زيارة الرئيس الأسد إلى الإمارات: قراءة في الحيثيات والأبعاد

محمد عيد

لا تزال زيارة الرئيس بشار الأسد إلى دولة الإمارات العربية المتحدة تشغل المراقبين في سوريا والإمارات ودول الإقليم والعالم. الزيارة التي فتحت عليها الولايات المتحدة النار يبدو أن لها ما بعدها ليس على مستوى العلاقات الثنائية بين البلدين فحسب بل على مستوى العلاقات الإقليمية في ظل مجاهرة إماراتية بالرغبة في عودة دمشق للجامعة العربية بعيدًا عن سياسة الاملاءات التي حاول العرب فرضها عليها ولم يجدوا إلى ذلك سبيلًا.  

تجاوز التحفظات الأمريكية

عضو مجلس الشعب السوري مهند الحاج علي أكد أن دولة الإمارات التقطت اللحظة التي تمكنت فيها من أن تقول للولايات المتحدة الأمريكية إنه بات لها سياستها الخارجية الخاصة بها في العلاقة مع سوريا وهي في الأساس لم تحاكِ بعض جيرانها الخليجيين في فعل كل شيء لتدمير سوريا بل أبقت على العلاقات قائمة حتى قبل فتح سفارتها في دمشق سواء فوق الطاولة أو تحتها.
 
وأشار الحاج علي في حديثه الخاص بموقع “العهد” الإخباري  إلى أنه “يحسب للإمارات أنها سبقت غيرها من الدول العربية التي قاطعت سوريا في استشراف آفاق التحولات الدولية التي أعادتها إلى دمشق من موقع من لم تتلطخ يداه بدماء السوريين وهذه المسألة تركت صداها لدى الشعب السوري الذي عانى ما عاناه من عقوق بعض أشقائه العرب الذين انتهكوا كل المحرمات في مسعاهم لإسقاط سوريا خدمة لأعداء الأمة.

عضو مجلس الشعب السوري رجح في حديثه لموقعنا أن تعقب هذه الزيارة إلى دولة الإمارات زيارة أخرى يقوم بها الرئيس بشار الأسد إلى بلد خليجي آخر في ظل تململ بعض الدول العربية من محاولة عاصمة خليجية واحدة “فرض رؤيتها”  على الجميع بخصوص العلاقة مع سوريا.

وحول الرفض الأمريكي المعلن لاستقبال الإمارات للرئيس الأسد لفت الحاج علي في حديثه لموقعنا إلى أن التطورات الأخيرة على مستوى العالم والاقليم وخيبة حلفاء أمريكا من مساندتها لهم وسعت هامش المناورة بالنسبة للبعض فتجاوزوا تحفظاتها بما يخدم مصلحتهم بالدرجة الأولى وتعاطوا مع الاعتراض الأمريكي على أنه شكلي ليس إلا، ولعل هذا ما يفسر التموضع الحالي لدول الخليج وعدم الاصطفاف التام وراء واشنطن في صراعها مع روسيا التي تخوض حرب الدفاع عن سيادتها في أوكرانيا.

سياسة واقتصاد

المحلل السياسي طالب ابراهيم أشار في حديثه الخاص بموقع “العهد” الإخباري إلى أن زيارة الرئيس بشار الأسد إلى الإمارات تأتي وسط ظروف دولية واستثنائية متشابكة وهي تعبر عن رغبة سوريا والإمارات في تعميق التعاون الذي لم ينقطع بينهما طيلة فترة الأزمة باستثناء مرحلة قصيرة جداً، كما أنه يعبر عن رغبة عربية جماعية في العودة إلى سوريا التي ربما أراد العرب أن يخرجوها من الجامعة العربية فكانت النتيجة أن خرج العرب من الملف السوري ولم يعد لهم أي تأثير.

وحول الجانب الاقتصادي المتعلق بالزيارة توقع ابراهيم أن تكون لهذه الزيارة أبعاد اقتصادية بسبب حرص الإمارات على المشاركة في إعادة إعمار سوريا، كما أن هناك الكثير من المشاريع الاستثمارية الإماراتية هي قيد التنفيذ الآن في سوريا مثل المحطة الكهروضوئية القريبة من دمشق وأعتقد أن الإمارات لن تلتزم بقانون قيصر ولا بالعقوبات والإرهاب الاقتصادي الأمريكي على سوريا وهذا أمر سينعكس بشكل من الأشكال وبصورة إيجابية على الوضع الاقتصادي في سوريا وفي عموم المنطقة لأن الأمن الاقتصادي والغذائي في سوريا مرتبط بشكل كبير مع دول الجوار.