13 أيلول.. الدم يضيء مقاومة

أمير قانصوه / العهد

حدث ذلك بعيد ظهر الاثنين في 13 أيلول 1993، مشهدان يختصران التاريخ الحديث، بين السلّة والذلّة، بين العار والكرامة، وبين من اتّخذَ المقاومة سبيلاً الى غدٍ أفضل، وبين من ارتضى الذلّ والهوان لينسف التاريخ والحاضر، وليصنع وجها آخر لمستقبل.. يشبه شتات العرب.

مشهدان كانا حاضرين في 13 أيلول، السلطة الفلسطينية في أوسلو توقّع على اتفاقية سلام مع الاحتلال الاسرائيلي، وفي بيروت ثلة من المقاومين توقع بالدم رفضها لاتفاقية العار ولتسوية لن تعيد للفلسطينيين حقوقهم.. وستبدد أحلامهم.

مشهدان متناقضان، لو شئنا أن نقرأهما بعد 28 عاماً، لخلصنا الى أن المقاومة التي انتهجها الرافضون لاتفاقية أوسلو، والذين لم يبخلوا بدمائهم، هو الخيار الذي أثبت صوابه، وأن من ذهب الى الخنوع للعدو لم يحصد غير الخيبة.

فالمقاومة منذ عصر 13 أيلول 1993، تنتقل من انتصار الى آخر، وخطها وفكرها يترسخ أكثر فأكثر على امتداد ساحات المواجهة مع العدو.
والمصادفة أن هذه الذكرى تأتي اليوم متزامنة مع الاحتفالية الخليجية والاميركية بالتطبيع الاماراتي – الاسرائيلي، الذي ينتظر أن يتمدد الى البحرين والسعودية، وهو أمر لم يكن مستغربا عن مشيخات لو قدر لها لسبقت السلطة الفلسطينية الى أوسلو، ولكانت أول الموقعين على صكوك السلام مع الاحتلال الصهيوني.

الغريب أن هذه المشيخات تأخرت كل هذا الوقت، وهي التي طوال تاريخها تقف في صف الدول الراعية للاحتلال والعصابات الصهيونية، ولا توفر فرصة لضرب المقاومة وحركاتها.

لقد قال شهداء 13 أيلول: عبّود خليل عبّود، نزار حسين قانصوه، علي طعّان طويل، سكنة شمس الدين، حسن بزّي، سمير وهب، صباح علي حيدر، محمد عبد الكريم، مصطفى شمص ، تحت جسر المطار في بيروت كلمتهم بقوة حناجرهم ودمائهم، وصرخة الرفض التي أطلقوها في وجه العالم لا زال صداها يتردد، كما أن دمهم المضيئ على امتداد كل تلك السنوات من الزمن المقاوم، حاضراً دائما في وجه كل أولئك الذين يروّجون لهوان الأمة ويطبلون لسقوطها أمام أميركا وأعوانها.

لم يستطع كامب ديفيد أن يعطي “اسرائيل” الأمان الذي كانت ترجوه، ولم يأخذ أوسلو الأمة الى حيث كان يشتهي صانعوه، ولن يستطيع كل أولئك المسارعين الى تل أبيب أمس واليوم وغداً أن يغيروا وجه المستقبل..

المستقبل لكل أولئك الذين يصرخون هيهات منّا الذلة، ومسارهم دائماً حي على خير العمل.. مقاومة.