التعليم المدمج..كيف ستراقب وزارة التربية التزام المدارس بالتدابير الصحية؟

فاطمة سلامة / العهد

يُحكى في الأوساط التربوية عن إرباك تعيشه بعض المدارس مع قرب التوجه نحو التعليم المُدمج. الأعباء ضاغطة والمرحلة تتطلّب اتخاذ أعلى درجات الحذر والجهوزية. المطلوب تأمين عام دراسي مرن يجمع بين التعليم عن بعد والحضوري. تماماً كما أن المطلوب مراعاة مصلحة التلميذ التربوية من جهة والصحية من جهة أخرى. وعليه، لا تبدو المهمة سهلة خصوصاً في المدراس الرسمية حيث أعداد التلامذة في بعض الأحيان تفوق النسبة المقبولة، ما يعني حكماً أن تلك المدارس أمام عدة تحديات على رأسها تأمين التباعد الاجتماعي. 

وعلى بعد أيام من بدء المدارس بمهمة التعليم المدمج -اللهم إلا اذا جاءت التوصية مسبقاً بالعودة الى التعلم عن بعد بشكل كلي- يُطرح سؤال رئيسي: كيف ستراقب وزارة التربية التزام المدارس الرسمية والخاصة بالتدابير الصحية؟ وهل لديها الإمكانيات لذلك؟. 

الخوري: كل قرار في وزارة التربية يراعي مختلف الأزمات

مديرة الإرشاد والتوجيه في وزارة التربية والتعليم العالي الأستاذة هيلدا الخوري تستهل حديثها بالإشارة الى ضرورة الأخذ بعين الاعتبار بأننا في لبنان لا نتحدث فقط عن “كورونا” بل عن أزمة صحية ترافقها أزمة اقتصادية حادة، أتت عقبهما أزمة تفجير المرفأ التي أرهقت القطاع الصحي بشكل كبير، لهذه الأسباب -تقول الخوري- فإنّ كل قرار في وزارة التربية يبحث مختلف الجوانب والأزمات. 

 التعليم المدمج..كيف ستراقب وزارة التربية التزام المدارس بالتدابير الصحية؟ 

فريق ثابت وآخر جوال لمتابعة ومراقبة التدابير الصحية 

كيف ستراقب وزارة التربية مسألة الالتزام بالتدابير الصحية في المدارس الرسمية والخاصة؟، توضح الخوري في إجابتها أننا وضعنا بروتوكولاً صحياً موسعا وسلساً. هذا البروتوكول سيتدرب عليه شخصان من كل مدرسة؛ المرشد الصحي وشخص آخر يتم تكليفه من المدير، بالإضافة الى إخضاع مدراء المدارس للتدريبات اللازمة التي ستبدأ الأسبوع المقبل. بموازاة ذلك، سيقوم فريق الإشراف الصحي (حوالى 70 شخصاً) بزيارة المدارس للاهتمام بمتابعة قضية الالتزام بالتدابير الصحية.

أما المدارس الخاصة، فسيتولى الصليب الأحمر مهمة التدريب، وقد يتم إرسال جهات من وزارة التربية لمراقبة تطبيق الإجراءات على أن تتولى مصلحة التعليم الخاص مسؤولية مراقبة التدابير في التعليم الخاص. تماماً كما يتولى الإرشاد والتوجيه مع الوحدات الإدارية الإشراف على المدارس الرسمية. 

اذا وصل الوضع الصحي الى مكان سيء سيعاد النظر بالتعليم المدمج 

وتلفت الخوري الى أنه وعندما أعلن وزير التربية طارق المجذوب في المؤتمر الصحفي بدء التعليم المدمج أكّد أنه سيصار الى إنجاز تقييم أسبوعي للوضع الصحي وبناء عليه ستتخذ القرارات. وهنا تشدّد المتحدّثة على أن وزارة التربية في نهاية المطاف ليست وزارة صحة وبالتالي فإن القرارات التربوية ستكون مرهونة بقرار لجنة متابعة التدابير والإجراءات الوقائية لفيروس “كورونا” والتي تضم كافة المراجع. بتقدير الخوري، اذا وصل الوضع الصحي الى مكان سيء سيعاد -بطبيعة الحال- دراسة القرار التربوي بالتعليم المدمج. لكنّ الخوري تستطرد بالسؤال:” ماذا نفعل في حال استمرّ فيروس “كورونا” على المدى البعيد؟. برأي الخوري، فإنّ التعليم عن بعد لن يحل مكان التعليم المباشر حتى ولو ارتبط الأمر بأفضل المدارس لأن التفاعل غير موجود، والتعليم لا يلحظ فقط جانب المعارف بل يرتبط بالكفايات وكيفية التصرف في المجتمع والأخلاقيات ولا نستطيع اكتساب هذه الأمور كلها عبر التعلم عم بعد.

اعتمدنا السيناريو الذي فضّله نظام الترصد الوبائي في وزارة الصحة

وتذكّر الخوري بسيناريو المدارس الرسمية للتعليم المدمج، موضحةً أنّ جميع مراحل التعليم العام بدءاً من الروضات وصولاً حتى الثانويات ستعتمد على أسلوب تعليمي يقوم على أسبوع تعليم حضوري، وأسبوع تعليم عن بعد، وهذا ما فضّله نظام الترصد الوبائي في وزارة الصحة. وتشير الخوري الى أنّه سيتم تقسيم كل شعبة في المدارس الرسمية الى مجموعتين، مجموعة تأخذ تعليماً حضورياً في الأسبوع الأول، والمجموعة الثانية في الأسبوع الثاني. بهذه الطريقة -تقول الخوري- نكون قد حافظنا على مبدأ التباعد الاجتماعي نظراً لتواجد نصف أعداد التلامذة في الصف. أما فيما يتعلق بدوام الأساتذة، فسيكون 80 بالمئة منه للتعليم الحضوري، و20 بالمئة لمتابعة المجموعة التي تتلقى التعليم عن بعد. وتوضح الخوري أن التعلم عن بعد لا يعني فقط التعلم التزامني أي جلسة أونلاين بين التلميذ والطالب، بل قد يرسل الأستاذ المواد التربوية والأنشطة. 

سنلحظ مسألة الدعم النفسي 

وحول جهوزية المدارس، تشير الخوري الى أنّ وزارة التربية ولدى إعلانها عن مواعيد بدء التدريس المدمج حدّدت العودة الى المدارس بشكل تدريجي، بحيث نبدأ بصفوف الشهادات الرسمية، عقبها صفوف الثانوي، ومن ثم المتوسط والابتدائي فالروضات. داخل الصفوف لا نحتاج الى التحضير الصعب -تقول الخوري- ولكن نحتاج الى التدريب والتمرين، وهذا الأمر سنواكبه كوزارة بحملة توعية للأهل والتلامذة والمجتمع، وعليه لن تكون التوعية صحية فقط، بل ستلحظ مسألة الدعم النفسي.

سألناها: هناك حديث في الأوساط التربوية عن إرباك في بعض المدارس والثانويات؟، فردّت الخوري بالقول:” بالمنطق، ما تتعرّض له المدارس حول العالم لم يعتد عليه أحد سابقاً، لذلك فإن كافة البلدان -وليس في لبنان فقط- تعيش إرباكا نوعا ما. علينا الأخذ بعين الاعتبار أنّ المدرسة بعد كورنا ليست كما قبلها، والمطلوب التكيف مع هذا الأمر في حال هدأت الأوضاع الصحية”. 

سيجري دعم صناديق المدارس والثانويات الرسمية 

وفيما يتعلق بتعامل الوزارة مع قدرة المدارس الرسمية اليوم والتي تبدو ضعيفة لناحية تأمين التجهيزات واللوازم الضرورية للالتزام بالبروتوكول الصحي، توضح الخوري أنّ وزارة التربية ستؤمّن للمدارس الرسمية الكمامات ومعقّمات اليد والتنظيف. أما فيما يخص دعم صناديق المدارس، فتلفت الخوري الى أنّ وزير التربية طلب المساعدة من الدول المانحة وقد جرى تحويل 8 مليون دولار الى مصرف لبنان لتوزيعها على المدراس والثانويات الرسمية لدعم الصناديق الخاصة بها، وسيتبعها مبالغ أخرى. 

الصحة أولوية 

ورداً على سؤال: ما الظروف التي سيتم على أساسها العودة الى التعليم عن بعد كلياً؟، تلفت الخوري الى أن وزارة التربية لا تقرر بمفردها بل تحتكم الى قرار لجنة الكورونا في مجلس الوزراء، وعليه اذا ساء الوضع الصحي، فإنّ صحة التلامذة -بنظرنا- أهم من التعليم، أما اذا كان الوضع الصحي سانحاً فليس من الصعب الالتزام بالإجراءات لأنه ورغم  خطورة أزمة كورونا فإن تدابيرها ليست صعبة. برأي الخوري، الصحة أولوية واذا سمحت الظروف الصحية فمن الضروري التعود على الاجراءات، ولكن أن ننتظر حتى يسجّل عداد كورونا صفر إصابات لفتح المدارس ففي هذا الأمر مخاطرة بالتعليم خاصة أن لا رؤية واضحة في هذا الصدد، وقد يستغرق الفيروس سنوات حتى يزول. وعلى كل حال تضيف الخوري :”علينا انتظار قرارات المراجع الصحية وبناء على تقييماتها الأسبوعية نتصرّف”. 

وفي الختام، تشدّد الخوري على أن المدرسة بعد كورونا لن تكون كما قبلها، وكل الثقة والاتكال على الهيئة التعليمية هذا العام للتكيف مع الوضع حفاظاً على العلم، ذلك الكنز الوحيد الموجود حالياً.