أكّد الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله في كلمة حول آخر التطورات السياسيّة، أنّه يجب أن نقف بكل اعزاز وتقدير أمام بطولات رجال ونساء وأطفال وشيوخ فلسطين وأمام عظيم الشجاعة والبأس الشديد واقتحام الموت من أجل حياة عزيزة وأملاً في تحرير مقدسات الأمة.
وأضاف السيد نصرالله أننا “نقف بإجلال وتعظيم أمام عائلات الشهداء ومواقفهم الحاسمة وصمود هذا الشعب المجاهد والصابر رغم التاريخ الطويل من المجازر، معتبرًا أنّ ما جرى ويجري هذه الأيام له دلالات كبيرة في ما يتعلّق بالصراع مع الكيان ومستقبله”.
واعتبر أنّه من أهم النتائح الاستراتيجية هو ما كنّا نتحدّث عنه قبل سنوات هو انه إذا كنتم تراهنون على ضعف الشعب الفلسطيني فأنتم واهمون، مشيرًا الى أنّ أجيال الشباب الفلسطيني تتوراث المقاومة وإرادة القتال جيلاً بعد جيل.
ودعا السيد نصرالله لبنان وعالمنا الاسلامي إلى المشاركة الواسعة في جميع الفعاليات في يوم القدس العالمي، لافتًا إلى أننا سنقيم في هذا اليوم مهرجانًا شعبيًا كبيرًا يوم الجمعة في مجمع سيد الشهداء في الضاحية الجنوبية، آملًا من الجميع انتهاز الفرصة لنعبّر في يوم القدس عن دعمنا وتأييدنا المطلق لشعب فلسطين.
وأشار الى أنّ المقاومة في حرب نيسان عام 1996 استطاعت أن تفرض على العدو أن لا يمس المدنيين والا سيدفع الثمن وهذه المعادلة ما زالت سارية حتى اليوم، قائلاً إنه “يجب أن نسجّل الجهد المميز الذي قام به الرئيس الراحل حافظ الاسد والرئيس الراحل رفيق الحريري الذي أدّى إلى ما سُمّي بتفاهم نيسان”.
وحول موضوع الانتخابات النيابية المقبلة وما يثار حولها، لفت السيد نصرالله الى أنّه ذهب بعضهم ومنهم أحد الرؤساء السابقين للقول “أنّ هناك خطرًا بأن يحصل الفريق السياسي الذي ننتمي إليه على الثلثين وعلى الفريق الآخر أن يخوض معركة الحصول على الثلث”، وأوضح سماحته أنّ “الحصول على الثلثين ليس هدف فريقنا السياسي، وهذا الهدف ليس منطقيًّا وليس واقعيًّا ولا أحد من القوى السياسية الموجودة في البلد يعتبر أنّ هدف الحصول على ثلثي أعضاء المجلس النيابي هو هدف واقعي أو منطقي، وأكد أنّ “ما يقال ان فريقنا السياسي يريد الحصول على الثلثين هو للتحريض”.
ولفت السيد نصرالله إلى أنّه “هناك حديث عن تأجيل الإنتخابات النيابية ولو لعدّة أشهر حتى يمكن تحسين ظروف الفريق الآخر، ونحن من حقنا أن نتهم السفارة الأميركية وقوى سياسية في الفريق الآخر بأنّها تسعى إلى تعطيل الإنتخابات”.
وفيما أوضح أنّ الفريق الآخر مقسوم ولذلك لم يستطع التوحّد في لوائح واحدة، بيّن السيد نصرالله أنّ “فريقنا السياسي تمكّن في أغلب الدوائر أن يكون في لائحة واحدة ولو من باب التحالفات الانتخابية، وأما الفريق الآخر فقد تشتت في لوائح كثيرة”.
ولفت إلى أنّ هناك أمورًا بحاجة إلى تأمّل مثل اضراب عدد كبير من القضاة والمعلمين وموظفي البعثات الدبلوماسية ما يفتح الباب أمام الطعن بنتائج الانتخابات، وهؤلاء مطالبهم محقّة وأدعو الحكومة بما تستطيع أن تستجيب لمطالبهم وأقول لهم لا تجعلوا الانتخابات النيابية المقبلة رهينة لمطالبكم المحقة.
وفي السياق، رأى السيد نصرالله أنّ ثقافتنا ورؤيتنا أنّ أيّ تغيير في النظام السياسي يجب أن يحصل بالحوار لا بالاستقواء والنصف زائد واحد أو الثلثين، وقال “ثقافتنا وموقفنا هو أنّ أيّ تغيير أساسي يتعلّق بالنظام والدستور ومقومات البلد وبهويته يجب أن يحصل عليه تفاهم واجتماع وطني ولا يحصل بالاستقواء لا بالأغلبية ولا بالسلاح ولا بالشارع”.
كما اعتبر سماحته أنّ هناك انتخابات حقيقية ستجري في 15 ايار ومعركة انتخابية ديمقراطية شعبية تخوضها كلّ الاطراف وأيًا تكن استطلاعات الرأي والتقديرات يجب أن لا يؤثر ذلك على فعاليتنا وحماستنا في كل الدوائر.
وطلب السيد نصرالله بعدم الركون لاستطلاعات الرأي، مضيفًا أنّه يجب أن تدخلوا الى هذه الانتخابات بكامل الحماسة والجهد حتى لحظة اقفال الصناديق، وهدفنا في هذه الانتخابات انجاح مرشحينا وأيضًا انجاح اصدقائنا وحلفائنا ولا أحد يتعاطى أن المعركة محسومة.
وتابع “كنت قد سمعت من مسؤول سعودي أن مئات ملايين الدولارات أنفقت في انتخابات 2009 وحجب الصوت في بعض الدوائر كان مقابل 500 دولار، لافتًا الى أنه قد يُنفق المال الانتخابي بشكل كبير وهائل في هذه الانتخابات وبدأ ذلك بحجة أن الناس محتاجة وقد يلجأ كثيرون لبيع أصواتهم.
وأوضح سماحته “إذا كنّا نريد أن ندعم لائحة في بعض الدوائر ووجدنا مصلحة أن ندعم لائحة أخرى في نفس الدائرة هذا سيكون فوق الطاولة وبعلم اللائحة الأولى”، وكشف أنّه في تشكيل اللوائح رفضنا أن نعطي التزامًا مسبقًا بأن نجيّر أصواتًا تفضيلية وهناك من طلب منا ذلك ورفضنا وأبدى البعض “زعله”، فحزب الله لا يعد أحدًا بإعطاء أصواته بالكامل بل يصوت لدعم الحلفاء بكل وضوح وتنسيق معهم، ونحن لا نريد الغاء أحد كما سوّق البعض بل نحن نريد أن يتمثل كل أحد بحسب حجمه الطبيعي والقانون النسبي يتيح المجال أمام أيّ حزب وزعامة أن تتمثّل في المجلس النيابي.
وأضاف “تصويتنا في الإنتخابات سيكون واضح وعلني وأيّ شيء يُكتب عن حزب الله لا تصدّقوا ذلك على الإطلاق وأهم ما عندنا هو هذه المصاقية التي صنعتها دماء الشهداء وعرق المجاهدين ونحن لن نمس هذا الصدق والمصداقية”، وأشار سماحته إلى أنّه “بعد العيد سنقيم ثلاثة مهرجانات انتخابية وسنتحدث بالمباشر”.
وفي المقابل، بيّن الأمين العام لحزب الله أنّ الالغائي هو “من كان يراهن في حرب تموز على سحق المقاومة، ومن كان يطالب خلال جلساته مع الأمريكيين التي وثقّتها “ويكيليكس” باستمرار للقضاء على المقاومة.
وأردف “الإلغائي هو من شكّل حكومة في 2006 ووزراء أمل وحزب الله استقالوا بسبب طريقة إقرار المحكمة الدولية، ولكن لم يقف عند طائفة غائبة، وأكمل عشرين شهرًا واتخذ العديد من القرارات، والالغائي هو دائمًا يحضر نفسه للخارج بأنّه جاهز أن يفتعل حربًا أهلية، والالغائي هو من لا برنامج انتخابي لديه بل همّه الغاء المقاومة وسحب سلاحها، فيما نحن حريصون على الشراكة وتعاون الجميع”.
وأضاف سماحته “في المقابل نحن من 2005 كنا ننادي بحكومة وحدة وطنية وفي الـ 2018 أصرّينا على حكومة وحدة وطنية وتشكلت حكومة برئاسة الحريري”.
ورأى أنّ “البعض تضليلًا يحاول أن يقول للبنانيين أنّ سلاح المقاومة هو سبب المشاكل، إذ يركّزون على عناوين هيمنة حزب الله والسلاح والاحتلال الإيراني لأنّها تسترضي الخارج والغرب والسعودية وبعض الدول العربية التي لديها مشكلة مع المقاومة وتحديدًا حزب الله ليقولوا لهم أنّهم في وجه حزب الله لاستدراج الدعم المالي”، متسائلاً “ما البديل لديكم لحماية البلد؟ الواضح من طرح هكذا عناوين أنّ الهدف استرضاء الخارج لاستدراج دعمه”.
وبينما تساءل السيد نصرالله “أليس تهريب الودائع والفساد المتجذّر له علاقة بالأزمة؟”، قال إننا “توسعنا في البرنامج الانتخابي لأنّه برنامج العمل لأربع سنوات، والناس انتخبتنا قبل أربع سنوات بناء على برنامجنا ووعودنا، وواجب علينا أن نبيّن ما حصل خلال هذه السنوات من انجازات”، وأضاف “أسأل القوى السياسية المخاصمة لنا، أنتم خلال السنوات الماضية وكنتم بأغلبكم بالسلطة من ثلاثين سنة وأربعين سنة مثل حزب الكتائب، ماذا فعلتم؟”.
وأوضح سماحته أنّه “منذ ثلاثين سنة لم يطالب أحد من حزب الله الدولة اللبنانية بحماية المقاومة بل إنّ المقاومة هي التي حمت البلد والدولة. والمقاومة اليوم ضمن المعادلة الذهبية هي التي تحمي البلد”.
وتابع “ما نقوله اليوم أن تنتخبونا لكي يكون لنا حضور في الدولة لنمنع أحد أن يستخدم الدولة لطعن المقاومة، وفي العام 1993 وخلال حرب تموز عام 2006 كاد أن يحصل هذا الأمر، ولو لم نكن غائبين عن حكومة 5 ايار 2008 ما كانت حصلت 7 أيار”.
وبالنسبة للعدوان السعودي على اليمن، ذكّر السيد نصرالله بأنّ السعودية شنت حربًا وعدوانًا مدمرًا على اليمن، وسأل “أليس من يشنّ حربًا عربية عربية هو من يخرّب العلاقات العربية أو من يأخذ موقفًا مع المظلومين والمعتدى عليهم ويطالب بوقف العدوان؟، مَنْ يخرّب العلاقات العربية، مَنْ فتح الباب على حرب كونية على سورية واستخدم جيوشه لذلك أم من دعم سورية ودافع عنها؟”.
وأكّد سماحته أنّ “النتيجة السياسية بالهدنة في اليمن صنعها الشعب اليمني بصموده وشجاعته، ونحن سعداء بالهدنة ونأمل أن تفتح بابًا للحوار السياسي والوصول إلى الحلّ السياسي ومدخلاً لوقف الحرب والحصار وهذا كان موقفنا من أول يوم شُنّت فيه هذه الحرب على الشعب اليمني.
وتوجّه السيد نصرالله بنصيحة للحكام في السعودية قائلاً بأن لا تراهنوا على التفاوض مع آخرين غير المجلس السياسي اليمني الأعلى وحركة أنصار الله والطريق الوحيد للحلّ السياسي هو التفاوض المباشر مع هؤلاء ولا تنتظروا من أحد من أصدقائهم أن يضغط عليهم.
وفي سياق آخر، قال السيد نصر الله: “نستحضر اليوم ذكرى الشهيد السيد محمد باقر الصدر ، وما زال تراثه حاضر بقوّة حيث كان بمستوى الأمة والمستضعفين ومسؤوليتنا جميعًا أن نعلّي اسمه واسم أخته الشهيدة ونحافظ على تراثه ونواصل دربه”.