في ظلّ ازدياد منسوب التوتّر بسبب تفاعل الأزمة الأوكرانية، تتكثّف الاتصالات بين الرؤوساء الغربيين وموسكو على خلفيّة التخفيف من حدّة التوتّرات بين موسكو والغرب حول أوكرانيا وسط المزاعم الغربية عن تخطيط روسيا لـ”غزوها”، وهو ما نفت موسكو صحته، مؤكّدة أنّه “من أجل تهدئة التوتر، من الضروري أولًا وقبل كل شيء إجبار كييف على الامتثال لاتفاقيات مينسك (حول تسوية الأزمة في جنوب شرق أوكرانيا)”، بحسب مسؤول رفيع في الخارجيّة الروسية.
وجديد التطوّرات حول هذه الأزمة المتفاعلة، أجرى الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والفرنسي إيمانويل ماكرون اليوم السبت مكالمة هاتفيّة استغرقت ساعة و40 دقيقة أكّد ماكرون خلالها أنّ “الحوار الصادق لا يتّسق مع التصعيد”، بحسب وكالة “فرانس برس” نقلًا عن الرئاسة الفرنسية.
وأكد قصر الإليزيه أنّ الرئيسين أعربا عن رغبتهما في مواصلة الحوار حول “سبل تنفيذ اتفاقات مينسك” لتسوية النزاع في شرق أوكرانيا و”شروط الأمن والاستقرار في أوروبا”.
وسبق أن أكّد الكرملين أنّ ماكرون الذي زار موسكو مطلع الأسبوع الجاري سيتواصل مع الرئيس بوتين هاتفيًّا بعد اختتام مشاوراته مع الحكومة الأوكرانية والإدارة الأمريكية والحلفاء الأوروبيين.
ومن المقرر أن يجري بوتين في وقت لاحق من اليوم السبت اتصالًا آخر مع نظيره الأمريكي جو بايدن.
وفي الإطار نفسه، أفادت وزارة الدفاع الروسيّة بأن وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو بحث مع نظيره الأمريكي، لويد أوستن، اليوم السبت، عبر الهاتف، القضايا الأمنيّة ذات الاهتمام المشترك، فيما لفت السكرتير الصحفي للبنتاغون، جون كيربي إلى أنّهما “ناقشا حشد القوات الروسية في شبه جزيرة القرم وحول أوكرانيا”، على حد تعبيره.
وفي السياق ذاته، يُشار أيضًا إلى أنّ وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن ناقش، في مكالمة هاتفيّة اليوم السبت، مع نظيره الروسي سيرغي لافروف “مخاوف شديدة.. من أنّ روسيا ربما تدرس إمكانية شن المزيد من العدوان العسكري على أوكرانيا في الأيام القادمة”، حسبما أفادت الخارجية الأمريكية.
وشدّد بلينكن، وفقًا للبيان الأمريكي، على أنّ المسار الدبلوماسي لا يزال متاحًا لتسوية الأزمة، غير أنّ ذلك “يتطلّب من موسكو خفض التصعيد والانخراط في مناقشات مبنيّة على حسن نية”.
من جانبه، انتقد لافروف بشدّة المزاعم التي ترد على لسان كبار المسؤولين الغربيين عن تخطيط موسكو لغزو أوكرانيا، مشيرًا إلى أنّ هذه الحملة الدعائية لها غايات استفزازية وتحرض حكومة كييف على تخريب اتفاقات مينسك واللجوء إلى محاولات لتطبيق “حل عسكري” لقضية دونباس.
بعد بريطانيا.. الولايات المتحدة تعلن سحب 160 عسكريًّا من أوكرانيا
في غضون ذلك، أعلنت وزارة الحرب الأمريكية “البنتاغون” أنّ الوزير لويد أوستن وجّه بسحب 160 من المدربين والمستشارين العسكريين الأمريكيين من أوكرانيا.
وأشارت الوزارة إلى أنَّ “أوستن أمر بإعادة الانتشار المؤقت لـ160 جنديًا من الحرس الوطني في فلوريدا، تم نشرهم في أوكرانيا منذ أواخر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي”.
وكان قد أعلن نائب وزير الحرب البريطاني جيمس هيبي أنَّ “المدربين العسكريين البريطانيين في أوكرانيا لتدريب جيشها على استخدام صواريخ مضادة للدروع سيغادرون في 12 – 13 شباط/فبراير الجاري”.
وأضاف هيبي في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”: “سيتم سحب جميع المدرّبين، لن يكون هناك أيّ عسكري بريطاني في أوكرانيا في حال نشوب نزاع مسلح”، بحسب زعمه.
وتابع ردًا على سؤال حول موعد مغادرة المدرّبين العسكريين البريطانيين أوكرانيا: “سيغادرون خلال عطلة نهاية الأسبوع”.
موسكو تردّ على واشنطن وتوضّح الأسباب التي قد تخفّف التوتر حول أوكرانيا
في ظل هذه الأجواء المتوترة والهجمة الإعلامية الغربيّة، تنفي موسكو مزاعم كييف والدول الغربية إزاء الزيادة المزعومة في “الأعمال العدوانية” من قبل روسيا على حدود أوكرانيا. وتشير إلى أنَّ “هذه الاتهامات زائفة، وأنها لا تهدد أحدًا ولا تنوي مهاجمة أحد”، مؤكّدة أن هذه المزاعم ذريعة لنشر المزيد من المعدّات العسكرية الأطلسية قرب الحدود الروسية.
إلى ذلك، حدّد مسؤول رفيع في الخارجية الروسية عدّة شروط لا بدّ من تحقيقها للوصول إلى انفراج الوضع حول أوكرانيا، وذلك وسط مزاعم غربية باحتمال “غزو روسيا” لأوكرانيا في غضون أيّام معدودة.
وقال أليكسي بوليشوك مدير الدائرة الثانية لبلدان رابطة الدول المستقلة بالخارجية الروسية: “من أجل تهدئة التوتر، من الضروري أولًا وقبل كلّ شيء إجبار كييف على الامتثال لاتفاقيات مينسك (حول تسوية الأزمة في جنوب شرق أوكرانيا).
وأضاف بوليشوك في تصريح لوكالة “نوفوستي”: “كما أنّه من الضروري أن تتوقف دول “الناتو” عن إمداد أوكرانيا بالأسلحة، وأن تسحب المستشارين والمدربين العسكريين، وأن تتخلى عن أيّ مناورات مشتركة في أوكرانيا وأن تسحب من أراضيها كافة الأسلحة التي سبق تسليمها”.
وتابع: “وأخيرًا، يتعين على “الناتو” رفض قبول أوكرانيا في صفوفه. في المقابل، يجب أن تعود كييف إلى الوضع الحيادي بعيدًا عن التكتلات، والذي تم تكريسه في إعلان سيادة دولة أوكرانيا عام 1990″.