عودة سفير السعودية لإدارة الانتخابات.. وبو حبيب: استحقاق الخارج مهدّد

اهتمت الصحف الصادرة اليوم في بيروت بعودة السفيرين السعودي والكويتي إلى لبنان بعد أشهر من رحيلهما، في دلالة واضحة على فشل الحصار الخليجي الذي رعته الرياض، وسط حديث أن سبب عودة وليد البخاري هو لإدارة العملية الانتخابية بالتنسيق مع رئيس حزب “القوات” سمير جعجع، والنائب السابق فؤاد السنيورة.
إلى ذلك برز تحذير وزير الخارجية عبد الله بو حبيب من تهديد محتمل للاستحقاق الانتخابي في الخارج، وذلك على بعد شهر ونيف من حلول موعد 15 أيار.
وكان بارزًا على الساحة المحلية أيضًا الاتفاق المبدئي الذي وقعته الحكومة اللبنانيّة وبعثة صندوق النقد الدولي، وإمكانية طرحه في الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء، في حين كان الشأن القضائي – المصرفي أيضًا متصدرًا في الواجهة، مع كلام عن طلب محتمل لوزير العدل هنري خوري لتحويل القاضية غادة عون إلى هيئة التفتيش القضائية.

“الجمهورية”: بو حبيب يحذّر: انتخابات الخارج مهدّدة

مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية في ايار، تشتد وطأة التحدّيات اللوجستية والمالية التي تواجه هذا الاستحقاق، في دولة متهالكة وخزينتها خاوية.

لئن كان العدّ العكسي للانتخابات النيابية قد بدأ، وبالتالي فإنّ القوى الداخلية تتصرف على أساس انّها حاصلة في موعدها.. الّا انّ فرضية تأجيلها او تقلّص فرص نجاحها لا تزال متداولة، ليس فقط بسبب الاحتمالات السياسية والأمنية التي قد تطرأ، وإنما ايضاً نتيجة الخشية من عدم اكتمال الجهوزية اللوجستية والمالية في الوقت المناسب.

وضمن هذا السياق، تواجه انتخابات الخارج المقرّرة في 6 و 8 ايار المقبلين اختباراً صعباً قد يهدّد حصولها، ما لم يتمّ تدارك النقص في جزء أساسي من التغطية المالية التي تحتاج اليها، إذ هناك صعوبات مادية حقيقية تواجه الجانب اللوجستي والإجرائي، خصوصاً المتعلق منه بنقل صناديق الاقتراع ذهاباً وإياباً، وذلك بسبب عجز الدولة عن تسديد الدولار «الفريش» والنقدي.

وتؤكّد وزارة الخارجية من ناحيتها انّها أنجزت كل ما يتوجب عليها لإتمام الاستحقاق في دول الاغتراب، بحيث باتت الكرة الآن في ملعب الحكومة ومصرف لبنان لتأمين السيولة الضرورية، خصوصاً بالدولار.

وبينما تستعد الوزارة لتسلّم نحو 600 صندوق اقتراع من وزارة الداخلية الاسبوع المقبل، فإنّه ليس معروفاً بعد ما إذا كانت هذه الصناديق ستصل الى حيث يجب، مع استمرار العجز حتى يوم امس عن تسديد كلفة نقلها الى الخارج ثم إعادتها.

وعلى الرغم من انّ وزير الخارجية عبدالله بوحبيب كان قد طلب من الأمم المتحدة والدول المانحة المساعدة في سدّ النقص المالي، الّا انّه لم يلق بعد أي تجاوب عملي، ما دعاه إلى رفع الصوت ودقّ ناقوس الخطر، محذّراً من انّ انتخابات الاغتراب ستكون مهدّدة ما لم يتمّ التحرك العاجل للمعالجة.

ويقول بوحبيب لـ»الجمهورية»: «لقد طلبنا كوزارة خارجية موازنة مقدارها أربعة ملايين ونصف مليون دولار لتنظيم الانتخابات في الخارج، الّا انّ وضع الدولة معروف، وآلية الدفع بطيئة جداً والدولار الفريش غير متوافر بسهولة. لذلك، تواصلت مع ممثلي المجتمع الدولي من وزراء وسفراء ومنظمات تابعة للأمم المتحدة، وقلت لهم انّ واقعنا المالي متعثر ونريد مساعدتكم لإنجاز الاستحقاق الانتخابي في الخارج».

ويوضح بوحبيب انّ «الدولة خصّصت لنا ثلاثة ملايين دولار، الّا انّها لا تكفي لتغطية كل النفقات. ثم إنّ هذا المبلغ ليس جاهزاً للصرف الفوري بسبب التعقيدات المعروفة، علماً اننا وفي إطار التقشف طلبنا من السفراء توظيف علاقاتهم ومعارفهم من أجل تأمين قاعات مجانية لوضع صناديق الاقتراع فيها بدل استئجارها في مقابل مادي كما كان يجري قبلاً».

ويشير بوحبيب الى انّ عدداً من السفراء اللبنانيين المعتمدين في دول تضمّ نسبة واسعة من الناخبين، راجعوه وأبلغوا اليه انّهم لن يستطيعوا استكمال الترتيبات الضرورية لإنجاز العملية الانتخابية إذا لم يجر مدّهم بالاعتمادات اللازمة. ويضيف: «المشكلة الأصعب التي تواجهنا حالياً تتعلق بتأمين كلفة نقل صناديق الاقتراع بواسطة شركة «دي. أتش. أل». وكنت قد اقترحت على ممثلي دول غربية دعمنا عبر تمويل هذا الشق الذي يتطلب اكثر من نصف مليون دولار، فأجابوني بأنّهم إذا اعطونا المال سيظهرون وكأنّهم يتدخّلون في الانتخابات، فعرضت عليهم ان يدفعوا الى الشركة مباشرة، إذ اني لا اريد ان أتسلّم المال، وما يهمّني هو اكل العنب وليس قتل الناطور، لكن بعضهم اعتبر انّ المسألة صعبة».

ويشدّد بوحبيب على وجوب إيجاد حل سريع لهذه المشكلة «لأنّ الوقت يداهمنا»، قائلاً: «اريد حلاً». ويكشف انّه تمّ جمع تبرعات بقيمة 150 الف دولار من المغتربين حتى نستطيع إنشاء غرفة تحكّم الكتروني في وزارة الخارجية لمراقبة الانتخابات التي يفترض ان تتمّ في الخارج. ويلفت الى انّ إجراء الانتخابات خارج لبنان يتطلب الاستعانة بأكثر من 2000 موظف سيتوزعون على عدد كبير من «الميغاسنتر» وأقلام الاقتراع، وهؤلاء يجب أن نسدّد لهم بدلات اتعابهم في حين انّ الدولة لا تدفع اصلاً رواتب ديبلوماسييها او تتأخّر كثيراً في تسديد المستحقات، والملحقون الاقتصاديون على سبيل المثال لم يقبضوا رواتبهم منذ فترة، ما دفع بعضهم الى الاستقالة».

“اللواء”: عودة السفيرَيْن السعوديّ والكويتيّ بالتزامن مع اتفاقيّة الصندوق تسليم بفشل الحصار
على خلفيّة الفشل الإسرائيلي، يبدو لبنان بمقاومته على موعد مع الاستحقاق الانتخابي، أمام فرض فشل جديد للرهان الإسرائيلي على تحجيم المقاومة وحلفائها، عبر الاستثمار على الحصار الماليّ الذي فرضته واشنطن، والحصار السياسي والدبلوماسي والاقتصادي الذي فرضته حكومات الخليج، وبتزامن لافت جاءت خطوتان متلاحقتان على محوري الحصار لإعلان مرحلة جديدة؛ الأولى كانت عودة السفيرين السعودي والكويتي وإعلان نهاية الأزمة مع لبنان دون حدوث أي متغيّر يطال ما وصفه أصحابها بالأسباب يوم أعلنوا الخروج من لبنان وإغلاق أسواق بلادهم أمام بضائعه، والدعوة لملاحقة مقاومته وإسكاتها، والذي حدث فعلياً في ملف اليمن الذي قيل إنه محور الأزمة، هو أن السعودية وحلفاءها هم مَن تراجع وليس قوى المقاومة في لبنان وغير لبنان، والثانية إعلان صندوق النقد الدوليّ الموافقة على إعلان اتفاق مع لبنان على قرض مبدئيّ بقيمة ثلاثة مليارات دولارات، قيمته بأنه وفقاً للشروط المعلنة من دول الخليج يفتح لها الباب لتقديم مساهمات مالية واقتصاديّة، طالما تمّ توقيع الاتفاق مع الصندوق، وتسلك اتفاقات الغاز مع مصر والكهرباء مع الأردن طريق التطبيق، وسواها من الخطوات التي تخفف قبضة الحصار، وتعلن سقوطه كخيار سياسي كانت له وظيفة جوهريّة وهي تأليب الناس على المقاومة وتحميلها مسؤولية الانهيار. وتزامن الخطوتين على مسافة أسابيع من الانتخابات النيابية يقول إن الخشية من فوز ساحق للمقاومة وحلفائها بعد فشل الحصار يدفع بالمحور المناوئ للمقاومة للعودة الى الخطة القديمة، وهي الاحتواء بدلاً من الإسقاط، مع توقعات تدفق المال الانتخابي في محاولة التأثير على مجريات التصويت في دوائر حرجة، خصوصاً مع حجم الضغوط المالية التي يعيشها اللبنانيون.

مصادر دبلوماسية وضعت زيارة البابا فرانسيس تحت عنوان واحد مع الخطوتين، أي وصول معلومات للفاتيكان عن زوال العقبات التي كانت تحول دون الزيارة الهادفة لخوض غمار البحث عن تسوية سياسية تمهد للانتخابات الرئاسية المقبلة، والتسوية فرضية تستدعي الحديث عن شريك، والشريك هو الطرف الذي كان الحصار يراهن على إسقاطه ويسلم اليوم بفشل خطة الإسقاط، وربما يحتاج لطرف ثالث ليست لديه ثقافة العداء مع المقاومة وحلفائها، وقادر على لعب دور الوسيط لإنتاج تسوية، ففتحت الطرق للزيارة وصارت لها جدوى وأمامها فرص.

بالتوازي توقفت مصادر مالية أمام ما نشر في بيان صندوق النقد الدولي حول شروط القروض واعتبرت انها إنصاف ورد اعتبار ولو متأخر لحكومة الرئيس حسان دياب، فمضمون الشروط يكاد يكون نسخاً لعناوين خطة التعافي التي أقرّتها حكومة دياب قبل سنتين وخيضت عليها حرب شعواء قادها ثلاثي حاكم مصرف لبنان وجمعية المصارف ولجنة المال النيابية، في محاور الدعوة لهيكلة القطاع المصرفيّ وتحديد وتوزيع الخسائر والكابيتال كونترول وتوحيد سعر الصرف، مع فارق ما فعلته السنتان من تعميق الأزمة، ونزيف الودائع لتغيير قيمة الخسائر، وارتفاع سعر الصرف عشرة أضعاف.

بعد إعلان الدول الخليجية إعادة العلاقات الديبلوماسية مع لبنان، وصل أمس السفير السعودي وليد بخاري ونظيره الكويتي عبد العال القناعي الى بيروت، نشر البخاري صورة تجمع علمَي لبنان والسعودية، عبر حسابه على «إنستغرام»، في خطوة لافتة تؤكد العودة الخليجية إلى بيروت. وهذه الصورة تُعَد التعليق الأول للبخاري على خطوة السعودية.

وربطت أوساط مطلعة عودة السفراء الخليجيين بالانتخابات النيابية، مشيرة لـ”البناء” الى أن “السعودية تعمّدت إبراز العودة الجماعية للسفراء الخليجيين لا السعودية فقط، لئلا تنكشف أهدافها الانتخابية بخطوة العودة الى لبنان”، وتساءلت الأوساط: ما الذي تحقق من الشروط الاثني عشر التي وضعها مجلس التعاون الخليجي في الورقة الكويتية سوى وقف بعض الحملات الإعلامية ووقف تهريب المخدرات الى المملكة؟ مضيفة: لو لم يكن السبب الانتخابي هو المرجح، فلماذا جاء توقيت العودة قبل الانتخابات بشهرٍ واحد؟ في وقت كان بإمكان المملكة تأجيل العودة لما بعد الانتخابات لكي يتضح المشهد الانتخابي والسياسي الجديد.

ولفتت الأوساط إلى أن “السعودية وبعد نقاشات مع الأميركيين وجدت أن بقايا فريق 14 آذار ومجموعات المجتمع المدني، لن تستطيع الصمود أمام تحالف فريق حزب الله وحلفائه والتيار الوطني الحر، فقرّرت دعم هذا الفريق للحفاظ على بعض التوازن بين الفريق الأميركي في لبنان وتحالف حزب الله، ولذلك عادت المملكة للرهان على أن يُحدث هذا الفريق خروقاً بارزة في جدار أحزاب فريق المقاومة في الانتخابات، وبالتالي إضعاف حزب الله في بيئته وتقليص كتلة التيار الوطني الحر في الساحة المسيحية، استعداداً للاستحقاقات السياسية المقبلة.. تكليف رئيس للحكومة وتأليف حكومة جديدة وانتخاب رئيس للجمهورية في تشرين المقبل”.

وعلمت “البناء” أن السفير السعودي مكلف بإدارة الانتخابات بالتنسيق مع رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع والرئيس فؤاد السنيورة عبر غرفة عمليات مشتركة تصدر التعليمات والتوجيهات للقوى المنضوية تحت لوائها وتُشرف على توزيع المساعدات المالية للناخبين تحت عنوان مساعدات العائلات الفقيرة.

ورحّبت وزارة الخارجية والمغتربين بإبلاغها رسمياً بعودة سفير الكويت عبد العال القناعي الى مركز عمله في بيروت، وقدرت “عالياً الجهود كافة التي بذلتها الدبلوماسية الكويتية لمد جسور الحوار والتواصل مع الأشقاء في دول الخليج”. وقالت الخارجية في بيان: “يجمعنا بالكويت تاريخ طويل من المواقف المشرفة والاحترام المتبادل، وننتهز هذه المناسبة لشكر وتقدير الدور الكويتي المنفتح والبناء الهادف الى صون وتعزيز العلاقات بين الأشقاء العرب كافة”.

وبقي الاتفاق المبدئي الذي وقعته الحكومة اللبنانيّة وبعثة صندوق النقد الدولي، الحدث الأبرز، وذلك بعد عشرة أيام من الاجتماعات والمناقشات، وتشير مصادر حكومية لـ”البناء” الى أن “الاتفاق المبدئيّ يشكل خارطة طريق للنهوض الاقتصادي بالبلد وتحديد ما هو مطلوب من الحكومة ومن الصندوق للانتقال الى مرحلة الاتفاق التنفيذي”، لافتة الى أن “الإصلاحات الرئيسية لمختلف القطاعات، وخاصة القطاع المالي والمصرفي هي جسر العبور لالتزام إدارة صندوق النقد بوعودها بالدعم المالي”.

من جهتها، أوضحت جهات اقتصادية شاركت في جانب من الاجتماعات مع بعثة صندوق النقد لـ”البناء” الى أن وبعد توقيع الاتفاق الأولي عادت بعثة الصندوق لمراجعة إدارتها وتضعها في تفاصيل الاتفاق على أن تربط عودتها الى لبنان بما سيقوم به مجلسا الوزراء والنواب لجهة البنود الإصلاحية، لا سيما الموازنة والكابيتال كونترول وإعادة هيكلة المصارف”.

وفي هذا السياق وفي خطوة تؤشر لملاقاة الاتفاق، أحال رئيس مجلس النواب نبيه بري مشروع القانون المعجل الرامي الى وضع ضوابط استثنائية وموقتة على التحاويل المصرفية والسحوبات النقدية (الكابيتال كونترول) الى اللجان المشتركة. ومن المتوقع أن تعقد اللجان جلسة الأربعاء المقبل لدراسة هذا القانون.

لكن خبراء اقتصاديين وماليين يشيرون الى صعوبة إنجاز الحكومة والمجلس النيابي كل هذه البنود والقوانين الإصلاحية التي لطالما شكلت مصدر انقسام حادّ بين القوى السياسية، لا سيما الكابيتال كونترول والموازنة، مشيرين لـ”البناء” الى أن “طريق الإنقاذ لا يزال طويلاً ومعبداً بالعقد والعراقيل التي ستوضع أمام خطة الإصلاح والتعافي المالي، لا سيما أن جهات سياسية ومالية عدة لا مصلحة لها بحصول هذه الإصلاحات. متسائلة: هل من أوصل البلد الى هذا الدرك من الانهيارات المتعددة سيملك مفاتيح الإنقاذ؟ خصوصاً في ظل هذا الحجم الهائل للأزمة المتشعبة والمتشابكة”. ويضيف الخبراء الى أن “الاتفاق المبدئي سيبقى حبراً على ورق في حال لم يقترن بإصلاحات سريعة تلاقي مطالب الصندوق ووعوده”، لكن الخبراء يحذرون أيضاً من بعض المطالب التعجيزية الواردة في الصندوق التي لا يتحملها المواطن في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة، خصوصاً ما يتصل بالإصلاحات في القطاع العام ما سيؤدي الى الاستغناء عن جزء من موظفي القطاع العام، فضلاً عن إدراج أنواع من الضرائب سترهق المواطنين وتأكل ما تبقى من مال في جيوبهم، عدا عن وقف الاستقراض من مصرف لبنان ما يعني الرفع الكامل للدعم عن كامل السلع والمواد الغذائية الأساسية حتى القمح.

وشكّكت مصادر سياسية بإمكانية تمرير هذه البنود في مجلس النواب بسبب معارضة كتل نيابية عدة. وأوضحت مصادر مطلعة لـ”البناء” إلى أن “حزب الله سبق وأعلن أنه ليس ضد مبدأ المفاوضات مع صندوق النقد، ولن يعلق على الاتفاق المبدئي الذي وقعته الحكومة مع بعثة الصندوق، لكن سيطلع على الشروط المطلوبة لاحقًا عندما يتحول الاتفاق الى تنفيذيّ ويرتب مفاعيل وتداعيات مالية واقتصادية، لذلك لن يستبق الحزب الموقف ويعرقل أو يرفض أي اتفاق تمهيدي، إذ أن لا بديل عن صندوق النقد حتى الآن لتأمين دعم مالي لتمويل المشاريع الاقتصادية في لبنان، مع تأييد الحزب بحسب المصادر لإقرار القوانين الإصلاحية كالموازنة والكابيتال كونترول ورفع السرية المصرفية، لكن أن لا تأتي على حساب جيوب الناس وأموال المودعين.

وبرزت سلسلة تصاريح بارزة لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي عبر عن أمله في “تلبية الشروط المسبقة التي يحدّدها صندوق النقد الدولي في اتفاق على مستوى الخبراء، مع لبنان من أجل الحصول على موافقة المجلس التنفيذي للصندوق على برنامج”. وقال لـ”رويترز”: الاتفاق مع صندوق النقد حدث إيجابي للبنان، وسيساهم في توحيد سعر الصرف. وأضاف: المصرف المركزي تعاون مع الصندوق وسهّل مهمّته.

وكشف سلامة “أن احتياط الذهب لدى البنك بلغت قيمته 17.547 مليار دولار أميركيّ حتى نهاية شهر شباط الماضي، ليحافظ لبنان على موقعه كصاحب ثاني أكبر احتياط من الذهب في المنطقة العربية بثروة تقدر بحوالي 286 طناً من الذهب”. وقال سلامة في تصريح لـ “مكتب وكالة أنباء الشرق الأوسط” في لبنان “إن إجمالي الاحتياط النقدي من العملات الأجنبية بلغ 12 ملياراً و748 مليون دولار حتى نهاية شهر شباط الماضي”. أضاف: “أن حجم محفظة الأوراق المالية المملوكة لمصرف لبنان بلغت حتى نهاية شهر شباط الماضي 4 مليارات و197 مليون دولار والتي تشمل سندات اليورو بزيادة طفيفة عن شهر كانون الثاني الماضي».

وأوضح “أن تحويلات اللبنانيين العاملين في الخارج بلغت حوالي 6 مليارات و400 مليون دولار خلال عام 2021”. وشدّد على “أن ما تمّ تداوله حول إفلاس المصرف المركزي غير صحيح”، مؤكداً “أن المصرف يمارس دوره الموكل إليه بموجب المادة 70 من قانون النقد والتسليف وسوف يستمرّ في ذلك، على الرغم من الخسائر التي أصابت القطاع المالي في لبنان”.

“الأخبار”: تأديب غادة عون لإخراجها: «تخريجة» لحماية رياض سلامة والمصارف؟

بعد سعيٍ دؤوب لمنع المدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون من استكمال تحقيقاتها في ملف تهريب الأموال، وجدت السلطات السياسية والقضائية والمالية والإعلامية ضالّتها في خطأ شكلي ارتكبته. فهل تكون هذه «تخريجة» لـ«تنييم» ملف التحقيق مع رياض سلامة والمصارف؟

بـ«السراج والفتيلة» تبحث المنظومة السياسية – المالية – القضائية – الإعلامية عما يدين القاضية الوحيدة التي تجرّأت على المس بحاكم المصرف المركزي وشقيقه وشركائه وتهريب المصارف أموال المودعين، ويبدو أنها وجدت «ضالّتها» أخيراً في ذريعة سفر المدعية العامة لجبل لبنان القاضية غادة عون من دون إذن، والمسّ بسمعة قاض زميل لها.

قد تكون عون ارتكبت خطأ شكلياً، ومن المؤكد أنها أخطأت بقبولها الظهور إلى جانب المرشّح للانتخابات النيابية عن طرابلس عمر حرفوش، إلا أنّ المفاجئ أنّ التفتيش القضائي الغارق في سبات منذ فترة طويلة لم يوقظه أيٌّ من ملفات الفساد وسرقة أموال المودعين، استيقظ فجأة على خطأ شكلي، وقرّر رئيس الهيئة بركان سعد أن يضرب بسيف السلطة المالية – السياسية لتأديب من تجرّأ على التغريد خارج سرب القضاة الصامتين، مدعوماً بموقف زملائه في مجلس القضاء الأعلى الذين طالبوا بمحاسبة عون والقاضي فيصل مكي وإحالتهما على المجلس التأديبي. وتترافق إحالة أي قاض على المجلس التأديبي عادة مع طلب وزير العدل كفّ يده ووقفه عن العمل إلى حين صدور القرار، ما يعني إطاحة ملف التحقيق مع حاكم المصرف المركزي رياض سلامة الذي تتولّاه غادة عون. وهنا بيت القصيد. إذ قد تكون هذه هي التخريجة التي سُرِّب إلى بعض المصارف أخيراً أن العمل جارٍ عليها لتجميد القاضية عون، علماً بأن مجلس القضاء نفسه الذي استنفر لمحاسبة عون، سبق أن عقد تسويات مع قضاة فاسدين وسمح لهم بالاستقالة هرباً من المحاسبة مع ضمان تقاضيهم رواتبهم التقاعدية. والقيّمون على السلك القضائي أنفسهم لم يُحرّكوا ساكناً لملاحقة قضاة عدلياً رغم ثبوت تورطهم في ملفات فساد كبيرة من قبض رشى وخدمات جنسية وتذاكر سفر وأونصات ذهب لتغيير بعض الأحكام.

وكانت عون قد زارت مجلس الشيوخ الفرنسي، الأسبوع الفائت، بناءً على دعوة رسمية أكّدت لـ«الأخبار» أنها أبلغت وزير العدل هنري خوري بها عبر الهاتف، وأنّها تقدّمت بإذن سفر أيضاً. ترافقت الزيارة مع نشر فيديو لها تحدثت فيه عن ارتهان بعض القضاة وسطوة السياسة وعن خوف بعض القضاة بما يحول دون إحقاق الحقّ. استنفرت هذه التصريحات أهل القضاء والسياسة والإعلام، فاتصل وزير العدل الموجود خارج لبنان برئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود الذي طلب من رئيس هيئة التفتيش القضائي إحالة عون على مجلس تأديب القضاة «بسبب سفرها من دون إذن رسمي وإدلائها بشهادات مسيئة ضدّ قضاة لبنانيّين».

مصادر مجلس القضاء الأعلى أكّدت أن القاضية عون «اتصلت فعلاً بوزير العدل لإبلاغه بتلقيها الدعوة فطلب منها أن ترسل له نصها، إلا أنها لم تفعل. وعندما عاود سؤالها عنها لم تُجبه، وسافرت من دون إذن خطي أو حتى موافقة عبر الهاتف. بناءً على ذلك، رأى وزير العدل أن لا وجود لدعوة من مجلس الشيوخ الفرنسي لأن دعوات كهذه تُرسل عبر وزارة العدل قبل أشهر من موعد المؤتمر، وليس بشكل شخصي إلى القضاة قبل أيام قليلة من الموعد المحدد».

وعلمت «الأخبار» أنّ وزير العدل سيطلب فور عودته من السفر تحويل القاضية عون إلى هيئة التفتيش لسفرها من دون إذن رسمي. وأوضحت المصادر أن الإجراءات ضدها مردها الملابسات التي رافقت الزيارة، منها إشارتها إلى أن القاضي بيار فرنسيس طلب التنحي عن ملف رجا سلامة لأنه خاف، وتصرفها كإعلامية وليس كقاضية في حفل عشاء تحدثت خلاله عن الفساد القضائي واستنسابية القضاة، وتسريبها معطيات خرقت سرية التحقيق خلال حديثها عن ملف رجا سلامة». يُضاف إلى ما سبق، وجود عدد كبير من الشكاوى في سجل القاضية عون أمام هيئة التفتيش القضائي، علماً بأن عدداً كبيراً من هذه الشكاوى كيدي ومرتبط بفتحها ملفات المصارف.

عون أكدت أنها ستذهب إلى هيئة التفتيش القضائي الأسبوع المقبل، وردت على الحملة التي شُنّت ضدها بنشر نصّ الدعوة التي تلقّتها من نائبة رئيسة لجنة القوانين في مجلس الشيوخ الفرنسي ناتالي غوليه. وأكدت لـ«الأخبار» أنّها أبلغت وزير العدل هاتفياً بالدعوة، وأرسلت له طلباً خطياً بذلك قبل أسبوع. كما أبلغت مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات الذي «أجابني: الله معك». واستغربت خبر إحالتها الى مجلس التأديب من قبل هيئة التفتيش قبل أن تستمع اليها أصلاً، مؤكدة أنها لم ترتكب أي خطأ بقبول دعوة غوليه بصفتها منظّمة للمؤتمر الذي يُعقد بمبادرة من حرفوش. أما في ما يتعلق بالصورة التي انتشرت لها شابكة ذراعها بذراع حرفوش، فلفتت إلى أنّها تعاني كسراً في قدمها، وكان حرفوش يساعدها أثناء سيرها.