انطلاق أعمال المؤتمر القومي العربي الإسلامي: لدعم المقاومة بكل أشكالها

افتتحت أعمال المؤتمر القومي العربي الإسلامي في دورته الـ11، بحضور شخصيات تمثل العديد من ألوان الطيف الفكري والسياسي العربي. ويأتي المؤتمر كاستجابة واعية لتحديات المرحلة وبعد أن ادرك التياران القومي والاسلامي أنهما يشكلان القوة الحقيقية القادرة على مواجهة الأخطار، وأدركا بوضوح انهما المستهدفان سواء من الانظمة المستبدة أو من القوى الخارجية لانهما يجسدان روح المقاومة. 

هنية

وكانت الكلمة الأولى في الجلسة الافتتاحية لأعمال المؤتمر لرئيس حركة “حماس” اسماعيل هنية الذي قال إن ما يجري في المنطقة خطير وتجاوز التطبيع، معتبرًا أن ما يجري هو دمج الكيان دمجا كاملًا في المنطقة، وبناء تحالف استراتيجي، مشيرًا الى أن زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن للمنطقة تهدف لتصفية القضية الفلسطينية وضرب الركائز الداعمة للأمة. 

وأكد أنه يجرم التطبيع ويدينه لأنه يخدم الكيان الصهيوني ويضر بفلسطين وبالدول المطبعة نفسها، مشيرًا إلى أن شعبنا يتعرض لمصادرة حقه في العودة عبر طرح التوطين والتهجير. 

وتابع هنية أن معركة “سيف القدس” شكّلت نقلة نوعية في تاريخ الصراع مع الكيان الصهيوني، مؤكدًا أن المقاومة بعد معركة سيف القدس أقوى وأشد عودًا وأكثر جهوزية واستعدادًا لمواجهة التحديات والمتغيرات، مضيفًا أن ذراع المقاومة طويلة وستستمر حتى تحرر أرض فلسطين.

واعتبر أن التحديات المفروضة على أمتنا هي أخطر من المرحلة التي انطلق فيها المؤتمر عام 2000 أي قبل 11 عامًا، والتي جاءت استجابة لمعارك التصفية المباشرة واستجابة وتفاعلًا مع انتفاضة الاقصى التي انطلقت في وجه شارون الذي دنس الاقصى.

ولفت هنية الى أن الاحتلال قام بمناورة هى الأخطر على مدار 30 يومًا محاكاةً لحرب على 6 جبهات، مؤكدًا ضرورة وحدة الجبهات تحسبًا لأي عدوان “اسرائيلي”. 

وشدد هنية على التضامن الكامل مع لبنان لحماية حقوقه، وخاصة في ظل محاولة الاحتلال الاعتداء على موارده المائية.

وطالب هنية بضرورة استثمار نتائج الحرب الروسية الاوكرانية كونها وضعت حدًا للهيمنة الأمريكية في المنطقة، فلا بد أن نتعاطى مع ابعادها. 

وتابع أنه يجب دعم المقاومة كخيار استراتيجي في المنطقة ووقف محاولات تصفية قضايا الأمة وأولها فلسطين، وتوجه للأسرى قائلًا إننا باقون على العهد في إخراجكم من سجون الاحتلال.

الشيخ قاسم 

ومن ثم تحدث نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم مؤكدًا أن الحل الحصري والوحيد لمواجهة “إسرائيل” هي المقاومة بكل أشكالها وأي حل آخر هو مضيعة للوقت وعلى رأس هذه المقاومة المقاومة العسكرية ويجب دعمها لأنها وحدها ما يعيد فلسطين. 

ولفت الى أن الكيان الصهيوني كيان يتكئ على فلسطين كمقدمة حتى يقدم على احتلال المنطقة من المحيط إلى الخليح، واشار الى  أن حامي القضية الفلسطينية الأساس هو شعبها ومقاومتها ولا يمكن إذا تخلى بعض العرب والمسلمين عن هذه القضية أن تركع فلسطين أو أن تستسلم لأن شعبها قرر أن يبقى في الميدان.

وقال إن “اسرائيل” تعتقد أنها بالتهديدات ستُحدث قلقًا في محور المقاومة “ولكن أقول إنها تهديدات فارغة المحتوى”، وتابع أن “استمرارية وجود “اسرائيل” في منطقتنا قائمة على انشاء الحروب ولا يمكن أن تستمر بدون الحروب”، وأشار الى انه “لم يكن أي خيار سياسي رعاه الغرب خيارًا سليمًا بل كان جزءًا من دعم الاحتلال العدواني التوسعي الذي لا يقتصر على فلسطين”، واضاف أن “دول التطبيع تضر نفسها في المقام الاول كما تضر شعوبها وتضر فلسطين والأمة”، وأوضح أن “أمريكا تعمل على تسخير كل شيء لخدمة الكيان الصهيوني، ونحن كقوى المقاومة نعمل على حفظ سيادتنا وكرامة أوطاننا طالما الشعب والمقاومة يسيران في خط واحد للمواجهة”.

وشدد الشيخ قاسم على أننا على أتم الجهوزية وكنا في المناورة الكبرى على استنفار كامل وفي كل يوم نحن في استعداد واليوم نحن في أقوى مراحلنا مع حلفائنا في فلسطين ومحور المقاومة، وتابع “نحن نتباهى مع حلفائنا بقوتنا العسكرية وجهوزيتنا ونذكرها ليطمئن جمهورنا وليعرف أنّه خلف قيادة قوية جاهزة للدفاع عنه وللمجتمع الإسرائيلي ليعلم أنه خلف قيادة ضعيفة”، وأضاف “رأينا كيف حرر لبنان أرضه بجيشه وشعبه ومقاومته وكيف واجهت المقاومة عدوان تموز وانتصرت، كما رأينا المقاومة الفلسطينية كيف أوجدت في معركة سيف القدس مسارًا جديدًا بتاريخ الصراع مع المحتل”، وأكد أن “قوة محور المقاومة وجهده ودعم الجمهورية الإسلامية للقضية الفلسطينية بدون حساب واجتماع الدول تحت هذه الراية تعني أن النصر آت لا محال”.

النخالة 

من جهته، دعا الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين زياد النخالة في كلمته خلال المؤتمر القومي الإسلامي إلى إشاعة ثقافة المقاومة بالكلمة والموقف ودعم المقاومة في فلسطين بكل ما هو ممكن، فيما طالب الفلسطينيين بتقديم النموذج الأمثل لعلاقة القوى السياسية فيها على قاعدة المقاومة وحمايتها والحفاظ عليها.

وشدد النخالة على أن فلسطين تمثل نقطة التقاء لكل التيارات ولكل الأحزاب والقوى في العالمين العربي والإسلامي مهما كانت ألوانها ومهما كانت خلفياتها، لافتًا إلى أن فلسطين نقطة إدراك ومكاشفة لكل الذين يريدون الحرية والحياة الكريمة في أوطانهم ولكل الذين يريدون سلامًا حقيقيًّا لشعوبهم.

وقال النخالة “إن صوت أحذية الغزاة الصهاينة أصبحت تصم آذان الجميع، وهي تحاصرنا حتى داخل بيوتنا وعلى امتداد وطننا العربي والإسلامي، وخاصة بعد حملات التطبيع التي لم تبقِ على شيء من بلادنا”.

وأضاف: “خلال المؤتمرات السابقة كنا نناقش ونحذر من اتفاق أوسلو في منطقتنا العربية، ونحن في فلسطين نقاتل هذا الاتفاق ومخرجاته على مدار الوقت، ونحقق إنجازات جدية في ذلك، رغم كل الظروف الصعبة التي تحيط بشعبنا ومقاومته”. 

وأضح أن العدو لم يستطع أن يكسر إرادة شعبنا الفلسطيني في داخل فلسطين، فقام بعملية التفاف كبرى لمحاصرته من الخارج، وقطع شرايين التواصل عنه مع شعوب أمتنا العربية والإسلامية، معربًا عن أسفه أنه يحقق إنجازات كبرى في ذلك.

وأشار إلى أنه اليوم وبعد مرور أكثر من سبعين عامًا على قيام الكيان الصهيوني، يتكرس أكثر فأكثر الدور الصهيوني في المنطقة، وأصبح العدو يؤدي الدور الأكبر في سياسات المنطقة، فيحاصر الفلسطينيين في كل شيء، وتفتح بعض العواصم العربية والإسلامية لعدوهم، وتتحرك “إسرائيل” معتبرة حدودها الزمنية تشمل باكستان وإيران، حتى شمال أفريقيا، ومن تركيا حتى جنوب السودان، معتبرة كل ما بين ذلك قابلًا للتدخل الصهيوني اقتصاديًّا وأمنيًّا وعسكريًّا، وتجد ترحيبًا كبيرًا كلما تقدمت في أي من دولنا العربية والإسلامية، رغم أنها ما زالت تعاني من تحديات جدية وكبيرة في فلسطين. ويغفل النظام العربي عن دور الشعب الفلسطيني ومقاومته التي لم تتوقف يومًا واحدًا، وينفتح أكثر فأكثر على العدو في كل المجالات.

وشدد النخالة على أن إنجازات المقاومة لم تعد تخفى على أحد، فمن لبنان المقاومة التي ألحقت هزيمة كبرى بالعدو عام 2000 إلى انتصار عام 2006، إلى غزة المحاصرة التي خاضت أربع حروب وما بينها، وأثبتت قدرتها على الصمود والمواجهة، إلى الضفة الغربية والقدس التي لا تهدأ مقاومةً وشهداء وأسرى، مضيفًا “أنها ملحمة تاريخية يخوضها الشعب الفلسطيني على امتداد فلسطين، رغم كل ما يحيط به من ظروف صعبة ومعقدة”. 

وتابع أن “إسرائيل” تهرب إلى الأمام، وتستقوي علينا بأنظمتنا، وقادة دولنا الذين لا يرون فينا إلا إرهابيين، ويطاردوننا في كل مكان، ويحاصروننا من أجل إرضاء أميركا و”إسرائيل”.

وقال النخالة: “يجب أن ندرك أننا في مواجهة مشروع واحد، وأننا جميعًا ضحية لعدو واحد، يستند في خلفياته الثقافية والفكرية لرؤية واحدة تجاه مجتمعاتنا، ونحن دومًا كنا الضحية السهلة، لأننا نظرنا إلى الآخر باعتبارنا امتدادًا له، على أمل أن يكون ملهمًا لتوجهاتنا، وراسمًا لملامح تقدمنا وازدهارنا لاحقًا”.

وأضاف: “الأمة تكتشف اليوم، وظهرها للحائط، أن الوحوش التي رأينا فيها خلاصنا هي التي افترستنا، وكنا هدفًا وضحية لأوهامنا، بأن هذا الغرب، وهذه الحضارة الغربية، تريد أن تنقلنا من حالنا إلى حال أفضل”.

وشدد على أن فلسطين تمثل نقطة التقاء لكل التيارات، ولكل الأحزاب والقوى في عالمنا العربي والإسلامي، مهما كانت ألوانها، ومهما كانت خلفياتها، فهي نقطة إدراك، ونقطة مكاشفة، لكل الذين يريدون الحرية والحياة الكريمة في أوطانهم، ولكل الذين يريدون سلامًا حقيقيًّا لشعوبهم.

ورأى الأمين العام لحركة الجهاد أن الالتزام وتحديد المواقف هو الضمانة لعدم الانزلاق إلى الجانب الآخر، مضيفًا: “علينا أن نلتزم رؤية واضحة، ومعيارًا ثابتًا يحكم العناصر الأساسية في منهجنا السياسي. وهذا لا يتناقض مع واجباتنا في تعزيز روابطنا، وتحالفاتنا مع القوى المعادية للصهيونية في كل مكان”.

وقال إن مسؤوليات كبرى تقع على عاتقنا اليوم، بإشاعة ثقافة المقاومة، بالكلمة والموقف، ودعم المقاومة في فلسطين بكل ما هو ممكن. ولنجعل من فلسطين عنوانًا دائمًا لجدول أعمالنا اليومي. وعلينا نحن كفلسطينيين أن نقدم النموذج الأمثل لعلاقة القوى السياسية فيها، على قاعدة المقاومة وحمايتها والحفاظ عليها، وأن تكون طريقة حياة، ودليلًا لكل الأحرار من أمتنا.