تحت ذريعة العشوائية والحاجة إلى التطوير، أقدمت السلطات السعودية على تشريد مواطنيها في مدينة جدة غرب المملكة من منازلهم عبر هدمها وإزالة أحياء واسعة في المنطقة.
أعمال هدم أحياء مدينة جدة تأتي في وقتٍ أطلق فيه ولي العهد محمد بن سلمان مشروعًا استثماريًا جديدًا لتشييد أربعة معالم رئيسية عالمية، هي: “دار أوبرا، ومتحف، واستاد رياضي، والأحواض المحيطية والمزارع المرجانية”، بالإضافة إلى 10 مشاريع ترفيهية وسياحية نوعية، ضمن مشاريع رؤية 2030.
وحتى اللحظة، هجَّر ابن سلمان ما يزيد عن مليون مواطن، من دون تأمين أيِّ ملاذٍ أو ملجأ لهذه العوائل أو حتى تعويضهم أو إعطائهم مهلة لإيجاد بدائل للسكن عوضًا عن بيوتهم التي تعرّضت للهدم بشكلٍ كامل.
أمانة جدة وضعت شروطًا لتقديم التعويضات لأصحاب المنازل المُهدّمة، لكن حتى الآن لم يستلم أحدٌ مبالغ التعويض، ليعرف المواطنون إن كانت ستفي تلك المبالغ بشراء عقار في مكان آخر أم لا.
وقال المتحدث الرسمي لأمانة جدة محمد البقمي أنَّ عدد الأحياء المستهدف إزالتها على مستوى محافظة جدة، بلغ أكثر من 60 حيًا، ويجري العمل الآن على أكثر من 13 منها، فيما لا يزال العمل مستمرًا ليغطي جميع الأحياء، وذلك بما فيها من مساكن، مدارس، مساجد، مستشفيات مشاريع تجارية، قطاعات صحية، ومقابر، دون أدنى اعتبار لكافة تبعات هذا التهجير.
والجدير ذكره أنَّ المناطق المُستهدفة تحوي مبانٍ حديثةً ومجمعات تجارية كلَّفت أصحابها الملايين، لكن مشاريع ابن سلمان الاستثمارية تبقى أولى من شعب المملكة!
وأثارت حملة التهجير غضب الناشطين السعودين الذين نددوا بخطط السلطات السعودية، في حين نشر مغردون مقاطع فيديو لأثاث السكان الملقى في الشوارع، وسط مطالباتٍ بوقف الهدم أو التعويض على الناس.
وكانت السلطات قد هجّرت أهالي منطقة الخربة التابعة لمدينة تبوك شمال غرب المملكة مطلع العام 2020 لضمها إلى مشروع مدينة “نيوم” التي يريد ابن سلمان جعلها قبلة للسياحة والأعمال في المنطقة.
وشهدت المنطقة حينها الحادثة الأبرز بمقتل عبد الرحيم الحويطي الذي رفض التوقيع على الحصول تعويضات مقابل إخلاء منزله، وقال الأهالي آنذاك إن مشروع “نيوم” غير مبرر لإزالة منازلهم التي لا تؤثر على سير الأعمال.
ويُذكّر المشروع الحالي في جدة بتجريف السلطات لمئات المنازل وسط القطيف قبل نحو سنتيْن وتحديدًا في شارع الثورة لتهجير آلاف السكان وهدم حيّ المسورة في العوامية عام 2017.