الخليج والعالم
14/12/2022
فضائح إجرام آل سعود على لسان معتقلين في السجون
ضمن فعاليات المؤتمر السنوي الثالث، عقدت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان يومها الثاني والأخير، حيث افتتحت الدكتورة مضاوي الرشيد المداخلات بالإشارة إلى أنّ اهتمام النظام السعودي بتغيير سمعته في الغرب يأتي ضمن إطار حماية العرش، حيث حصل في الغرب لغط حول ماهية العلاقة بين “السعودية” والولايات المتحدة بعد اغتيال الصحفي جمال خاشقجي.
ورأت الرشيد أنّ محمد بن سلمان حاول تغيير الخطاب الثقافي وهذا يتمّ عبر قراءة ما يصدر عن الجامعات الغربية بخصوص “السعودية”، وأوضحت أنّ الباحثين في المراكز البحثية الغربية يقومون بزيارات إلى “السعودية” لإجراء مقابلات مع أشخاص محددين من السلطة ويعودون ليكتبوا تقارير عن النقلة النوعية من الصورة السلبية السابقة المرتبطة بالتطرف والإرهاب.
وبما أنّ المقالات والكتب تنشر أحيانًا بتمويل ودعم حكومي فإن التأثير على الخطاب الأكاديمي يصبح مباشرًا.
الرشيد أوضحت أنه في الجامعة التي تدرس فيها توجد قاعة باسم بن زايد، جرت فيها محادثات عن الديمقراطية وهذه كانت نكتة. هنا جاء التمويل ليصنع التبييض والمعضلة، وعلى الرغم من أنّ الجامعات كانت تطمئن جمهورها أنها رغم التمويل السعودي ستحافظ على عدم الانحياز لهذه الدولة، لكنّ المشكلة أن تدفق المال يرتبط بالمواقف. واعتبرت الرشيد أنّ “السعودية” استخدمت أساليب أخرى، حيث حاولت استخدام الأكاديميين عبر وسائل التواصل، تمامًا مثل ما حصل في القطاع السياحي حيث يتم استقدام مؤثرين.
وأكدت الدكتورة الرشيد أنّ النظام السعودي يريد استخدام القوة الناعمة ليتغلغل في المجتمع المدني الغربي لأنّ الرأي العام الغربي انقلب على “السعودية” في السنوات الأخيرة، معتبرة أنّ النظام الآن يريد إيهام الرأي العام العالمي أنّ هناك مستقبلًا أفضل في ظلّ النظام الحالي.
وشدّدت الرشيد أنّه لا يجب أن نفقد الأمل حيال تأثير العمل الحقوقي في توازن الرأي العام العالمي، كي لا يخضع للصحافة والجامعات والانفلونسر الأكاديمي الذي يريد أنسنة النظام السعودي دون الكلام عن الاعتقال والإعدام.
من جهته، نضال المرزوقي أخ الممرضة التونسية المحكومة 15 سنة سجنًا في “السعودية” مهدية المرزوقي تحدث في مداخلته عن مسار قضية أخته التي قُبض عليها في “السعودية” بسبب تغريدة لم تعجب النظام في السعودية، وشدّد المرزوقي على أنّ الحكم على أخته غير منطقي وظالم، كما أكد أنّه لولا جهود المنظمات الحقوقية والتحدث العلني عن القضية لم يتدخل أي أحد من قبل الحكومة التونسية.
ومن جانبه، تحدث المعتقل السابق في السعودية الباكستاني الجنسية ميثم التمار عن تجربته في المعتقل في “السعودية” ونقل ما شاهده. التمار أشار إلى قضية سعود الفرج الذي شاركه الزنزانة خلال اعتقاله، وأوضح أنه شهد على تعذيب سعود والانتهاكات بحقه بسبب مطالبته بحقوقه الطبيعية في السجن.
وأوضح أنّ سعود على الرغم من التعذيب الذي تعرّض له لم يحصل على حقه في العلاج كما تم زيادة الانتقام منه بسبب تقديمه شكوى رسمية وهو حاليًا يواجه خطر الإعدام، فيما استمرّ سعود بالمطالبة بحقوقه.
بالمقابل، تلا الناشط علي الأشتر رسالة كتبتها عائلة ضحية يواجه عقوبة الإعدام في “السعودية”. الرسالة أوضحت أن “السعودية” تجرّم الحديث عن الانتهاكات وعن المعتقلين وعن قصصهم، وتهدّد عائلاتهم بالمزيد من الانتقام مما يجعل العائلات بين نارين. وأشارت الرسالة إلى أنّ ابنها يواجه خطر الإعدام بتهم غير عنيفة، تتعلق بنشاط أخيه السلمي، وأكدت أنّ المحاكمة افتقرت إلى شروط العدالة، حيث تعرّض المعتقل للتعذيب، وأكدت عائلة الضحية أنّ “السعودية” تدفع المليارات لعكس صورة غير حقيقية عن الداخل.
وفي السياق، قدّم المدير التنفيذي لخلية الأزمة في الشرق الأوسط ستانلي هيلر عرضًا تحدث فيه عن الحملة التي حصلت في ولاية كونيتيكيت والتي قامت بها لجنة الأزمة ضد جامعة نيو هايفن التي كانت على علاقة مع القوى الأمنية السعودية عبر كلية الملك فهد الأمنية، وأوضح هيلر أنّ المخاوف الأساسية كانت على خلفية الانتهاكات التي مارستها السعودية في اليمن.
وأشار هيلر إلى أنّ جامعة كونيتيكيت كانت على علاقة مع كلية الملك فهد الأمنية التي تدرب الشرطة السعودية، ما دفع اللجنة إلى إرسال رسالة شكوى للجامعة من 40 كاتبا وأكاديميا لإيقاف التعاون.
وخلال وقت الحملة قتلت السعودية الصحفي جمال خاشقجي ليتضح لاحقًا أنّ من قتله الطبيب الشرعي صلاح الطبيقي الذي له علاقة مع أكاديمي في الجامعة، وهذا ما دفع الحملة إلى نشر بيان صحفي ولاحقًا الى القيام بمظاهرات وضغط كبير وصولًا إلى إنهاء علاقة الجامعة بكلية الملك فهد الأمنية.
ودعا هيلر المدافعين عن حقوق الإنسان إلى الاستفادة من هذه التجربة والتأكد أن لا مستحيل وأنّ الوقوف في وجه الانتهاكات يجب أن يستمر.
إضافة إلى ذلك، عرض في المؤتمر رسالة من عائلة الباكستاني محمد شبير المعتقل في “السعودية”. الرسالة التي ظهرت فيها زوجته طاهرة وولداه، أكدت أنّ شبير تعرض لانتهاكات واسعة، وأنّه كان ضحية احتيال جعلت منه مجرمًا، حيث تم تهديده بعائلته في حال رفض نقل المخدرات إلى “السعودية”. وأكدت العائلة أنها حاليًا لا تعرف أي شيء عن مكان وجود أو مصير شبير، على الرغم من أنّ المعلومة الأخيرة التي وصلت إليها هي أنّه محكوم بالسجن 15 عامًا.
من جهته، تحدّث عضو رابطة مشجعي فريق نيوكاسل الانكليزي جون هيرد عن الحملة التي تقودها الرابطة والتي تضم المئات من مشجعي فريق نيوكاسل الذي قامت “السعودية” بشرائه. هيرد أشار إلى أنّ الديكتاتوريين السعوديين يعملون عبر وسائل التواصل ويحضرون مباريات نيوكاسل لتلميع صورتهم، وهم حاليًا يستخدمون شركات العلاقات العامة لنفس الغرض. هيرد أشار إلى أنه منذ شراء نيوكاسل بقي الإعلام صامتًا، على الرغم من أنّه في نفس الأسبوع الذي ذهب فيه الفريق للعب في جدة قصفت “السعودية” الشعب اليمني.
وأوضح أنه في اليوم الثاني لإحدى مباريات نيوكاسل، قتلت “السعودية” 81 شخصًا. وأوضح هيرد أنّ الحملة أخذت في الاتساع لأنه لا يجب السكوت عن تهديد “السعودية” للمئات بالإعدام وبينهم قاصرون. وأنهى هيرد بالإشارة إلى أنّ الحملة ستكون رائدة في الوقوف في وجه الغسيل الرياضي، وعلى الرغم من عدم امتلاكهم المليارات فإن الإيمان بفكرة القتال من أجل الحقوق يمكن أن يغير شيئًا.
كذلك مدير “معهد شؤون الخليج” علي الأحمد اعتبر أنّ المهم إدراك أنّ النظام الأميركي هو نظام مصالح، وأنّ هناك أزمة ثقافية كبيرة تتمركز في تجاهل قضايا على حساب أخرى. وأوضح الأحمد أنّه على سبيل المثال، فإنّ محمد القحطاني أهم سجين سياسي اليوم في البلاد وأول من أسّس الجمعيات الحقوقية، فيما يتم تجاهل قضيته رغم أنه والد 4 مواطنين أميركيين.
وأشار الأحمد إلى أنّ معهد الشرق الأوسط يتلقى تمويلًا من “السعودية” بالملايين ولهذا لا تجد فيه تغطية أكاديمية للوضع فيها وصولًا إلى تزوير الحقائق.
وألقت رئيسة قسم التوثيق والأبحاث في المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان دعاء دهيني الكلمة الختامية للمؤتمر، وبعض التوصيات بناء على المداخلات والشهادات التي ألقيت في المؤتمر، جاء فيها:
– تطوير التعاون بين المنظمات المحلية والدولية لرفع صوت المجتمع المدني السعودي في الداخل أمام آليات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.
– العمل مع المنظمات المحلية في الدول الغربية لرفع صوت الانتهاكات والوقوف في وجه محاولات التبييض ووضع آليات أكثر فعالية للعمل.
– في ظل زيادة صعوبة الوصول إلى الضحايا في الداخل، العمل من أجل الوصول إلى ضحايا انتهاكات السعودية في البلدان الأخرى وتوثيق قضاياهم والسعي إلى حمايتهم.
– رصد كافة الوعود الرسمية السعودية من قبل “ولي العهد” والجهات الرسمية الأخرى وإيضاح التلاعب والخداع فيها.
– اتخاذ نهج أكثر جدية للوصول إلى الشركات التي تستثمر مع الحكومة “السعودية”.
– رصد الجهات السياسية التي تدعم “السعودية” وتظهير العلاقة بين زيادة الدعم وارتفاع حدة الانتهاكات.
– العمل مع الجامعات ومراكز البحث في الدول الغربية لإيجاد توازن في ظل سياسات التمويل التي تعتمدها “السعودية”.
– تفعيل التعاون بين الناشطين والباحثين والمعارضين السعوديين المقيمين في الخارج.
– السعي للوصول إلى المجتمعات المدنية والأهلية في الدول التي تدعم السعودية لتزويدهم بالمعلومات حول الانتهاكات والتعاون في مناصرة الضحايا والسعي للوقوف ضد هذا الدعم.
– العمل على الوصول إلى مراكز القرار في الأندية الرياضية التي تستخدمها السعودية في الغسيل الرياضي.