14/12/2022
أقام “تجمع العلماء المسلمين” احتفالاً لمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني يوم أمس الثلاثاء في مبنى التجمع في حارة حريك، بحضور نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم ورئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد وممثلين عن الفصائل الفلسطينية والأحزاب اللبنانية وحشد كبير من علماء السنة والشيعة.
وفي كلمة له، أكّد الشيخ قاسم أننا “نلتقي في اليوم العالمي للتضامن مع فلسطين المحتلة وكل الأيام هي أيام فلسطين، وإنما ننتهز الفرصة في هذا اليوم المخصص لنتحدث عن 75 عامًا منذ سنة 1947 عند إعلان التقسيم عن فترة زمنية طويلة كان فيها الجهاد والمعاناة والتضحيات والشهداء والجرحى والأسرى، وقتل فيها الأطفال وهدمت المنازل، كل ذلك من أجل فلسطين، من أجل استعادتها واستعادة القدس”، مضيفًا أن “هذا اليوم هو تأكيد على حق الشعب الفلسطيني في أن يستعيد أرضه كاملة من البحر إلى النهر، ولنتذكر أننا حتى هذه اللحظة يرتقي لنا شهداء من الأطفال والشباب والرجال والنساء والشيوخ”.
وشدد سماحته على أننا ملتزمون بإيمان وتكليف نسير من خلالهما في درب الجهاد، والله تعالى ناصر عباده عندما يقومون بالعمل الحق وبالجهاد في مواجهة أعداء الله تعالى وخاصة العدو الإسرائيلي”، لافتًا إلى ضرورة “أن نُسمع العالم ونريهم الجرائم الصهيونية وخطر الكيان الإسرائيلي ليس على فلسطين فقط بل على الإنسانية جمعاء”، وقال: “يجب أن نكشف للعالم انحياز أميركا والغرب والدول الكبرى للظالم والمحتل والعدو، هذا الغرب الذي يمارس الظلم العالمي ويسلب كل الشعوب حقوقهم وحريتهم، وعلى رأس هؤلاء شعب فلسطين”.
وأشار إلى أهمية أن “تكون فلسطين والقدس حاضرتين، في الإعلام والمنتديات والتحليلات والنقاشات وتربية الأجيال والموقف، وفي حياتنا وفي كل ركن من أركانها، وفي كل زاوية من زواياها، يجب أن لا تغيب فلسطين عن مواقفنا وعن تحليلاتنا وعن الإشارة إلى هذا العدو وإلى من وراءه، لنساعد من خلال هذه المواقع والمنتديات أن نؤثر في إعطاء دعم لفلسطين والقدس للحل العادل المنصف الذي نراه حلًا بتحرير كل فلسطين من البحر إلى النهر، وليس لإقامة الدولة الفلسطينية على الأراضي المحتلة سنة 1967 والتي تساوي حوالى عشرين بالمئة من مساحة فلسطين. ما هذا الظلم؟ منذ سنة 1947 عندما حصل التقسيم ابتداءً أعطوا الصهاينة 21 كيلو متر مربع وتركوا 6000 كيلو متر مربع تحت عنوان أنها يمكن أن تكون الأرض الفلسطينية، ثمانين بالمئة من فلسطين سلبت مسبقًا، قبل أن يتركز الاحتلال برعاية بريطانيا بشكل مباشر، وبرعاية المستكبرين في هذا العالم”.
الشيخ قاسم أكّد “أننا لن نرضى أن تكون فلسطين هي أراضي 67، بل هي كل فلسطين، بقيادة وزعامة القدس، وهي الأرض التي تربى فيها كل الفلسطينيين من دون استثناء، وهي لأهلها وليست للذين أتوا من مختلف أقطار العالم حتى ولو اجتمع العالم معهم”، وقال: “في النهاية أبناء فلسطين هم أحق بهذه الأرض من غيرهم وسيستردونها إن شاء الله تعالى”.
واعتبر أنّ “رفع علم فلسطين من قبل الفريق المغربي الفائز في المونديال كان لحظة انتصار، وهذا تعبير عن الأمل الصادق بتحرير فلسطين، فما دمنا نرى أن شبابًا في عالمنا العربي والإسلامي يناصرون هذه القضية، وما دمنا نرى مشهد العرب والرعايا للدول الإسلامية الذين رفضوا أن يجروا المقابلات التلفزيونية والصحافية مع الإعلاميين الصهاينة، فإن ذلك مؤشر على عمق القضية الفلسطينية في الوجدان العربي والوجدان الإسلامي”.
وفي هذا السياق، رأى الشيخ قاسم أن “التطبيع في منطقتنا كان مولودًا ميتًا لن يترك أثره على الشعوب، لأنه جرى بين المحتل وأنظمة الاستبداد في منطقتنا، ولا علاقة للشعوب ولا علاقة لفلسطين بهذا التطبيع”، وقال: “لقد أعلن الفلسطينيون بجهادهم وأعلن العرب والعالم الإسلامي والأحرار بنصرتهم لفلسطين، أن فلسطين لا يملكها أحد، هي لا تباع ولا تُشرى، لا من الأنظمة ولا من أصحاب رؤوس الأموال، ولا من الذين يتصدرون في منطقتنا أو في العالم، فلسطين لأهلها ستعود إن شاء الله، ببنادقهم، بدمائهم، بعطائهم، بتضحياتهم”.
كما شدد على أن “هذا الشعب الفلسطيني العظيم الذي أثبت أن فلسطين حية رغم مرور ثلاثة أرباع قرن من الاحتلال، قادر على أن يسترد الأرض إن شاء الله، ونحن معه إلى آخر المطاف”.
ولفت الشيخ قاسم إلى أن “مقاومة هذا المحتل مسؤولية وواجب وتكليف بأن لا نقبل بالظلم وأن نؤكد دائمًا في مسرح الواجب في العمل من أجل تحرير فلسطين”، مؤكدًا أن “المقاومة ليست بحاجة إلى تبرير وجودها، بل الذين لا يؤيدونها هم الذين يحتاجون إلى تبرير تقاعسهم عن المقاومة لتحرير الأرض”.
وذكر أن “هذه المقاومة التي نعمل معها ونؤكد عليها ونؤيدها لا تمثل فقط أحد الخيارات للتحرير، بل هي الخيار الحصري والوحيد للشعب الفلسطيني”، موضحًا أن المواجهة “تطورت من سيف القدس إلى وحدة الساحات إلى عرين الأسود وكتائب نابلس وجنين وقرى وبلدات أخرى في فلسطين إيذانًا بمنعطف تاريخي مهم باتجاه تسريع خطوات التحرير، فمن يقارن بين ما نحن عليه اليوم وما كانت عليه فلسطين في العقود السابقة يرى أننا أمام خطوات مؤثرة وانتصارات حقيقية ستقلب المعادلة إن شاء الله باتجاه تسريع التحرير”.
الشيخ قاسم أشار إلى أن “فلسطين ليست وحدها، ومعها محور المقاومة وشعوب العالمين العربي والإسلامي وأحرار المقاومة وأيقونة الدعم المقاوم المتمثلة الجمهورية الإسلامية الإيرانية، والتي قلبت المعادلة وغيرت الاتجاه، بعد أن كانت المنطقة باتجاه اتفاقات كامب ديفيد وباتجاه التنازلات المختلفة وكانت دول المنطقة تضغط على الفلسطينيين من أجل منعهم من مقاومة المحتل”، وأضاف: “في هذا المنعطف انتصر الإمام الخميني بإقامة الجمهورية الإسلامية المباركة في إيران في شباط سنة 1979، وأول عمل لمصلحة فلسطين كان إقامة سفارة فلسطين بدل سفارة الكيان الإسرائيلي، ومنذ ذاك الوقت تتالى الدعم وتأصل وازداد”.
وأردف الشيخ قاسم قائلًا “إن إيران أعلنت الدعم المفتوح للمقاومة عسكريًا وتدريبًا وتجهيزًا، وأعلنت جيش العشرين مليون من خلال قوة قدس التابعة لحرس الثورة الإسلامية المباركة في إيران، كل ذلك من أجل فلسطين، لقد دعمت إيران وهي لا تريد شيئًا، إنها قناعتها قناعة الإيمان والحق ونصرة المستضعفين والمقدسات، أما حزب الله فقد قاوم المحتل الإسرائيلي كواجب ديني وأخلاقي ووطني وقومي، ولم تكن عطاءات الشهداء والتضحيات خسارة له، بل هي ربح خالص، هي ربح للعزة والكرامة وتحرير الأرض والقوة والمعنويات ومساندة فلسطين”.
وقال “من يعتبر أنّ المقاومة هي جزء من توظيف سياسي لدولة أو جهة فهو مخطئ، نحن نواجه عدوًا احتل فلسطين وأجزاء من لبنان وسوريا ومصر والأردن، وعينه على المساحة ما بين الفرات والنيل من أرض وخيرات ومستقبل”، لافتًا إلى أن “هذا العدو وصل إلى بيروت ولم يخرج إلا بالمقاومة، وزُرع في منطقتنا لمصادرة مستقبل أجيالنا وخياراتنا وثقافتنا في المنطقة، وزُرع لحرماننا من الاستقلال والكرامة والتنمية، العدو الإسرائيلي ليس عدوًا للفلسطينيين فقط، بل هو عدو للعرب وللمسلمين وللأحرار وللإنسانية وعاث فسادًا على مستوى المنطقة والعالم”.
وأكّد سماحته أنّ “هذه المقاومة في لبنان قويت بالتضحيات والشهداء وانتصاراتها كانت خيرًا صافيًا للبنان وأجياله وكل المنطقة، هذا هو سجل مقاومة حزب الله الجنوب اللبناني “إسرائيل” المعتدية، وحرر الشرق من أدوات التكفير الإسرائيلية التي كانت تريد أن تعبث من الجهة الأخرى، واستطاع أن يحمي لبنان بتوازن الردع من الاعتداءات اليومية والاغتيالات والتوسع بالاحتلال”، مشددًا على أن “هذه المقاومة ستبقى قوية وستزداد قوة وتسليحًا وستكون دائمة الجهوزية، وهي لا تخشى التهديدات فضلاً عن المواقف السياسية الفارغة، فليعلم من يريد أن يعلم أن هذه المقاومة هي قدر حقيقي للبنان، ولبنان لا قدرة له على الحياة من دون (ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة)”.
وفي الشأن المحلي، أكد الشيخ قاسم أننا “نريد إنجاز الاستحقاق الرئاسي ونسعى لذلك ولا ربط لهذا الاستحقاق بمستقبل المقاومة التي أصبحت من ثوابت لبنان ودعائم قوته وتحريره”، معتبرًا أنّ “الرئيس مؤتمن على هذه المسؤولية، هو الذي يرعى أفضل استفادة من مقومات القوة في لبنان، في الاقتصاد والتنمية، ومن قدرات جيشه وشعبه ومقاومته، هذا لمصلحة لبنان”.
وقال: “نحن لا نريد حماية من أحد، إنما لن نقبل أن نفرط بقوة لبنان كرمى لعيون أحد”، مضيفًا أن ” هذا الشعب ذاق معنى الانتصار والتحرير والأمن بكرامة، ومعنى العزة والحماية، وهو لن يعود مرة أخرى ليكون تحت عباءة الأمم المتحدة أو أميركا أو الغرب، لأن هؤلاء جميعًا انحازوا وكانوا السبب المباشر للاحتلال، أما المقاومة فهي خطوة حقيقية وجبارة لإزالة الاحتلال وإلغاء الاحتلال، كيف لمن كان لديه مقاومة منصورة أن يشير إليها بالبنان والاستفهام؟ هذه نعمة كبرى من الله تعالى لن نفرط بها إن شاء الله، وسنكون دائمًا مع المقاومة الفلسطينية، مع الشعب الفلسطيني مع تحرير كل فلسطين من البحر إلى النهر”.