في الوقت الذي انطلقت فيه ببطء المحاكمات القضائيّة في “مذبحة أنصار”، فجعت جارتها #الدوير بمجزرة جديدة لا تشبه الأولى في تفاصيلها إلّا بـ”القتل المجّاني غير المبرّر”، لاسيّما وأن سقوط ضحيّتين بسلاح حربيّ، إضافة الى جريح ثالث حالته حرجة، في وضح النهار، لأسباب غير مفهومة، وقد تتكرّر كلّ يوم بين جارين، يجعل الحديث عن “الفوضى الأمنية” واقعاً لا مهرب منه في الأيّام المقبلة، وسط شلل الدولة ومؤسّساتها وأجهزتها الأمنية! فما حقيقة ما جرى في بلدة الدوير #الجنوبية ظهر الإثنين؟
الأكيد بحسب التحقيقات الأمنية أنّ “الحادثة لم تحمل أيّ خلفيّات عائلية، دأبت عائلات الدوير على وأدها منذ سنوات طويلة، بل كلّ ما حصل كان نتيجة تلاسن بين نجله أسامة قبيسي وجارهم أحمد قانصو الذي يملك محلّاً مقابلاً لمنزلهم العائليّ على خلفية مرور سيارتها أمامه، مما استدعى توجّه أسامة قبيسي ونجله بلال الى داخل محلّ أحمد قانصو لمعاتبته على ما حصل”.
وأكّدت المصادر الأمنية لـ”النهار” أنّه “ما إن دخل أسامة ونجله بلال الى المحل وعلاّ الصراخ بينهم حتى رفع أحمد قانصو سلاحه الحربي (الكلاشينكوف) في وجههما، فما كان منهما إلّا أن لاذا بالفرار، فلحقهم الى الخارج وهو يطلق النار، ما أدّى إلى إصابة أسامة إصابات مباشرة فيما أصيب نجله بلال في كتفه. وما إن سمع صوت الرصاص حتّى تجمهر الأهالي وبينهم الشهيد الثاني حسين رمّال الذي حاول ثني قانصو عن استخدام السلاح ووضعه جانباً فقام الأخير بإصابته برصاصتين”.
وما إن نقل الجرحى الى مستشفى راغب حرب حتّى فارق حسين رمّال الحياة، ليتمّ ليلاً الإعلان عن وفاة أسامة قبيسي متأثّراً بجراحه، فيما بقي نجله بلال في المستشفى بحالة حرجة. ومع هذا الإعلان تجمهر عدد من الأهالي وقاموا بحرق بناية قانصو التي تضمّ منزله ومحاله التجارية كردّ فعل على وفاة اثنين من أبناء البلدة، إلّا أنّ الجيش عمد الى تعزيز انتشاره ونجح في ضبط الوضع.
وفي هذه الليلة حاول الجاني أحمد قانصو التواصل مع جهة أمنية نصحته بعدم تسليم نفسه الى مخفر درك النبطية خوفاً على حياته في ظلّ غليان الأهالي. لهذا تمّ بمتابعة أمنية دقيقة تأمين طريق تسليم نفسه الى فرع المعلومات صباحاً في بيروت، وفق معطيات “النهار”.
ومن جهتها كانت الدوير صباحاً على موعد مع وداع الشهيد المغدور حسين رمّال بمأتم شعبيّ ورسميّ، حيث ووري الثرى في جبّانة البلدة بعد الصلاة على جثمانه. وهنا أكّد شقيقه علي رمّال لـ”النهار” أنّهم “فقدوا المعيل لعائلته الصغرى والكبرى، فالدوير لا تعرف عن أخي إلّا كلّ خير، فهو كان ساعي خير لكلّ الأهالي فهو “حلّال المشاكل”، ولكنّ اليوم ماذا أقول لبناته الاثنتين ولابنه ابن السبعة أشهر؟”.
وأكّد أنّهم كعائلة يعتبرون ما حصل “جريمة كبيرة لا يمكن إلّا أن يكون ثمنها الإعدام للجاني أحمد قانصو، وإذا لم يُسرعوا بإعدامه فستحصل أمور لن تُحمد عقباها في بلدتنا”، موضحاً أن” لا معنى أن يتمّ تسليم نفسه، وجعل المحاكمات تمطّ سنوات، فهذا الأمر لن نقبل به لأنّ القاتل يقتل شرعاً”.
أمّا الضحية الثانية أسامة قبيسي فمن المرجّح أن يتمّ دفنه غداّ في بلدة الدوير ظهراً بانتظار قدوم أشقّائه من المهجر، مع العلم أنّ العائلة أصدرت بياناً اعتبرت فيه أنّ “حقّنا وحقّ دم شهيدنا وجريحنا مناط بالمجرم الظالم أحمد قانصو حصراً، ونعتبر أنّ هذا التصرّف فرديّ غير مرتبط بعائلته التي نحترمها”، داعين الى “عدم إطلاق الرصاص عند تشييع جثمانه الطاهر إكراماً للشهيد وعائلته وأحبّائه وأصدقائه”.
لا شكّ أنّ ما حصل في الدوير من استخدام للعنف المفرط في مواجهة إشكال فرديّ بات سلوكاً جديداً يضاف الى “يوميّات اللبنانيّ”، الذي يرزح تحت كمّ هائل من الضغوط المعيشية والنفسية، فهل ستتفاقم هذه الظواهر الشاذّة عن مجتمعنا؟ أم ستنحصر بالتزامن مع تطبيق صارم لقانون الإعدام بما يمنع استسهال القتل؟