الأزمة لن تقتصر على الطحين والزيت.. إليكم المواد المتأثّرة بالحرب الأوكرانيّة

جاء في “المركزية“:

وصلت شظايا الحرب الروسية على أوكرانيا إلى الاقتصاد العالمي، الذي اهتزّ بعد أن تحوّلت الأزمة بين البلدين إلى دولية، مؤثّرةً على بورصات العالم. وبالطبع لم يسلم لبنان المرهق اصلاً بأزماته الداخلية المتشعّبة من ذيول هذا الواقع. فارتفاع أسعار النفط عالمياً سيؤدي حتماً إلى تضخم ضمني تكون له تداعيات داخلية ضخمة بسبب الفساد المتحكّم بمفاصل الدولة، ويتوقع الخبراء الاقتصاديون أن تشهد الأسعار ارتفاعاً بالدولار. كذلك، عرض السلع والمواد الأساسية وتحديداً الغذائية منها في خطر، مقابل توقّعات بارتفاع في الطلب وسط الأخبار عن خلل في التموين وتهافت الناس على الشراء قبل فقدان السلع أو ارتفاع سعرها. وأوّل معالم تأثّر السلع بالحرب كان بدقّ أزمة القمح ومعه الطحين على الأبواب اللبنانية ويليهما الزيت مع الحديث عن أن سائر المواد الغذائية في خطر إن كان لناحية توفر الكميات اللازمة لسد الحاجة المحلية أو لناحية الأسعار. فما مصير الأمن الغذائي؟ وكيف يمكن قراءة واقعه؟

نقيب مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي يوضح لـ “المركزية” أن “كلّ الزيت النباتي في السوق المحلية مستورد، وحتّى الصناعة المحلية تعتمد على استيراد الخام من الخارج. بالتالي، تشمل الأزمة المستورَد والمصنَّع محلّياً من الزيت”، لافتاً إلى أن “لبنان يستهلك تقريباً 100 ألف طن من الزيت سنوياً من أصناف عدّة: دوار الشمس، الذرة، الصويا والكانولا. 85 إلى 90% منها من النوع الأوّل تقربياً، وأكثر من 80% من كميات زيت دوار الشمس تصل من أوكرانيا وروسيا سواء كان خاما للتكرير المحلّي أو مصنّعا في الخارج. لذا، المشكلة كبيرة في السياق، فالحركة من أوكرانيا معطّلة راهناً ولا نعرف ما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع. بعض الشحنات الحاضرة للشحن توقفت وبعضها لا علم لنا إن كان خرج من المصانع أو موجودا في المرافئ أو على البواخر… وبعض الشحنات قد تكون معطّلة بسبب عدم تسديد ثمنها إذ لا يوجد من يتسلّم الأموال ويرسل المستندات للمستوردين، ما يعني أن كلّ البضائع التي لم تصل بعد إلى مرفأ بيروت في خطر، لا لأنها معرّضة للتلف، بل كون وضعها الراهن لا يزال مجهولاً”.

ويشير بحصلي إلى أن “لا يمكن إحصاء كميات الزيت الموجودة في لبنان أو التي من المفترض أن تصل، لأن عدد المستوردين بالمئات وما من مرجعية محدّدة لاستيراد المادة. لكن، الخلل في التوريد قائم من ناحية العرض ويتخطّى أوكرانيا وروسيا كون الأزمة عالمية، إذ على غرار النفط، تخربطت اسعار الزيوت وارتفعت عالمياً، بالتالي الاتّجاه إلى مصدر آخر مثل تركيا أو مصر سيواجه على الأغلب باحتمالين: قول البلد المورّد أن لا بضائع كافية لديه، أو إعلام التاجر بان الأسعار ارتفعت تبعاً لحركة العرض والطلب”، مضيفاً “توجد أسواق بديلة لأوكرانيا وروسيا إلا أن وضع الطلبيات والاستيراد يستغرق حوالي أربعة أشهر للوصول إلى لبنان. ونحن على مشارف رمضان، فطلبيات البضائع التي تصل اليوم وضعت منذ أشهر وليس من السهل الاستيراد في ظلّ أزمة كالتي نعيشها”.

صحيح أن المشكلة الأساسية في القمح وبعده الزيت، “إلا أن أسعار الحبوب (عدس، ذرة، حمص، جوز، لوز…) على اختلافها ارتفعت أيضاً كون أوكرانياً تعدّ مخزناً لهذه السلع والمصدّر الأساسي لها”، يقول بحصلي، متابعاً “الاختلال في توريد البترول والقمح والزيوت يعني مباشرةً أن المشكلة العالمية كبيرة وتنعكس على كلّ السلع والحاجيات الأخرى”.

أما بالنسبة إلى اتّهام التجار باحتمال احتكار السلع ورفع الأسعار، فيعلّق النقيب لافتاً إلى “أننا في أزمة ولا يمكن ان نتوقّع العيش في ظروف طبيعية. من المهم النظر إلى الأمور من عين واقعية، فالحلقة التموينية تكون بين بضائع في طور التصنيع وأخرى على طريق وصولها أو في المرافئ أو في المستودعات، بالتالي إذا اختلّت كل الحلقة من باب قوّة قاهرة وعلقت شحنات المستورد في الخارج لا يمكنه تلبية طلبات المصانع والتجار الداخلية بسبب الظروف القاهرة وليس بناءً على رغبته الخاصة قرر إقفال مستودعه ووقف التسليم”. ويختم “من الطبيعي عند اختلال ميزان العرض والطلب أن تتأثّر الأسعار ولكن الأهمّ اليوم توافر البضائع. نحن في حالة ترقّب لأننا لم نسمع بعد أخبار تدمير مصانع أو بواخر شحن، اي لا تزال موجودة لكن نشاطها مجمّد في الوقت الحاضر، في انتظار ما يمكن أن تحمله الأيام المقبلة من تطوّرات إذ ممكن أن يُستأنف نشاط التصنيع والاستيراد”.