أكَّد الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله أنَّ الهم الأول للامام الخميني كان كيف تبقى القدس في دائرة الوعي والذاكرة والوجدان والأمل بامكانية الانتصار والعمل لصنع هذا الانتصار، موضحًا أنَّ تضحيات الشعب الفلسطيني يحب أن يُخاطب بها الضمير الانساني وضمير كل مسلم وكل حر في هذا العالم.
وخلال مهرجان “القدس هي المحور” بمناسبة يوم القدس العالمي في مجمع سيد الشهداء (ع) – الضاحية الجنوبية لبيروت، أشار السيد نصر الله إلى أنَّ مناسبة يوم القدس العالمي للاضاءة على الصبر والاستعداد العالي للتضحية والصمود الاسطوري والعمليات المذهلة التي ينفذها الفلسطينيون.
ورأى أنَّه “من خلال احياءات اليوم والأحداث خلال هذا العام والأعوام السابقة نؤكد ان الرهان على الوقت لينسى الفلسطيني ارضه والعرب والمسلمون تلك الارض المباركة السليبة والمقدسات قد سقط”، مبينًا أنَّ العدو عمل على مسار التيئيس منذ عام 1948 من خلال المجازر الصهيونية بحق شعوب المنطقة.
ولفت سماحته إلى أنَّه من ضمن مسار التيئيس وحمل الأمة على الاحساس باليأس الهزائم العربية المتلاحقة من النكبة الى النكسة وما بعدها وخروج بعض الدول ودخولها بالصلح مع “إسرائيل” (مصر والأردن) ومسار التطبيع.
وأضاف: “مسار التيئيس هدفه منذ اليوم الأول القول للشعب الفلسطيني ان الكل خذلوك وليس عليك سوى ان تقبل بالفتات وهذا الرهان سقط ويسقط في كل يوم نشهد فيه تظاهرة في فلسطين وفي كل يوم ينفذ فيه شاب او شابة فلسطينة عملية داخل الاراضي المحتلة”.
وأوضح أنَّ كل القبضات التي تُرفع في فلسطين وفي المحور تؤكد أنه بعد عشرات السنين ان الشعب الفلسطيني لم ييأس بل هو اليوم أكثر يقينا بالنصر، مشددًا على أنَّ كل الرصاصات والبنادق ودماء الشهداء تقول للعالم أن مسار التيئيس قد سقط.
الأمين العام لحزب الله قال: “رغم كل الحروب المفروضة وجماعات الارهاب “الفلتانة” والظروف المعيشية الصعبة لن يستطيعوا ان يأخذوا من الدول والشعوب والقوى المقاومة كلمة والتزاما ولن يستطيعوا أن يروا في وجوهها ضعفا أو هوانا”.
وبيَّن أنَّ مسار الانهاك يحصل في اكثر من بلد في منطقتنا لكنه لم يحقق هدفه رغم الحصار والعقوبات والحروب المفروضة وجماعات الارهاب، مؤكدًا أنَّه “لو خرجت ايران اليوم وقالت لاميركا أنها ستقبل بمسار التطبيع هل كانت لتعاني مثل هذا الحصار وهذه المؤامرات؟ طبعا لا”.
واعتبر السيد نصر الله أنَّ ما قاله السيد الخامنئي اليوم يؤكد الالتزام الجاد والقطعي بدعم فلسطين وحركات المقاومة في المنطقة، لافتًا إلى أنَّ الصمود هو الذي يبقي البيئة الحاضنة لاستمرار المقاومة لتحرير القدس.
وشدَّد على أنَّه “لن ننسى ولن نيأس ولن نسقط أمام الضغوط”، مشيرًا إلى أنَّ هذه المسارات سقطت بسبب العمل المتواصل منذ ما قبل 1948 الى اليوم، مؤكدًا أنَّ “مسألة فلسطين هي جزء من ديننا وايماننا وكرامتنا ونحن أمة لا يمكن ان تتخلى عن ايمانها وعقيدتها وكرامتها”.
وتابع سماحته: “يأتي في رأس الاسباب التي منعت النسيان ومنعت اليأس وأسقطت الانهاك المقاومة العسكرية المسلحة سواء في اطار المقاومة او في اطار حروب حصلت، وعندما نتحدث عن العمل والفعل نقول ان سقوط مسارات النسيان والتيئيس والانهاك شارك فيه كل من هو في مجال المقاومة بالكلمة والفن والرسم والفتوى”.
ولفت إلى أنَّه “يأتي يوم القدس ونحن في موقع استراتيجي متقدم جدا، حيث تطورت مسارات من جهتنا يخشاها العدو ويعمل على تفكيكها ونحن في المقابل يجب ان نعمل على تثبيتها”، مؤكدًا أنَّ المسار الاول هو مسار العمليات الجهادية في داخل 48 وفي داخل الضفة وخصوصا في الاسابيع الماضية الاخيرة وبالاخص العمليات المنفردة التي شكّلت تطورًا نوعيًا جدا وأكثر ما يخشاها العدو وتهزّ الكيان.
كما أشار السيد نصر الله إلى أنَّه برر المسؤولون في الكيان فشلهم بأن شخصًا فلسطينيًا لوحده عندما يأخذ القرار ويخطط ويستطلع ويؤمن السلاح بان هذا الامر لا يمكن ان تكتشفه الاجهزة الامنية، مبينًا أنَّ العميات المنفردة الاخيرة ادت الى كشف عجز الكيان والأمن الضعيف لديه وهزت بقوة ثقة الاسرائيليين بجيشهم وحكومتهم.
وأضاف: “هذه العمليات تعزز القلق الوجودي لدى الكيان ودفعت بكيان العدو الى الانكفاء والاختباء خلف الجدر والأسوار”، وسأل “الكيان الذي يختبئ خلف المزيد من الجدر والأسوار فماذا يمكن ان يكون مستقلبه؟”.
وشدَّد السيد نصر الله إلى أنَّ تحرير فلسطين قد لا يحتاج إلى جيوش عظيمة فهي تحتاج إلى المجاهدين الفلسطينيين الذين يسلبون الاسرائيليين أمنهم وعلى مدى سنوات يجمعون حقائبهم ويرحلون.
وأوضح أنَّ العمليات المنفردة حصلت في أماكن جغرافية متعددة ونفذها فلسطينيون في مناطق مختلفة وهذا يحمل رسالة قوية جدا، معتبرًا أنَّ أهم انجاز من هذه العمليات أنها اسقطت معادلة الجمع بين الاحتلال والامن التي يقوم عليها الكيان.
ورأى الأمين العام لحزب الله أنَّ مسار الدعم في كافة المجالات يجب ان يستمر، مؤكدًا أنَّ مسار ترابط الساحات الفلسطينية من أهم المسارات ومعركة سيف القدس ثبتت هذا الترابط والاسرائيلي علم جيدًا أنه لن يستطيع ان يتمادى كثيرا، ومن اهم المسارات اليوم والتي تطورت أيضا هو ترابط ساحات محور المقاومة.
وأعاد السيد نصر الله تأكيد المعادلة الاقليمية حول القدس، داعيًا دول المنطقة الى توجيه رسالة بأن زوال القدس والمقدسات يعني زوال “اسرائيل”، مبينًا أنَّ هذه المسارات الثلاثة يجب تدعيمها وتمثل الامل بالنسبة لنا.
وأكَّد أنَّه يجب مواجهة مسار التطبيع وكل من يطبع مع العدو يجب ان يُدان وأن يُتخذ منه الموقف المناسب، ومن أبشع النفاق الذي يقال في هذه الايام عندما تقف دول خليجية وتقول ان العلاقات مع اسرائيل هي لخدمة الشعب الفلسطيني، معتبرًا أنَّ أكبر رد على اللقاء التطبيعي الخياني في النقب هي العمليات في فلسطين.
وشدَّد سماحته على أنَّ موقف ايران الميداني والعسكري يتطور الى حد انها قد تقدم في حال استمرار العدوان على الوجودات الايرانية في المنطقة قد تقدم على ضرب اسرائيل مباشرة، لافتًا إلى أنَّ الهزيمة الاميركية في افغانستان اقلقت الكيان الاسرائيلي والحرب والروسية الاوكرانية ايضا تقلق الكيان.
وكشف السيد نصر الله أنَّه خلال الاسابيع الماضية خلال التجهيز للانتخابات كانت تشكيلات حزب الله الجهادية تقوم بمناورات صامتة، متوعدًا العدو الاسرائيلي من أنَّ أيّ خطأ يقدم عليه سيكون الرد عليه سريعا ومباشرة ولن يسمعوا بالاحتفاظ بحق الرد في الزمان المناسب والمكان المناسب.
وأكَّد أنَّ “الانتخابات في لبنان لن تشغلنا من الرد على أي عدوان اسرائيلي”، وأردف قائلًا: “ان شاء الله سنصلي في القدس انهم يرونه بعيدا ونراه قريبا جدا جدا”.
ووجَّه التحية الى عشرات الآلاف من المصلين الذين احتشدوا اليوم في صلاة الجمعة في المسجد الأقصى المبارك والى الفلسطينيين الذين لم يغادروا المسجد في شهر رمضان المبارك والمرابطين الذين واجهوا كل محاولات المتسوطنين لتدنيس المسجد.
كما وجَّه تحيّة لكل من شارك باحياء يوم القدس وخصّ بالتحية الملايين ومئات آلاف الصائمين الذين خرجوا في المدن الايرانية واليمنية، مؤكدًا أنَّ الإحياء هذا العام شمل اكثر من 90 دولة في العالم.
ورحَّب السيد نصر الله بالحضور في هذا اللقاء الحاشد، مشيرًا إلى أنَّه لعله أول لقاء بهذا الشكل بمجمع سيد الشهداء منذ جائحة كورونا وهذا من بركات القدس ويوم القدس.