كنز أثري وتاريخي مهمل في أقصى #الجنوب. لعلها العبارة الأكثر تجسيداً لما يُعرف بـ”نفق رأس البياضة” الذي كان يمر عبره #قطار عكا – #بيروت. الوصول إلى النفق ليس بالأمر اليسير في ظل غياب أي لوحة أو إشارة تدلك على الطريق، كما يمكنك الشعور بالإهمال الذي يُصيب المكان بكل تفصيل تراه من غياب الإنارة على الطريق العامة وصولاً إلى عدم تنظيف الطريق المؤدي إلى النفق، وهذا ما قد يُبرر غياب وسائل الإعلام عن أحد أجمل المعالم التاريخية في المنطقة.
الوصول إلى سكة القطار
وكما أن الوصول إليه صعب، فإن الدخول أكثر صعوبة، فالظلام الدامس يغطي أرجاء النفق في حين يخترق ضوء خفيف منتصفه من إحدى الفتحات. السكة الحديد غابت لتحل مكانها الأحجار المتبعثرة والتراب الجاف، فضلاً عن خطورة وجود أي حيوان في الداخل.
قصة النفق تعود إلى العام 1943 حيث أصدر المفوض السامي الفرنسي قرارين حملا الرقم 159 و160 أنشأ بموجبهما القطار تحت رمز (ن ب ط) أي ناقورة – بيروت – طرابلس. التاريخ الذي أنشئ فيه القطار، أي في ذورة الحرب العالمية الثانية، يمكن أن يدل على وجهة استخدامه التي تمثلت في نقل جنود الحلفاء وإمداداتهم، فضلاً عن أهداف عسكرية أخرى، ليتوقف العمل به بعد احتلال فلسطين.
قصة النفق
العمل بالنفق لم يتجاوز العام الواحد، وهذه السرعة القياسية في إنشائه تعود إلى استعانة البريطانيين بآلاف العمال من دول مختلفة، وفي مقدمتها لبنان وفلسطين. كما أقاموا 15 جسراً وجدراناً مساندة على طول سكة الحديد لصد الأمواج البحرية. وبات هذا النفق الذي يحتوي على سكة حديد تصل بين البياضة والناقورة من أكبر الأنفاق في لبنان، إذ إنه يخترق الجبل الصخري الأبيض الذي يُشرف على مدينة صور والساحل الجنوبي.
على الطريق العام المقابل لمدخل النفق يقف الرجل الخمسيني أبو علي مسلماني أمام “فان الإكسبرس” الخاص به بحيث تقف بين الحين والآخر سيارة ليشتري روادها المياه والقهوة. يشرح مسلماني أن “المنطقة تكتظ بالسائحين في فصل الربيع”، كما يلفت إلى أن “حجم الإهمال يُصيب المنطقة وليس سكة الحديد فقط، فماذا يمنع الدولة من الاهتمام بهذا الشاطئ من خلال زراعة أشجار الكينيا والقصب وجرف الرمال؟”. كما يرفض مسلماني الجواب الرسمي الدائم “بعدم وجود تمويل”.
موقع سياحي من الجانب الآخر
وفي الوقت الذي يُعاني هذا المعلم من إهمال كامل، فإن الجزء الآخر منه بات مقصداً لآلاف السائحين، حيث قامت إسرائيل بإنشاء “تلفريك” بحيث يقوم بإنزال السائحين إلى الكهوف والمغاور البحرية، كما يتضمن عروضاً ضوئية وصوتية، وقطاراً هوائياً بطول 102 مترين يسمح بمشاهدة جمالية المنطقة البحرية المميزة بنقاوة مياهها ووجود حيوانات بحرية نادرة مثل السلحفاة البحرية.
أسباب الإهمال!
يوضح رئيس بلدية شمع عبد القادر صفي الدين أن المنطقة غنية بالمعالم التاريخية والطبيعية التي تُشكل مقصداً للسائحين من مختلف المناطق اللبنانية، وفي الوقت عينه يعترف بـ”الإهمال الكبير الذي يحيط بالنفق”، ويشرح أن سبب ذلك يعود “لدواعي أمنية” مفضلاً عدم الدخول بتفاصيل. كما يُشير عبد القادر إلى أن البلدية سبق أن قدمت منذ 5 سنوات طلباً إلى الوزارات المعنية بإنشاء “تلفريك يوصل بين الجبل الصخري والبحر، إلا أننا لم نحصل على الموافقة لأسباب غير معروفة”، كما يبدي استعداده لإعادة تحريك ملف القطار ليشكل نقطة جذب سياحية.