموجبه للمستوردين باستيراد الدواء بالمواصفات المطلوبة مع إعطاء المجال 6 أشهر لتسجيل الدواء، وذلك لتسهيل شحن الدواء واستيراده الى لبنان في الظروف المثالية لا على قاعدة “تجار الشنطة”، أما الوزارة اليوم فلم تسهّل عملية الاستيراد الطارئ.
كما سبق أن عملت الوزارة السابقة على دعم مصانع الأدوية المحلية بنسبة 30 بالمئة لتأمين المواد الأولية، بمعنى تأمين الكلفة الأساسية للدواء بطريقة مدعومة. أما اليوم، فآخر قرار اتُّخذ في الوزارة بالتوافق مع المصرف المركزي كان برفع الدعم جزئيًا عن بعض الأدوية والأصناف المصنعة محليًا (المصانع كان لها مصلحة بسحب الدعم لزيادة الأرباح) وهذا الأمر خلق مشكلة في السوق الدوائي.
من خلال ما تقدّم يتبين التقاعس الواضح في وزارة الصحة عن ملف الدواء بشكل عام، حيث لا يوجد سياسة أو استراتيجية واضحة من هذه الوزارة لمعالجة الأزمة الدوائية التي تعصف بالمواطنين، والضحية دائمًا المواطن اللبناني.