جيش العدو يختبىء بزيّ مدنيّ ومجندة أنثى دون سلاح ظاهر.. ترقّب وانتظار وخوف.. إليكم التفاصيل!

المصدر : جريدة الأخبار

في السابع والعشرين من تموز الماضي غرّد معلق الشؤون العسكرية في صحيفة يديعوت احرونوت، يوسي يهوشع، عبر موقع «تويتر»، ساخراً من «يقظة» الجيش الإسرائيلي و«تستّره» امام حزب الله، بالقول:

«على الضابط الرفيع الذي استولى على سيارة احد المدنيين في الشمال ليمنع حزب الله من التعرف عليه كعسكري (واستهدافه)، أن يعيد السيارة الى صاحبها».

تغريدة يهوشع تحمل إشارات دالة على ماهية استعداد جيش الاحتلال وإجراءاته الاحترازية، لمنع حزب الله من استهداف جنوده على طول الحدود، وذلك عبر التستر والتمويه والتواري عن الانظار.

الواضح ان جيش العدوّ يدرك، ويعمل وفقاً لإدراكه، أن المقاومة تتطلع الى الرد على جريمة استهداف العدو للشهيد علي محسن في سوريا قبل اسابيع، عبر استهداف عديد عسكري اسرائيلي ضمن سياق التناسبية، وما يكفل تحقيق أو تثبيت المعادلة الردعية في مواجهة العدو.

قبل يومين، سيّر الجيش الإسرائيلي دورية على طول الحدود مع لبنان، مع التستر والابتعاد عن الظهور العسكري. وفقاً للصور والفيديو المصور، تتألف الدورية من مجندة بلباس مدني، تستقل سيارة مدنية غبر عسكرية، من دون أي سلاح ظاهر، فيما رُكّبَت على السيارة كاميرا تصوير للحدود، لمعاينة ما يجري حولها.

في الوقت نفسه، يمنع الجيش الاسرائيلي جنوده من السير على طرق محددة مكشوفة للجانب اللبناني، سواء جاء ذلك بواسطة اليات عسكرية أم آليات مدنية من شأنها ان تكشف زيهم العسكري. ولهذه الغاية، نشرت قيادة المنطقة الشمالية في جيش العدوّ حواجز تعترض العسكريين المخالفين للتعليمات، على المفترقات والطرق الجانبية، في اكثر من نقطة سيطرة شمال فلسطين المحتلة.

مع ذلك، لا يمنع الجيش الاسرائيلي المستوطنين، من مزارعين وغيرهم، من الاقتراب والانكشاف «للجانب الثاني» من الحدود، إذ إن الإجراءات مقتصرة على العسكريين، ربطاً بالتقدير انهم المستهدفون حصراً، في الرد المرتقب لحزب الله.
وفي تقديرات «إسرائيل» للرد والإجراءات المبنية عليه، من المفيد الاشارة الى الآتي:

– حديث تل أبيب عن ارتداع حزب الله، بات ممجوجاً جداً، على خلفية إجراءاتها الوقائية لتخبئة جنودها وراء الجدر ووراء المستوطنين؛ اذ ان الاختباء والتستر لا يدل على التفوق الردعي، ولا على خشية حزب الله من «سطوة اسرائيل» العسكرية، بل يتناقض كلياً مع مواصلة ادعاء قادة العدو ان الحزب مردوع.

لا يمنع جيش العدو المستوطنين من الانكشاف «للجانب الثاني» من الحدود

في ذلك أيضاً، حديث الناطق باسم الجيش الاسرائيلي، هدي زيلبرمان، عن مردوعية حزب الله، يثير الاستهجان، وربما ايضاً السخرية، إذ إنه رداً على سؤال في سياق مقابلة مع صحيفة «مكور ريشون» عن اعتقاده الفعلي ن كان حزب الله مردوعاً لكونه يعلن ويعمل لتحقيق وعده بالرد وإصراره على قتل جنود اسرائيليين، قال زيلبرمان إن «باستطاعة حزب الله قصف إسرائيل بالصواريخ، لكنه يعمل على قتل جنود عبر القنص والعبوات الجانبية فقط». من هنا، يستدل الضابط الإسرائيلي، ان حزب الله مردوع!

يحطم هذا الضابط نظرية الردع الى حد إنهائها، بعد ان طوّعها وحرفها للحد الذي تخدم فيه الدعاية الإسرائيلية، وكأن الردع والارتداع يتعلقان بأسلوب استهداف الجيش الإسرائيلي، وليس بالاستهداف نفسه. وهو ادعاء، واقعاً ومن دون مبالغات، وللمرة الثانية، يثير الاستهجان والسخرية.

– اذا كان دور الجيوش ووظيفتها هما حماية حدود دولهم ومدنييها من اعتداءات خارجية، الا ان واقع الكيان الاسرائيلي قبالة لبنان معكوس الى حد بعيد. الواقع انه في مواجهة حزب الله وترقب رده، «المدنيون» هم من يحمون الجنود الاسرائيليين عبر التستر والتشبه بهم والاختباء خلفهم والابتعاد عن اي اشارة دالة على انهم عسكريون، وهو واقع يستأهل الوقوف امامه طويلاً للتمتع بدلالاته، لكونه يعكس جزءاً من المعادلة الردعية القائمة مع العدو.

في العودة الى محددات التقدير الإسرائيلي لرد حزب الله، بحسب ما يُستدَل من إجراءات جيش الاحتلال وتدابيره الاحترازية، وكذلك مواقفه المعلنة وحراكه الميداني، وآخره دورية المجندة على الحدود، يبدو ان الرد تحدّد، إسرائيلياً، عبر الآتي: من سيُستهدَفون في رد حزب الله هم عسكريون لا مدنيون، من ضباط وجنود جيش الاحتلال حصراً، على ان يكونوا مرتدين زيهم العسكري، مستقلين أو غير مستقلين آليات عسكرية، مع شرط إضافي، وهو أن يكونوا ذكوراً لا إناثاً!