بعدما رفضت المحكمة البريطانية العليا النظر في طلب تقدّم به مؤسس موقع “ويكيليكس” جوليان أسانج في آذار/مارس الماضي، بغية عدم تسليمه إلى الولايات المتحدة التي تريد محاكمته بتهمة “تسريب قدر هائل من الوثائق السرية”، أعلنت الحكومة البريطانية موافقتها على طلب تسليمه إلى واشنطن. وقالت الداخلية البريطانية: “إن وزيرة الداخلية بريتي باتيل وافقت على طلب الحكومة الأميركية تسليم أسانج، وذكرت أن أمامه 14 يومًا لاستئناف القرار”.
القرار لم يكن مستبعدًا، فلندن أذعنت لواشنطن، خصوصًا أن باتيل معروفة بأنها من صقور اليمين البريطاني المحافظ، ومن أتباع رئيس الوزراء بوريس جونسون، ما يدفعها إلى القبول بمذكّرة التوقيف الأميركية. وعلى الرغم من أن قرار التسليم هذا يتعارض بوضوح مع “معاهدة تسليم المجرمين الثُّنائية” الموقَّعة بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، والتي تمنع صراحةً تسليم متّهمين بجرائم سياسية، إلا أنّ ذلك لم يَحُل دون خضوع بريطانيا بقضائها وسياستها لواشنطن.
“ويكيليكس”: هذا يوم أسود لحرية الصحافة
وعقب القرار، نشر موقع “ويكيليكس” بيانًا عبر حسابه الرسمي على “تويتر” أدان فيه قرار وزيرة الخارجية، معتبرًا أنّ هذا اليوم “هو يوم أسود لحرية الصحافة والديموقراطية في المملكة المتّحدة”، وأنه سيتمّ تَذكّر باتيل على أنها متواطئة مع واشنطن في مهمّتها لتحويل الصحافة الاستقصائية إلى جريمة.
وإذ رأى الموقع أنّ أسانج يُعاقَب لأنّه كان يؤدي وظيفته الطبيعية ككاتب وناشر، لفت إلى أنه “يجب عدم نسيان أن قضيته هي سياسة بحت، بعدما نشر أدلّة على أن البلاد التي تحاول تسليمه ارتكبت جرائم حرب وغطّتها، وارتكبت أعمال تعذيب ورشت مسؤولين خارجيين، وأفسدت التحقيقات القضائية في مخالفات الولايات المتّحدة”، ما يجعلها تريد الانتقام منه عبر إخفائه في أقبية السجون المظلمة حتى آخر حياته، بهدف منع الآخرين من محاسبة حكوماتهم.
كما أكّد البيان أنه سيتمّ استئناف القرار البريطاني أمام المحكمة العليا.
فريق الدفاع عن أسانج يسعى لتجنّب تسليمه
في السياق نفسه، قال كارلوس بوفيدا من مجموعة الدفاع عن مؤسس “ويكيليكس” جوليان أسانج: “إنّ مجموعة الدفاع عنه ستواصل سعيها في المحاكم البريطانية والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان لإلغاء تسليمه إلى واشنطن”، وأضاف المحامي: “إن الوقت يتلاشى، لكن لا تزال هناك معارك يمكننا الفوز بها، ما زلنا متفائلين في هذا السجال وسنواصل اللجوء إلى كل مراحل العدالة الإنجليزية بالتوازي مع إعداد دعوى قضائية في المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان”.
وأوضح بوفيدا أنّ “هناك 14 يومًا لاستئناف قرار الترحيل في المحكمة العليا في لندن، وبعد ذلك لا يزال من الممكن الطعن فيه في المحكمة العليا”، قائلاً “إذا أكدت كلتا المحكمتين التسليم، فسيتم إرسال القضية إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان”.
وشدد على أنّه في حال جاءت القرارات سلبية على الاستئناف سيشكل ذلك “سابقة سلبية لحرية الكلمة والتواصل، وسيثير الخوف في النفوس لاحقًا، وسيعتبر بمنزلة كمامة اللجم التي تمنع أي تحقيقات صحفية تمس بشكل موضوعي أخبار الدول القوية”.