د. محمود جباعي / العهد
ما زال سعر الصرف الرسمي في لبنان على حاله الى الآن أي 1507 ليرات للدولار الواحد، علمًا أن السعر الفعلي للدولار قد تخطى اليوم 27000 ليرة للدولار الواحد في السوق الموازي. وما بين السعر الرسمي والسعر الفعلي تظهر عدة أسعار أخرى خلقها المصرف المركزي لعدة اعتبارات، مما ولّد حالة من التخبط النقدي أثرت سلبًا بشكل مباشر على حياة المواطنين. ومن هذه الأسعار سعر السحوبات النقدية 8000 ليرة للدولار الواحد حسب التعميم 151 وسعر 12000 ليرة للدولار الواحد حسب السحوبات النقدية وفق التعميم 158 وكذلك سعر منصة صيرفة الذي يتراوح حاليًا بين 22000 و23000 ليرة للدولار الواحد، ما يؤكد بشكل قاطع أنه لا توجد امكانية في الوقت الحالي لتوحيد أسعار الصرف أو تقريب الفجوة بينها بسبب كثرة المضاربين في الأسواق على سعر صرف الليرة اللبنانية مما ساهم في تدهورها وتدميرها.
سعر الصرف الرسمي غير واقعي.. ولكن
صرّح حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة أن سعر الصرف الرسمي الحالي لم يعد واقعيًا، وهذا الأمر من الناحية العملية يعتبر صحيحًا. والحقيقة، بغض النظر عن المسببات الرئيسية التي أدت الى انهيار سعر صرف الليرة، والتي يتحمل مصرف لبنان نفسه المسؤولية الأولى عنها من خلال سياسته النقدية، إلا أنه أصبح لزامًا اليوم تعديل سعر الصرف الرسمي. لكن قبل ذلك يجب أن تطلق الحكومة اللبنانية خطة تعافٍ اقتصادي واضحة وشاملة تسبق الحديث عن أي تعديل في سعر الصرف الرسمي، على أن تكون هذه الخطة مبنية على اتفاق واضح مع صندوق النقد الدولي يضمن ضبط السعر الفعلي في السوق الموازية بالتزامن مع ثلة اصلاحات متكاملة تساهم في اطلاق عجلة النمو الاقتصادي نحو الأمام عبر التركيز على تطوير الاقتصاد المنتج والمستدام مراعيةً بذلك موضوع الأجور والرواتب التي تقهقرت قدرتها الشرائية بشكل كبير بفعل الانهيار النقدي الحاصل، لأن أي تعديل في سعر الصرف الرسمي من دون اجراءات عملية واضحة ستساهم حتمًا في حصول المزيد من الانهيار في سعر صرف الليرة وبالتالي المزيد من التضخم والفقر والبطالة.
انعكاسات رفع سعر صرف الدولار الرسمي
يدور الحديث اليوم حول امكانية رفع سعر الصرف الرسمي الى 6 آلاف أو 8 آلاف ليرة لبنانية للدولار الواحد، لكن هذا الاجراء إن تم من دون خطة شاملة سوف يؤدي الى انعكاسات سلبية على المواطنين تتمثل بـ:
1- ارتفاع قيمة الديون المستحقة على المقترضين بالدولار في كافة المجالات علمًا أن التسديد كان ما زال الى اليوم وفق سعر صرف 1507 ليرة للدولار الواحد.
2- تغيير في قيمة عقود الايجار السكنية والتجارية التي كانت تعتمد على سعر صرف 3900 ليرة في المرحلة الماضية.
3- ارتفاع تسعيرة المكالمات الهاتفية والخليوية لأن الفواتير سوف تحتسب وفق السعر الرسمي الجديد.
4- ارتفاع تسعيرة اشتراك الانترنت في المنازل وكذلك ارتفاع فاتورة اشتراك “الستالايت” المنتشر في لبنان.
5- ارتفاع كلفة كافة الرسوم المحررة عند كتاب العدل في شتى المجالات.
6- ارتفاع كلفة التسجيلات العقارية لأن وزارة المالية سوف تستوفيها حسب السعر الجديد.
7- ارتفاع أسعار كافة السلع والخدمات بسبب ارتفاع كلفة القيمة المضافة التي كانت تفرض على سعر صرف 1507.
8- ارتفاع كلفة تسجيل المركبات الخاصة وكذلك رسوم الميكانيك والمعاينة.
9- ارتفاع أسعار فواتير المياه والكهرباء التي ستستوفى أيضًا وفق السعر الجديد.
10- ارتفاع كبير في معدلات التضخم التي تخطت اليوم 300 % لكي تتخطى بعد تعديل سعر الصرف الـ 400%.
الواضح مما ذكرناه أعلاه أن أي تغيير في سعر الصرف الرسمي سيؤدي الى عدة انعكاسات سلبية على المواطنين مما سيساهم في حصول المزيد من الكوارث الاجتماعية لدى معظم فئات المجتمع، لذلك أي تعديل في سعر الصرف الرسمي يجب أن يترافق مع دراسات وخطط عملية تساعد على ترسيخ الحماية الاجتماعية وإلا سوف يؤدي ذلك الى المزيد من الدمار لفئة كبيرة من المواطنين.