كتبت “فاتن الحاج” في صحيفة “الأخبار” تحت عنوان ” التدقيق كشف مبالغات: إدانة من دون محاسبة لكارتيل المدارس”:
أظهر تدقيقٌ أجرته وزارة التربية في موازنات أكثر من 100 مدرسة وجوب خفض بعض الموازنات المدرسيّة بنسبة تصل إلى 55 في المئة. لكن نتائج التدقيق الذي أجرته شركة بريطانيّة سيبقى حبراً على ورق إذا لم تُفعَّل المجالس التحكيمية التربوية، وستظلّ إدارات المدارس تبتزّ الأهالي إذا لم يسدّدوا الأقساط المتوجّبة عليهم. الوزارة أرسلت إنذارات إلى المدارس المخالفة التي راكمت أرباحاً بلا رقيب… ولكن أين تُصرف هذه الإنذارات؟
للمرة الأولى منذ سنوات طويلة، طبّقت مصلحة التعليم الخاص في وزارة التربية المادة 13 من قانون تنظيم الموازنات المدرسية (515 / 1996)، لجهة الاستعانة بشركة محاسبة وتدقيق (ZACA Association البريطانية) لإجراء التدقيق القانوني في موازنات كانت مثارَ نزاع بين إدارات المدارس الخاصة ولجان الأهل، في عام دراسيّ استثنائي تخلّله انقطاع طويل عن التعليم الحضوري.
نتائج التدقيق في نحو 100 موازنة أظهرت مبالغات في أرقامها، وراوحت نسبة الخفض التي أوصت بها الشركة من القسط المدرسي بين 5% و55%، وفاقت في عدد كبير من المدارس نسبة 45%، «ما يُثبت جني المدارس الخاصّة أرباحاً طائلة طوال السنوات الماضية، ما كانت لتحصل عليها لو كانت هناك آليّة للتدقيق الدوري في موازناتها بشكل صحيح وقانوني»، بحسب عضو المنسقية القانونية في اتّحاد لجان الأهل وأولياء الأمور في المدارس الخاصة المحامية ملاك حمية.
وكانت لجنة الأهل في الليسيه فردان (التابعة للبعثة العلمانية الفرنسية) تبلّغت نتيجة التدقيق بواسطة قاضي الأمور المستعجلة، ووجوب خفض القسط المدرسي بنسبة 16 في المئة، عملاً بأحكام القانون 515/1996، إضافة إلى حسم 25 في المئة بسبب الأوضاع الراهنة وجائحة كورونا وإقفال المدارس أبوابها لمدة 90 يوماً، منذ أحداث 17 تشرين الأول ولفترات متتالية.
كذلك صدر بنتيجة اعتراض لجنة الأهل في المدرسة الإنجيلية الوطنية في النبطية تقريرٌ يوصي بحسم أقساط العام الدراسي 2019/2020 بنسبة 7.5 في المئة، وحسم آخر بنسبة 28 في المئة نتيجة جائحة كورونا والتعطيل، وبالتالي يكون كامل الحسم بنسبة 35.5 في المئة، على كامل القسط للعام الدراسي 2019/2020.
المدارس التي خضعت موازناتها للتدقيق هي تلك التي لم تلتزم قرار وزير التربية الرقم 229/م/2020 بتاريخ 4/5/2020 الذي طلب فيه من المدارس الخاصة إيداع مصلحة التعليم الخاص مُلحقاً عن المُوازنة المدرسيّة بعد إعادة درسهـا نظراً للظروف الحاصلة، وتوقيعها بحسب ما نصّت عليه أحكام القانون 515/96 وفقاً للأصول المُعتمدة. وهي تتضمن أيضاً المدارس التي تقدّمت لجان الأهل بشكاوى ضدها في موضوع مُلحق الموازنة.
شركة التدقيق أنهت، أخيراً، مهمّتها وسلّمت تقاريرها لمصلحة التعليم الخاص التي اطلعت عليها وحدّدت للمدارس الخاصة نسبة الخفض على الأقساط المدرسيّة الواجب تطبيقها للعام الدراسي 2019/2020، وأرسلت إنذارات لها للالتزام بها. علماً أن أمام المدرسة 10 أيام للاعتراض على النتيجة، قبل إحالة الملف إلى المجلس التحكيمي التربوي.
أظهر التدقيق وجوب خفض 45 في المئة في أكثرية الموازنات المدقّق بها
ورغم أنّ حمية اعتبرت أن هذه الخطوة «تشكل نقطة تحوّل لدى وزارة التربية في تطبيق القانون، إلّا أن النتائج صدرت في وقت مُتأخر (آخر أيلول 2020) ولم يُفرَج عنها إلّا في الأيام القليلة الماضية، وأتى التأخير في تعيين شركة التدقيق وظهور نتائج تقريرها في مصلحة المدارس التي رفضت تسجيل التلاميذ ما لم يسدّد أولياء أمورهم كامل القسط المدرسي، ما أرغم الأهالي على القيام بذلك». واللافت أن مصلحة التعليم الخاص لم تسلّم إفادة بنتيجة التقرير الخاص بموازنة كل مدرسة سوى للجان الأهل أو الأهالي الذين تقدموا بشكاوى للوزارة حول ملاحق الموازنات، فيما تطلب من الأهالي الذين يراجعون بشأن المدارس التي لم تلتزم بقرار الوزير رفع ملاحق بالموازنة ولم تخفض الأقساط، باستصدار قرار من قاضي الأمور المستعجلة للحصول على نتيجة التدقيق.
ومع أن خطوة التدقيق أحدثت خرقاً في أداء وزارة التربية تجاه المدارس الخاصة، إلا أنها تبقى، بحسب حمية، «ناقصة ومن دون أي أثر قانوني يحفظ حقوق الأهالي. إذ أنّه وفق أحكام المادة 13، تُحال المدرسة التي لم تلتزم تطبيق الخفض الذي يوصي به مكتب التدقيق والمحاسبة إلى المجلس التحكيمي التربوي المختص بقرار من وزير التربية، علماً بأن هذه المجالس غير مُشكّلة منذ سنوات طويلة، بل مُعطّلة عمداً من السلطة السياسيّة الخاضعة لكارتيل المدارس الخاصة. وبالتالي، لا سبيل لضمان حقوق الأهالي، سوى باستكمال تشكيل هذه المجالس، وإلّا فكل الجهود المبذولة ستذهب سُدى، وستبقى الحقوق ضائعة». وشدّدت على أن المجالس التحكيمية هي المرجع القضائي المختص لإلزام المدارس بالتخفيض وهي التي تحدد العقوبات والغرامات. ولفتت إلى أنّ المادة 13 هي قاعدة عامة، «أي أنّ تطبيقها لا ينحصر في الحالات الاستثنائية، كتلك التي حملت وزير التربية على إصدار قراره رقم 229، بل يجب أن تُطبّق وتنفّذ وفق الآليّة المنصوص عنها، في جميع الحالات والظروف وعند كل وأيّ طعن يُقدّم من لجان الأهل أو أولياء الأمور في الموازنات المدرسيّة للمدارس الخاصة، سواء في الظروف العاديّة أو الاستثنائية». وذكرت أنّ جميع عمليات التدقيق في الموازنات سابقاً كانت تتمّ بصورة غير صحيحة وغير قانونيّة «إذ كانت مصلحة التعليم الخاص تكتفي بالاطلاع على النّسب الواردة في الموازنة (65% رواتب وأجور وملحقات و35% نفقات تشغيليّة للمدرسة) من دون التّدقيق في البنود التي تحتوي في مُعظم الأحيان على مبالغ ونفقات غير مُبرّرة ومُضخّمة ومُكرّرة».