لم تهدأ العاصفة السياسية يوماً في لبنان، هي تعيشُ التناقضات والصراع والخلاف منذ زمنٍ بعيد، كيف لا وهو البلد الطائفي، الذي تديره منظومة سياسيةٌ طائفيةٌ تمثلت مؤخراً بدخول وجوهٍ نيابيةٍ جديدة الى البرلمان، وبقاء عددٍ لا يستهان به من النواب القدامى، بالإضافة الى تكريس المنظومة السياسية التي يتوارثها الأبناء من آبائهم ضمن نظامٍ اقطاعي يُؤكدُ أن الوراثة السياسية أمرٌ لا مفر منه.
جملةٌ من المفاجآت حملتها الإنتخابات النيابية، سيما مع غياب نوابٍ كانوا داخل السلطة التي حكمت منذ سنين طويلة، و تراجع شعبية بعض القوى السياسية، وبروز نواب مستقلين وآخرين تمسكوا بعباءة التحرك الشعبي الذي يبدو أنه لم يعد يأبه للمطالب التي طالب بها في ١٧ تشرين الأول.
وتشيرُ المعلومات أن اتصالاً أجري بين نواف سلام وبعض المقربين من حزب الله، وأكد سلام أنه لن يوافق على القرارات الأميركية، لا بل يتمسك بالمصلحة الوطنية، ولديه كل الإستعداد لأن يتفاهم مع حزب الله بما يخص كل الخطوات التي قد تؤدي الى انقاذ الوطن وإعادة حيويته، خاصة بما يتعلق بالوضع الإقتصادي، ويشير المصدر السياسي الى أن سلام حسم أن الاستراتيجية الدفاعية هي أولوية وطنية، إضافةً الى حفظ حق المقاومة داخل أي بيان وزاري يصدر في الحكومة الجديدة، وهذا التوجه والسيناريو بات متداولاً ويعمل عليه حزب الله ونواف سلام، بحسب المصدر.
ويؤكد المصدر أن حزب الله الذي حاز على أعلى نسبة تصويت في كل الدوائر التي خاض فيها المعركة، لم يسعَ الى نيل الأكثرية النيابية حتى لا يُتهم بأنه المسؤول عن التدهور الإقتصادي والمالي كما اتهمه البعض وتابع المصدر، أن الحزب لطالما كان قوياً وسيكون موجوداً وحاضراً الى جانب الناس، وسيدافع عن لبنان في حال تعرضه لأي اعتداءٍ اسرائيلي، وتابع أن قرارات الحزب لن تتغير في موضوع ترسيم الحدود والتنقيب عن النفط، فهذا من حق اللبنانيين ويجب أن يستفيد كل لبناني من هذه الثروة.
ويرى المصدر أنه من الضروري على المنتخبين الجدد أن يكونوا أكثر اتزاناً لجهة تحديد خياراتهم في المستقبل بعيداً عن الشعارات الفضفاضة والرنانة، وتابع أن النواب جميعاً ذاهبون الى اختيار رئيس مجلسهم الجديد ونائبه وأعضاء هيئة المكتب مع العلم أن الطبخة لم تجهز بعد، فهناك خلافاتٌ جوهرية بين القوى السياسية التي تعارض أو توافق على انتخاب الرئيس نبيه بري لرئاسة المجلس للمرة السابعة، ويضيف أن إعادة انتخاب الرئيس بري هو أمرٌ بديهيٌ لا بل محسوم بالنسبة لحزب الله وحركة أمل، إلا أن الأمر لا يبدو سهلاً بالنسبة للقوات اللبنانية التي ترفضُ علانيةً انتخاب الرئيس بري وقد جاء ذلك على لسان رئيسها سمير جعجع، ناهيك عن التيار الوطني الحر الذي يقفُ ضد انتخابه بسبب الخلافات بينهما، وتقول المصادر أن اقتراح التصويت لنائبٍ غير شيعي لرئاسة المجلس ما هو الا من باب النكد السياسي.
ومع دخول الحكومة مرحلة تصريف الأعمال، تُرحلُ الملفات المهمة الى الحكومة الجديدة التي من المفترض أن تشكل بأسرع وقتٍ ممكن.
ستشتركُ بعض القوى مع بعضها البعض حتماً، لكن هل ستنجحُ بالقيام بواجباتها التشريعية والإنطلاق نحو الأمام من أجل اجراء الإصلاحات والخروج من هول المأساة الإقتصادية والمعيشية التي عصفت بكل اللبنانيين!